أول من اقتناها الشيوخ ثم انتشرت في سيارات الشباب وسعرها يبدأ بـ 3 آلاف دينار

فهود ضارية في الكويت... تجارة وجذب للجنس اللطيف

1 يناير 1970 01:59 م
| كتب غانم السليماني |

قلق وطول انتظار ولحظات صعبة عاشها بوراشد انتظارا لخبر سعيد، وهو ما لاحظه جميع الحضور، وبعد برهة تهللت أساريره عقب اتصال هاتفي، سمعه الجميع: «أبشرك... الطلبية دخلت الكويت»، فتوجس الحضور خيفة، ولكن توجسهم لم يستمر كثيرا، إذ بادر بوراشد بالتوضيح «انها فهود مهربة عبر الحدود، اشتريتها من أحد تجار المملكة العربية السعودية»، ونزل الخبر بردا وسلاما على الجميع، وانطلقت «الراي» من هذا الخبر لتتقصى عن هذه التجارة المرعبة.

مثّل الموقف الذي جرى مع بوراشد حال الكثيرين من مربي الفهود في الكويت، فبرغم إدراجها ضمن اتفاقية «سايتس» التي تعتبر من أهم المعاهدات الدولية الخاصة بالحفاظ على الأنواع البرية من خطر الانقراض والتي تمنع بيع واقتناء الفهود، تعتبر تجارة رائجة في الكويت وتدر أموالا على أصحابها، الذين يرفض معظمهم التحدث بصورة رسمية عن الأماكن والمناطق التي توجد بها وطريقة شرائها خوفا من المساءلة القانونية.

وفي السنوات السابقة، كانت هواية تربية الفهود قاصرة على الشيوخ والتجار، ولكنها ما لبثت أن توسعت وأصبحت «New Look» في متناول الجميع، وخصوصا بعد أن اكتشف الكثيرون أن الفهود مهيأة للترويض والتربية في المنازل وقد تكون مرحة ومسلية أكثر من القطط، كما أن الطريق لجلبها أصبح متاحا دون مخالفات تذكر.

وبالبحث عن مصدر الفهود، تبين أنها تدخل الكويت عن طريق التهريب من السعودية آتية من اليمن، ويعتبر سوق جازان والخوباء من أشهر الأسواق التي تبيع الفهود، وهي منطقة على الحدود اليمنية - السعودية حيث يتم جلبها من أفريقيا بحرا إلى اليمن ثم برا إلى السعودية وصولا إلى الكويت، ويتم وضعها في «خياش» كبيرة ما يسبب في كثير من الأحيان إصابتها بأمراض قد تكون مميتة لها ولا تظهر أعراضها إلا بعد شهر من وصولها إلى الكويت.

ويظهر جليا للراغبين في اقتناء الفهود أنها متاحة في المواقع الالكترونية، فيقومون بتدوين مواصفاتها وأحيانا يقومون بتصويرها ويبيعونها لأعلى سعر، وتؤكد بيانات المواقع الالكترونية التي تعرض بها وصول أسعارها إلى آلاف الدنانير وعليها طلبات كثيرة في السوق السوداء حيث يتم شراؤها في الأساس بأسعار تبدأ من 7 آلاف ريال سعودي وتباع بالكويت بسعر يبدأ من 3 آلاف دينار، وأكثر من يقوم بشرائها الشباب إما للتباهي من خلال وضعها في سيارة سبورت مكشوفة أو التمشي بها على شارع الخليج العربي.

ويقول أبونواف وهو أحد أصحاب الفهود بعد رفضه لقاء «الراي»، مفضلا الحديث عبر الهاتف: «أعطيك كل المعلومات عبر التلفون وأعتذر عن عدم التصوير خوفا من المساءلة القانونية»، مفيدا بأن «تربية الفهود حالها حال تربية الصقور والأغنام والخيول وغيرها من الحيوانات، فلماذا تركزون على أصحاب الفهود؟ إنها هواية عادية وفي الوقت نفسه تجارة».

وزاد: «هناك شيوخ وأناس معروفون يملكون فهوداً ولا أحد يقترب منهم، وعندما بدأ الشباب في الدخول في عالم الفهود أصبحت محرمة وخرج القانون ليطبق علينا»، مشيرا إلى أن «بعض الشباب يقوم باصطحاب الفهود ويتمشى به على شارع الخليج العربي ويقوم آخرون بالتجول في سيارات سبورت للتباهي، ولا يخلو الأمر من المغازلة ومعاكسة البنات وهذا في رأيي الهدف الرئيسي من امتلاك الفهود».

