محمد عيد الظفري: ثمانية وأربعون عاما وأنا مع الخضراوات والفاكهة

1 يناير 1970 07:20 ص

تختلف طرق الحياة في السعي نحو ارزاقها وكل ميسر لما خلق له وتباين الروافد المعيشية يعطي خصوصية لكل منها لا يعلمها إلا من كان يباشرها ويجعلها مصدر تموينه، الخضراوات والفواكه احدى المهن المباركة التي تخرجها الأرض، ضيفنا هذا اليوم عاش مع هذه المهنة جل عمره يحدثنا عنها بإسهاب فيذكر لنا مواسم الفواكه وما كان منها في الشتاء وما يباع في الصيف حتى الربيع على قصر موسمه هناك من الفواكه من يكون هو موسمه احاديث ممتعة وشيقة باختلاف مواضيعه مع شاهد عيان لحركة بيع الخضراوات والفواكه منذ اواخر الخمسينات إلى يومنا هذا فلنترك له الحديث:

نحن من بلاد الشام من مدينة دمشق نفسها من حي الميدان، تعود أصولنا إلى قبيلة الظفران كان اهلنا عرب فسكنوا في سورية، وبعد فترة ظهر مقام عندنا في بلد مقبرة ظهر فيها اسم جد الجد فلنا جد في السعودية وجد في اليمن وهذا من زمان لكن سكنا في الميدان وعمل والدي كان قطماني وهي محمصة للمكسرات وبامية وبزر وفستق واسبال ونحن عائلتنا هذا عملها قطماني اي كل هذا يندرج تحت المحمصة وقد التحقت في المدرسة خمس سنوات بدأت في مكتب الشيخ حمدي للقرآن الكريم فهو محفظ لكتاب الله بعد الشيخ حمدي التحقت في المدرسة خمس سنوات، كان نسيبي له مطعم في الكويت زوج اختي وهو لبناني الجنسية كان له مطعم اسمه زهرة دمشق في دروازة العبدالرزاق بعثني نسيبي وعمري اربعة عشر عاما تأشيرة للقدوم ووصلت الكويت عن طريق الطيران وكانت الطائرة التي استقللتها ذات اربعة محركات ونزلنا في مطار المنصورية وكان ذلك المطار عبارة شبرات وكان ذلك سنة 1958 وقد انتظرت نسيبي في المطار ولم يسمحوا لي بالمغادرة حتى جاء واخذني بنفسه وكانت اختي معه وقد اخذاني إلى بيتهما وكان في دروازة العبدالرزاق وجميع البيوت في ذلك عربية في الشرق والمرقاب في مكان المعهد الديني القديم الذي لا يزال موجودا وجلست عند نسيبي في مطعم زهرة دمشق وقد استمر عملي خمسة اشهر ثم سافرت إلى اهلي وقد حصلت على راتب في هذه المدة وكانت 100 روبية تعادل 70 ليرة سورية والعملة كانت روبية وانا بعد ذهابي رجعت مرة اخرى لكن كان قدومي هذا عن طريق البر كانت هناك شركة متوافرة للنقل «لرنل» وقد نزلنا في منتصف هذه الرحلة البرية في بغداد وبها عاصرنا مشكلة اغتيال الملك فيصل الثاني في بغداد، بعد ذلك واصلنا رحلتنا عبر القطار من بغداد إلى البصرة واستقر الطريق يوما كاملا بعد ذلك دخلنا الكويت وعند المطلاع كانت هناك بوابة بها حرس ثم توجهت نحو الكويت حيث سكن نسيبي في دروازة العبدالرزاق لكنني حين عودتي مرة اخرى لم اعمل في المطعم نفسه بل انتقل عملي في معرض الاتوماتيك في المباركية وكان عبارة عن مطحنة وهي يعمل بها اثنان من الشام واثنان من فلسطين وانا كنت محمص وكان راتبي بها بسيطا وقد كان لهم مخازن بالمرقاب ومخازن بالشويخ ولهم ثلاث محلات ودوامي بهم واحد واستمر عملي قرابة سبعة اشهر.


الخضرة

بدأ عملي بالخضرة يوم كانت على سيف البحر وهو مركزها القديم وقد كان يعمل بها احد ابناء بيت السومة زهير ومن بلدنا شامي ومعه ابو ذياب ومرزوق منصور جميعهم يعملون بالخضرة وهم يشحنون خضرة من الشام عن طريق البر وأنا كنت اتردد عليهم لانهم من عندنا في الشام فهم اولاد حارتي ابناء ذياب فعملت معهم في الخضرة وكان ذلك سنة 1959 وكان لي نسبة من خلال عملي معهم مقدار 150 روبية والخضرة المتوافرة في ذلك الوقت كوسة وطماطم وخيار وكان يأتي من بغداد التفاح (ابو فُيوة) في سلات اما ايران فكان يأتي منها البيض ويباع بالحبة ومغطى بالقش في صناديق.

