غاب عنه التنويع في الأغاني وسيطرت عليه «الكلاسيكية»
«نوال 2013»... ألبوم بإيقاع واحد «ولا عزاء للأغنية الكويتية»
1 يناير 1970
07:27 م
| كتب صالح الدويخ |
من أصعب الأحكام التي قد يطلقها محبو الأغنية عموماً هو نجاح عمل فني من عدمه، ذلك بعد أن يستمع إليه مرات عديدة لاستيعاب فكرة كل أغنية على** حدة لناحية اللحن والكلمات وجماليات العِرَب وتنوّع المقامات، وألبوم قيثارة الخليج الفنانة نوال «نوال 2013» الذي طرح قبل أيام يحمل ثقلاً فنياً بالأسماء المشاركة من شعراء وملحنين وموزعين، وجهداً كبيراً في الأداء.
ولا شك، فإن لنجومية نوال وصوتها الدافئ وقعاً غير عادي على أذن المتلقي، خصوصاً أنها تمتلك إحساساً يشعر السامعين بأن ما تقدمه من أغنيات تقصدهم فيها، وهذا يدل على خبرتها التي امتدت على مدى ربع قرن مضيئة بالنجاحات وبريق يزداد توهجاً حيناً بعد حين.
وإذا استعرضنا محتوى الألبوم الجديد الذي ضم ثلاث عشرة أغنية، فقد ساد عليه اللون الكلاسيكي المحبب من حنجرة «أم حنين»، لكن السؤال المطروح هل أشبع هذا الألبوم شغف جمهورها الذي كان ينتظرها عامين؟
خاطري
أولى أغاني الألبوم «خاطري» من كلمات عبد الله الأسمري وألحان الأنين وتوزيع بشار سلطان والتي اتخذت مقام الكرد إضافة إلى بعض التحويلات في مقام البياتي، حاولت نوال من خلالها اختبار حبيبها إن كان ما زال يعشقها كالسابق أو تلاشى هذا العشق، واشترطت عليه أن يسهر ويستمع إلى حديثها بدلاً من أن تتحدث للظلام كحال كل ليلة.
موضوع بسيط يتناول حقيقة يعيشها العشاق بشكل يومي، فتقول كلمات الأسمري:
خاطري الليلة أسولف... حاسس بقلبي كلام
لو تحبني يا الله أسهر... لو تحبني لا تنام
يعني ما تقدر اتحمل... تنتظرني لين أكمل
ضاق صدري وأنا أحكي... كل ليلة للظلام
أبيك
هذه الأغنية موضوع مستقل بذاته كون نوال وجدت ضالتها في لحن المميّز ناصر الصالح الذي اعتمد على مقام «صبا» في دخول الموسيقى و«البياتي» في بداية كل «كوبليه» وبكلمات سلسة كتبها عبدالله بو راس بحرفية وبتوزيع متقن لمدحت خميس، وكان من المقرر أن يكون العنوان «الجروح صغار»، لكن تغيّر ذلك قبل طرح الألبوم بفترة قصيرة، كما زاد من استقلالية العمل صوت الصالح الذي كان ضمن الكورال، وهذه الأغنية كانت في كفة والبقية في كفة أخرى.
أبيك بجنبي الليلة... ترى كل الجروح صغار
كبير الجرح في ظنك... وأنا في ظني أصغرها
وخلي اللي سمع يسمع... أساسا ما بقى أسرار
غيابك كسر اسكاتي... وكل أسراري أظهرها
يحرم عليّ
أيضاً قدمت نوال أغنية بعنوان «يحرم علي» من كلمات العاني وألحان ماجد المخيني وتوزيع سيروس، وتقاسم فيها مقاما «صبا» و«البياتي» ما بين الدخول وغناء «الكوبليه»، وللكورال نصيب كبير في مشاركة نوال في هذا العمل، ما أضفى جمالاً فنياً على غرار «الديو»، وكانت معاني الأغنية رائعة إلا أن أقربها للمستمع:
تعال ولك قلبِ... أمر لبيك سمعا وطاعه
ما ينثني عزمه دهر... ولا يرده منّاعه
ولهان ومللني الصبر... وأنا انتظر على الساعة
والوقت عيّا لا يمر... وقلبي صبره ضيّعه
يا فاهمني
«يا فاهمني» من الأغاني التي حملت فكرة التقارب والتجانس بين طرفين، وهي من كلمات تركي وألحان طارق محمد وتوزيع اولجاي لأنار وشاشي، واعتمد فيها الملحن مقام الكرد وبعض التحويلات السريعة بمقام البياتي، ويقول مطلعها:
يا فاهمني... يا قاريني من عيوني
يا سامعني... يا واصل فكري وظنوني
يا شوق
أغنية «يا شوق» التي كتبها تركي ولحنها طارق محمد ووزعها وليد فايد، تعتبر الأغنية الأسرع إيقاعاً في الألبوم عن بقية أخواتها، وتقول كلماتها:
يا شوق اقلق منام... اللي نساني ذكره بي
فجر في قلبه الحنين... اللي لعب بي
جيبه اتفاهم معاه... جيبه ما غيرك قواه
لي في ذمته أحلام... قبل أموت ابحياها معاه
قصة حبي