من جانبه، قال عمر العجمي الذي يملك عددا من الفهود من نوع «شيتا» أحد أخطر الأنواع «إنها من الأنواع الأليفة وهي تدافع ولا تهاجم، ويتم جلبها من إفريقيا، وفي السابق كانت آسيا هي الرائدة في الفهود ولكنها تعرضت للانقراض ولم يبق إلا إفريقيا التي تضم أعدادا كبيرة منها»، لافتا إلى أن «اقتناء الشيتا هواية محببة لنفسي منذ سنوات ولا اتاجر بها أو اتربح من ورائها».

وزاد: «تلفوني لا يهدأ أبدا من كثرة الاتصالات ممن يريدون شراء الشيتا، وبصراحة انزعجت كثيرا بعد أن هب الناس في الفهود خصوصا الشباب الذين يلجأون إلى استخدامها للمغازل»، معتبرا الشيتا «اخطر أنواع الفهود على الإطلاق وتعيش في إفريقيا وشرق آسيا لكنها تتركز أساسا في افريقيا ويتراوح طول الواحد منها بين 112 إلى 135 سنتيمترا ووزنه يتراوح بين 40 إلى 65 كيلوغراماً ويطلق على الشيتا اسم الفهد الصياد لأنها تعتبر ملك الصيادين لقدرتها على الإمساك بفريستها بعد أن تنقض عليها بسرعة فائقة لا ينافسها فيها احد ولا تستطيع الاستمرار في الجري بهذه السرعة أكثر من 20 ثانية، وإذا استطاعت الفريسة أن تجعل الشيتا تواصل الجري أكثر من هذا الوقت فستنجو، والعامل الذي يجعل الشيتا سريعة أن لها عمودا فقريا في غاية المرونة لكن العامل المؤثر أن مخالبها عندما تجري لا تنكمش بالكامل داخل اغمدتها بل يبقى جزء منها في الخارج ليحفظ توازنها».

من جانبه، قال عودة البذالي «إن اتفاقية سايتس الخاصة بمنع الاتجار بالحيوانات المهددة بالانقراض لم تطبق في الكويت، ولم يسبق للسلطات مصادرة حيوانات من السوق أو من أصحابها، وهذا بسبب وجود مناطق أو محميات خاصة بعد أن لجأ أصحاب الحيوانات النادرة إلى تخصيص مزارع لإيوائها، مثل مزارع الوفرة المليئة بالحيوانات النادرة ناهيك عن موقع مزاد الكويت الذي يعرض حيوانات نادرة وأفاعي وطيورا مهاجرة وهذا مخالف للقانون الدولي».

وبين الناشط البيئي عبدالرحمن السرحان أنه خاطب شخصيا الجهات المعنية «للمسارعة في إغلاق موقع مزاد الكويت الذي يعرض ويبيع حيوانات نادرة ومن ضمنها الأسود، ولكن لا حياة لمن تنادي وكل جهة أذهب إليها تقول الأمر ليس من اختصاصي برغم أن الكويت وقعت اتفاقية السايتس وهي أهم المعاهدات الدولية الخاصة بالحفاظ على الأنواع البرية من خطر الانقراض وتربط بين الحياة الفطرية والتجارة والكويت ملزمة بأحكامها لتحقيق الأهداف المتعلقة بالحفاظ على الأنواع والاستخدام المستدام لها كموارد طبيعية ولا يكون ذلك إلا من خلال وضع إجراءات تحد من الاتجار الدولي المفرط بتلك الأنواع لاسيما الأسود».

وأضاف السرحان: «انضمت الكويت إلى الاتفاقية في عام 2003 وأسندت مهام تنفيذ الاتفاقية إلى الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية بناء على مذكرة تفاهم بينها وبين الهيئة العامة للبيئة وأصبحت الجهة التنفيذية المسؤولة عن إصدار تصاريح استيراد وتصدير الأنواع الفطرية المهددة بالانقراض ومنتجاتها نظاما عالميا فعالا ومتكاملا للتجارة في الحياة الفطرية بهدف الحفاظ على الطبيعة والحيوانات النادرة»، مشددا على ضرورة التعاون بين الجهات الحكومية للمحافظة على الحياة الفطرية وتطبيق التشريع والقانون على المخالفين.