«مرابعنا كانت في القشعانية والليّاح والمجمد والصداوي ... والأمطار كانت تهطل باستمرار في أوقاتها والأرض تكسوها الأشجار والأعشاب البرية»
مجبل فالح بن بحار... 35 عاماً في خدمة «الذهب الأسود»
1 يناير 1970
06:51 ص
حياة الماضي تختلف معالمها عن اليوم، يحدثنا ضيفنا مجبل فالح بن بحار عن جوانب من الماضي فيذكر لنا جيلبهم الذي كان الجهراء والقلبان المجاور لهم، ثم يحدثنا عن طبيعة الارض وما ينبت بها بعد ذلك يتطرق إلى عمله في شركة النفط.**
حيث عمل بها من سنة 1949 إلى 1984 احاديث متنوعة وشيقة نقضيها معه فلنترك له ذلك!
كان لنا جليب في الجهراء لنا نحن عائلة بحار وهو قديم على ايام جدي وكان مرصوصا بالمرو وهي كوكب ماء فوهتها متسعة حتى ان الحمام يستظل بأطرافها وهي معروفة بجليب بن ابحار وكنا نقيظ عليها والكل يشرب منها لا نمنع احدا وهي ذات عمق كبير اذكر أنني نزلت بها وانا صغير في السن وكان الماء ينحدر من جوانب البئر ولم يكن الماء يخفف منها بل متوافر على طوال العام. وجليبنا كانت جنوب شرق جليب الخشابية والخشابية هي اعذب القلبان في تلك الايام وكذلك كان هناك قلبان لنزال والمعصب وارشيد القفيدي والسليّل مجمع قلبان الماء كان متوافر في الماضي والبعض يقوم بعمل غطاء ويغلقه للحفاظ عليه لكن حينما جاء الدباء اثر على القلبان.
والدي كانت وفاته سنة 1968 وهو كان راعي طير وصقار اما البحر فكان ممن يلتقط المحار على السيف المحاذي للجليعة حيث يجزر البحر من ناحيتها مما يعطي مجالا لدخول الى البحر والتقاط المحار حتى انني انا بنفسي التقطت المحار في تلك المنطقة ووجدت حصاة وبعتها لابن عمران ونحن كنا في الجهراء يوم كنا أهل بادية حيث ننزل على الجهراء وولادتي كانت بها لكن لما عملت في شركة النفط انتقلنا للسكن في المقوع ثم الشعيبة والشعيبة منطقة معروفة اما تجارنا في الماضي فكانوا فهد بن رمثان والرزاقة وخالد الجاسر وبن جليّل الذي كان في سوق السلاح ووالد كان صقارا معروفا راعي طير وقنص مع أناس كثيرين.
الربيع
حينما يأتي وقت الامطار تذهب الناس لاصحاب الحلال من محل مقيظها وتتبع مكان نزول الامطار فنحن كنا نربع في الصداوي وحزم الجلاميد والمجمد والقشعانية والسياح ونصل الى الصمان كانت الظباء كثيرة جمايل تراها كأنك ترى الغنم من كثرتها والارض كانت مباركة بها العرفج والرمث والحمض والثمام والغردق والهرم اما الاعشاب فكثيرة النفل والصمعاء الحريشاء والسعدان والجعداء والبختري.
الصيف
نحن إذا انصرم العود وجاء الصيف نرجع إلى جليبنا في الجهراء وكنا اهل بيت شعر والجهراء كانت بيوتها طينا وقليلة وبها مزارع وهناك سوق بها لكن الناس تذهب للكويت وعبدالله الخلف كان عنده سيارة وهو صديق للوالد وسيارات قليلة جدا لم يكن في الجهراء سيارة معروفة الا سيارة بن خلف عبدالله ونحن عندما نذهب للكويت نجعل المظيهير على يميننا وكاظمة تأتي يسارنا حتى نصل إلى السور ودروازة الجهراء والاسواق التي في الكويت اذكر سوق الزل، واجف، والسلاح والبشوت والحريم (النسوان) الذي فيه العبي... اما الشامية فكان بها قلبان ماؤه حلو وكان نزال على الزكاه يزكي رعايا الكويت واطرافها.
