د. وائل الحساوي / نسمات / الرؤساء الأميركيون وجوه لعملة واحدة

1 يناير 1970 11:40 م

من المشاهد التمثيلية المرحة التي تعرضها محطة (MBC) التلفزيونية كانت هنالك مناظرة بين مرشحي الرئاسة الأميركية عن الحزب الديموقراطي أوباما وكلينتون، فسألهما المقدم عن موقفهما من الاقتصاد والرعاية الصحية والضرائب وكثير من الأمور فكانت الإجابات متضاربة، ثم سألهما: وما رأيكما في حماية أمن إسرائيل؟ فكانت نفس الاجابة من كل منهما والتهديد والوعيد لمن يعتدي على إسرائيل، فما كان من المرشحين إلا أن تركا المنصة ثم أخذا يتعانقان لاتفاقهما على قضية وحيدة.

أليس غريباً هذا الاصطفاف الأميركي تجاه إسرائيل إلى درجة عدم استطاعة أي مرشح أميركي أن ينطق بكلمة نقد لسياسة بلاده تجاه إسرائيل؟! وفي المناظرة الأخيرة للمرشحين أوباما وكلينتون تبارى الخصمان في اثبات ولائهما لإسرائيل فقال أوباما ان هجوما إيرانياً على أقوى حليف لنا (إسرائيل) غير مقبول وسنستخدم كافة الوسائل الملائمة لمنعه.

كما قالت كلينتون: ان هجوماً على إسرائيل سيؤدي إلى رد كثيف من الولايات المتحدة، واقترحت انشاء مظلة رادعة حول إسرائيل.

وفي اعتقادي ان الرئيس الإيراني نجاد من حيث يدري أو لا يدري فهو يدعم إسرائيل، فتصريحاته النارية عن تدمير إسرائيل وتحدي العالم تصب في جيوب الإسرائيليين أسلحة وطائرات ومعونات لحماية ذلك الكيان المصطنع من الخطر الإيراني المزعوم!! فالولايات المتحدة الأميركية قد ربطت مصيرها بهم ومهما تبدلت الإدارة الأميركية وتنوعت، فإن أمن إسرائيل هو الشرط الأول للنجاح في الانتخابات.

يقول الكاتب الأميركي (والتر ماكدوجال) الحاصل على جائزة بولتزر في التاريخ في كتابه (أرض الميعاد والدولة الصليبية) بأن مؤسسي أميركا قد اعتبروها (إسرائيل الجديدة) التي هاجروا إليها من أجل الحرية وإرساء قواعد السلوك الأميركي الخارجي التي تقوم على المثالية والنفعية والتجريبية، ولكن مع دخول القرن العشرين وتحول الولايات المتحدة إلى قوة عالمية، تحولت السياسة الأميركية من المثالية إلى الواقعية وتحسين العالم لخدمة التجارة الأميركية وتصدير الديموقراطية وحقوق الإنسان إلى الخارج.

وبذلك دخلت الولايات المتحدة طور (الامبريالية)، وأصبحت سياستها الخارجية قائمة على التناقض ما بين المثالية والواقعية. في تصوري بأننا قد بالغنا في الحديث عن المحافظين الجدد في الولايات المتحدة ودورهم المثير في دعم السياسات الصهيونية ودعم إسرائيل، لكن الواقع يشهد بأن جميع السياسيين في الولايات المتحدة خاضعون لتلك الآلة الإعلامية المدمرة وهيمنة رؤوس الأموال التي يمسك اليهود بزمامها بالرغم من قلة أعدادهم في أميركا، ولا يستطيع أحد التفلت من قبضتها مهما تغيرت الإدارات التي تصل إلى البيت الأبيض.

لقد أرسى الرئيس الأميركي ولسون قاعدة الالتزام الأميركي بالكيان الصهيوني من خلال التزامه بوعد بلفور ثم أصبح هذا الالتزام من ثوابت كل الرؤساء الذين جاؤوا بعده مثل روزفلت وترومان، وقد كان ترومان فظا للغاية في رسالته التي وجهها إلى الملك عبدالعزيز آل سعود عام 48 والتي اعتبر فيها انه من الطبيعي أن تشجع الادارة الأميركية هجرة اليهود من أوروبا إلى فلسطين لاقامة وطنهم القومي اليهودي، وقال انه «كمعمداني» يحس بشيء عميق له مغزاه في فكرة البعث اليهودي، والحديث يطول!!

أتمنى من الذين يبنون آمالاً عريضة على تغير إدارة بوش وقدوم رؤساء يدعمون الحق والعدل والسلام في فلسطين والدول العربية أن يعيدوا النظر في تفكيرهم وأن يتخلوا عن أحلامهم الوردية وأن يقرأوا حقائق التاريخ.


د. وائل الحساوي

[email protected]