قصة نجاحات نوال مع الشاعر ساهر طويلة، آخرها أغنية «قصة حبي» في هذا الألبوم وهي من ألحان صالح يسلم وتوزيع اسماعيل تونش، اللحن عادي جداً، والكلمة أنقذت ما اهدره يسلم إضافة الى الاداء، يقول مطلعها:
يا احلى منهو قال... كلمة انا اهواك
يا اغلى من بالكون... ما بقلبي حد وياك
يا غيمة عشق تحضني... وانا اتظلل بظلها
انت قصة حبي كلها... وانت كل حرف منها
لا تغلط
«افيه» غريب تستخدمه نوال في أغانيها للمرة الأولى من خلال أغنية «لا تغلط » وهي من كلمات تركي وألحان طارق محمد، لكن المعنى جميل جاء من باب النصيحة، وأجمل ما قيل في أبيات العمل:
احبس جروحك بروحك... قول على الله شكوتي
لا يهز الضعف نوفك... اصحك تغلط غلطتي
مستحيل أنساك
«مستحيل أنساك» من الأغاني الجميلة والتي اعتمد فيها الملحن مشعل العروج مقام راست، وهي من كلمات أحمد بن ظاهر وتوزيع اسماعيل تونش، ومن يسمعها هذه الأغنية سيسترجع أعمال نوال السابقة، يقول مطلعها:
على كثر الهموم اللي تجيني من هنا وهناك
حبيبي كل هم يهون يوم القاك قدامي
في غيابك
«في غيابك» من كلمات الشاعر ساري وألحان مشعل العروج، و نتوقع أن هذا العمل أخذ منه حيزاً كبيراً في تنفيذه إلا أنه لم يبعد كثيراً عن طريقة الأغاني السابقة، لكن أدت نوال الاغنية بالشكل المطلوب:
في غيابك... أحيا بأسبابك وأموت
... وما بقى في الصدر صوت
وعيّت اللحظة تمر وعيت الساعة تفوت
... في غيابك
وحشتني
في اغنية «وحشتني» أنعش الملحن مشعل العروج الكلمات بروح تركية بحتة من خلال بعض الآلات، وأهم ما قيل في الكلمات هي البداية:
وحشتني... وحشني حبك
وحشتني... كل ضحكة في قؤبك
عاد المكان اللي في قلبك
هو مكاني والا خذيته
طبعاً استبعدنا التطرق إلى أغنيتي «ليش» و«حالة حنان» فقد تم طرحهما قبل أشهر كنوع من جس نبض الجمهور، رغم ملاحظتنا أن الضغوط اللحنية والإيقاع ليس له أي علاقة بفن السامري الذي كان ينشده الملحن مشعل العروج في أغنية «حالة حنان» رغم تميّز الكلمات التي كتبها الشاعر القدير بدر بورسلي.
كذلك الجمهور يتساءل عن سبب أغلب الأغاني الهادئة في الألبوم على غير العادة، والحقيقة أن نوال ركزت على هذا الرتم والطبقة المنخفضة لتتناسب مع صوتها الذي عاد شيئا فشيئاً بعد تمارين قامت بها لفترة طويلة، وللأسف ابتعدت نوال عن التنويع في هذا الألبوم وهي تعرف تماماً تعدد الأذواق، فهناك من خابت آماله وهناك من أحب أغنية واحدة من بين ثلاثة عشر عملاً غنائي فظل يستمع إلى البقية، ولا ندري من يتحمل تبعات ما قدمته نوال في جديدها... هي أم من أشرف على الألبوم؟
الألبوم واجه عقبات كثيرة أولاها التأخير المتكرر في طرحه، إضافة إلى سحب الملحن سهم أعمال عدة لأسباب لا يعرفها سوى نوال ومشرف الألبوم، كما أنها استبعدت أغنية من كلمات وألحان الفنان بشار الشطي من دون أسباب بعد أن طلبت منه العمل في البداية وأصرت على أن يكون ضمن القائمة، ومع ذلك لم يتفوّه بشار بهذا الأمر لأحد احتراماً لمكانة نوال إلى أن تسرب الموضوع إلينا ونحن بدورنا نسأل: من كان وراء استبعاد أغنية الشطي؟ وهل كانت هناك تدخلات من المقربين من نوال أقنعوها بهذا التصرف؟
لسنا بصدد بث الإحباط في نفس «قيثارة الخليج» التي كانت وما زالت فنانة الخليج الأولى مهما نسب الآخرون لأنفسهم هذا اللقب، لكن انتظارنا لهذا الألبوم كان بمثابة ركلة جزاء في اللحظات الأخيرة من المفترض أن تنقذ الأغنية الكويتية، ونحن على يقين بأن نوال ستعي وتتقبّل ما نقول لمحبتنا لها كفنانة نشاركها الحرص في استمراريتها وحفاظها على قيمتها الفنية، ونتمنى أن تختار بنفسها أعمالها المقبلة وألا تُفرض عليها، والمجاملة في العمل الفني قد تكون نهاية لقصة استمتعنا بقراءتها وظلت حاضرة بأذهاننا حملت عنوان «قيثارة الخليج».< p>< p>