الجدري
سنة الجدري الاحمر التي يذكرها كبار السن جاءت ونحن في الجهراء لكن كان هناك تطعيم من اجل هذا المرض الذي عم في الناس مات الكثير منه وهذا التطعيم قام به مستشفى الاميركاني وانا من ضمن من تتطعم من ذلك المرض.
البطاقة
الحكومة صرفت لنا بطاقة تموينية كل شهر توزع علينا مواد تموينية وهذا كان ايام الحرب العالمية الثانية وقد تحسنت الاحوال المعيشة من هذه الخدمة وبطاقتنا التي كان يصرفها لنا هو نزال المعصب بوخالد.
الجيش
الوسيلة للحج في الماضي ايام ووالدي وجدي كان الابل التي يطلق عليها الجيش وقد حج والدي على الابل اربع مرات اما انا فقد حجيت سنة 1956 مع حملة عبداللطيف الدويلة.
الفقع
الفقع له انواع الخلاصي والزبيدي والكمأ والهبيري يخرج به الرقروق واول ما يخرج هو الهبيري وكانت اغنام الناس في الاول اكثرها «عِرب» اما بعارينا فكانت مغاتير ووضح وكذلك شعل اما اسماء جيشنا فأذكر منها شعيلة وضبيا وانا ادركت جيش اهلي والجيش كانت الناس تهتم بها وتحافظ عليها فهي مثل الظباء في الشكل. والصيد كان كثير متوافر الحبارى والأرانب والناس كانت تهوى الصيد وتقتني الطيور «الصقور» وتصيد الطيور من خلال شباك وتستخدم لذلك الحمام الذي يراه الصقر فيقع في الشبكة حتى الضباء «الغزلان» تصطاد بالشباك
والأرض كانت خالية تختلف عن اليوم والبر صافي ليس فيه تلوث
الهدامة
حين حدثت الهدامة سنة 1954 كنا في الشعيبة وسالت البحار وجرت كأنها بحر والماء حفر الارض كأنه خندق حتى ان سيارة نساف كبيرة اخذت تتدحرج وتنقلب من قوة السيل وجريان الماء حتى انني اذكر شخصا من جنسية عربية قذف السيل سيارته داخل البحر ولم تخرج إلا بخشب الدوبة التي تنقل البضائع من السفن حتى الطريق المعبد في الاسفلت انشق وتفطر واصبح حفرا.
ابن خزام
عملت فترة من الفترات في حرس بن خزام التي كانت تتولى حراسة داخل سور الكويت وحرس بن خزام كانت مهمتها حراسة الاسواق والدكاكين التي داخل الكويت وكان في تلك الاوقات الشيخ عبدالله المبارك له دكاكين ونحن نقوم بحراستها وله وكيل اسمه محمد بوعبدالله وقصره كان في الجليعة وهو يجلس في نايف وقصره في الجليعة عبارة عن مضيف كل من مر بجانبه نودى له على الانعام والارزاق التي تقدم في القصر وهو مشهود له بالكرم وشخصية معروفة.
الشركة
حين تم تسجيلي في شركة النفط كنت صغيرا في السن عمري فوق 12 عاما وكان ذلك سنة 1949 بعد توقف الحرب العالمية الثانية واستأنف شركات النفط اعمالها والوقت الذي عملت به في شركة النفط كان بدايات عملها عندنا في الكويت وهذا الامر هو الذي جعلنا ننتقل من منطقة الجهراء التي كنا بها إلى منطقة الشعيبة وذلك لقربها من مقر عملي وطبيعة عملي هي «تاورات النفطية» وكل المسؤولين كان هم الانكليز ولكن المسؤول الكبير فيهم هو مستر فرل وهو كان متمكنا من عمله ويعرف الناس جيدا... والتاورات النفطية هي الخزانات التي يأتيها النفط من السناتر حيث يكون في الخزان نحن نفحص النفط في مقاس «البلد» و«منى فور» و«السي بيليتر» و«الزئبق» وتتم تصفية النفط إلى مشتقاته الديزل والغازيت والكورسين والبترول الذي هو بنزين واكثر السنترال عملت بها ونحن بدأنا عملنا براتب قدره 20 روبية وحين تم تقسيم الشركات النفطية وتوزعت العمالة والموظفين بينهم انا اصبحت تبع ميناء عبدالله وقسم اخر صار تبع «كيوسي».
الساعة
شركة النفط كانت تقدم خدمات لموظفيها ونحن تعلمنا العمل على كوادر إنكليزية وأول ما بدأت العمل توجه لها أبناء الكويت... وأنا خلال عملي الطويل في شركة النفط الذي امتد إلى أكثر من 33 عاماً حصلت فيه على ساعة الذهبية وشهادات تقدير وتشجيع.
الأمن
وقد تغير نظام عملي واصبح تابعا لقسم الامن فصرت مسؤولا على موظفي الامن الموكل لهم حراسة مداخل مقار العمل في ميناء عبدالله وهي بوابات المنشآت النفطية بها فنحن نقوم بتفتيش السيارات التي تدخل للمنشآت النفطية والتدقيق على الهويات الساري مفعولها والمنتهية حتى النوادي التابعة للشركات النفطية وعلمنا كان بطريقة الورديات التي نسميها «شفتات» وكل نوبة عمل لها مسؤول يتابع عملها والالتزام في التعليمات وكان هناك تعاون بيننا نحن المسؤولين عن الامن والحراسة ففي وقت اجازة احد المسؤولين يقوم زميله المسؤول في النوبات الاخرى في العمل مكانه اضافة إلى عملية حتى يعود من الاجازة وقد كان يصرف لنا مواد تموينية من قبل شركة النفط.
المقوع
كان في منطقة المقوع أقسام لشركة النفط وفيها مستشفى وحولها قلبان جليب بن عرادة والمقوع كان مسؤول عنها مرشد الطوالة وكنا كثيراً ما نرى دكسن يأتي ويتجول في صحراء الكويت.
ابن خريص والنصافي
هذه بعض الابيات الشعرية قالها الشاعر سعد ابن خريص وهو مع الشاعر صقر النصافي وهما في الغوص فبدأ بن خريص وقال:
يالنصافي لا تهد اجدايه
لا تسوهج دامني بالقوعي
فوق برد وحدر عاف ومايه
لا تخليني بهير العوعي
ثم رد عليه صقر:
كل شغلك يا رفيجي غايه
حافظك حفظان قلب اظلوعي
دام حبلك تقظبه يمنايه
لا تسوهج والخطر ممنوعي
واهني من طالع الروايه
شافها تمشي بوسط انجوعي
فوقها عجارةٍ وحظايه
واشقرٍ من حدرهن منسوعي
«يا طيري»
لوالدي قصيدة بالطير احفظ منها:
يا طيري يا اللي ما كره في مطاره
بين اذهلان ورؤوس العراقيبي
ويانطلق يا الله تماري طياره
قوة جنحان سوات الذراريب
ويا نصلت وانحدر بنحداره
يضرب مخلاب عطيب الاصاويب
ولضرب جول الحباره بزوره
مثل الغنم لدعبها ذيب
يا بوي ما عاد ابي الصقاره
خطر شباب اليوم يشيب
ونزال المعصب له قصيدة مشهورة منها هذه الابيات:
يا ذلولي وان نزرتك سامحيني
وادمحيلي زلتي مما جرالي
قاعد عند أهل الدرب اشهريني
واعذاب إليّ يعدون اليالي
الشهر عندي يجي مثل السنيني
وان مضى يوم يروح بنص حالي< p>