العراق

كل شيء كان يأتي من العراق فهو مورد جيد للخضار الباميا والتفاح والرقي كانت سيارته قيمتها 100 دينار بها 14 طنا ولم يكن يأتي من السعودية في تلك الفترة شيء من الخضار والفواكه بل كانت ايران والعراق اما البطاطا فكنا نأتي بها من سورية التفاح والبطاط بالكرتون وبه 16 كيلو اليوم ثلاثة كيلوات كنا نبيع الكيلو «70» فلسا و«60» فلسا وبيعنا بالخضرة كان بالجملة وتقسم شرائح وقد تم نقل الخضرة إلى الشويخ.


خيطان

رجعت إلى سورية وخدمت بالجيش سنتين ثم رجعت سنة 1966 وعملت بسوق خيطان القديم وعملت مع اخواني بالخضرة وقد اجرنا المحل من بيت الخليف وكان اجر المحل «10» دنانير وكنا نعمل من صلاة الفجر إلى الساعة «11» ظهرا ثم نريح ساعتين بالبسطة تحت المحل ثم نعود للعمل ونبيع جميع أنواع الخضرة وموردنا شبرة الخضار وكل انواع الخضار كانت تأتي من الشبرة ولم يكن لنا عميل مباشر من حيث توفرت البضاعة اشتريناها اذكر من عملائنا ابناء الشيخ والعليان والدغمش والقوطي وكان هناك تجار فلسطينيين يأتون بالخضراوات من الضفة الغربية قبل احتلالها.


الأكثر

نحن اكثر مبيعا في محلنا في خيطان كان الخضراوات الطماطم والخيار والكوسة والباذنجان وخيطان كان كلها كويتيون بيوت عربية واما في المواسم فكانت الفاكهة تأتي في وقتها لكن في اول السبعينات اخذ التجار يذهبون للخارج ويستوردون من شيلي وأفريقيا.


الموسم

موسم البرتقال كان في الشتاء ومعه الافندي والليمون والتفاح وكان يأتي من العراق وهو ما يطلق عليه الحمضيات اما في الصيف مانجا والعنب والخوخ والمشمش والكرز والرقي ايضا في الصيف وكنا نشتري الرقي بالطن من العراق وهو حجم كبير وكل 100 كيلو فيه 12 حبة رقية اما التمر فهو من العراق والسعودية واخواني هم الذين يتولون الشراء وانا في المحل ومعي اولاد أختي... وأنا اشتغل بالاجرة بمعاش شهري كان 30 دينارا.


الربيع

ايضا فصل الربيع له ثمره وبضاعته من المبيع فكان يأتينا ثمر الربيع وهو الكوجة وجارذلي والزهور.

المكان

لم يكن في الستينات ثلاجات او مكان للتخزين فالمحل مكانه ليس كبيرا والبضاعة تباع في يومها كنا ننزل الشحنة من سيارة الوانيت امام المحل وتباع في اليوم نفسه.


الجمعية

عند انشاء جمعية خيطان في سنة 1969 اخذت محل الخضرة ومعي شريك خليل ابراهيم الفودري وقد تسلمت محل الخضرة سبع سنوات.

 وقد بدأ المحل ضعيفا حيث ان السوق يعمل اكثر من الجمعية لكن عند تثمين السوق اشتغلت الجمعية اكثر السوق المركزي... ودوام المحل الذي في الجمعية من الصباح إلى المساء وموردنا هو الشبرة وأكثر مبيعا في الجمعية الطماطم والكوسة والبطاطا والقرع وكان الفلسطينيون كثيرين في خيطان فكل شيء يباع لان الكثافة السكانية كبيرة، حتى اهل الدوغة التي هي الفروانية يأتون إلى سوق خيطان... بعد ذلك تم تحويل محل الجمعية إلى هيئة الزراعة وخرجنا من الجمعية.


الجديد

أخذت محلا آخر في خيطان والرخصة صاحبها حمود علي الدخيل وانا معه ثلاثون سنة وهو رحمه الله اعطاني الرخصة لله لم يأخذ مني شيئا لان لي علاقة طيبة معه فهو رجل طيب كان يأتينا في محل خيطان ونمت العلاقة والصداقة منذ ثلاثين سنة وابناؤه مثله في الاخلاق والطيبة والاحترام.


الأول

من عشر سنوات بدأت بضاعة السعودية تأتي اما قبل ذلك كانت ايران وفلسطين والاردن والعراق وسورية.


الزواج

كان زواجي سنة 1970 وقد تزوجت من ابنة خالي وقد قدمت إلى الكويت عن طريق البر والمهر قالت خالتي نريد 2000 ليرة لكن والدتي قالت 1500 ليرة بعد ذلك اتفقا على المهر واولادي جميعهم من مواليد الكويت ثلاثة في مستشفى الصباح والباقي في الفروانية وهم يعملون في الكويت.


الزبون

الزبون لم يكن مثل الاول وقد فتحت محلا في العباسية ومعي شريك سوري واستمر المحل سنتين ثم اغلقت المحل الذي كان عبارة عن ثلاثة محلات اجر الواحد 80 دينارا.


القيمة

كانت الاسعار مناسبة كان طن الرقي 25 دينارا اما اليوم 250 دينارا.


السنة

عند حلول الثمانينات اصبحت الفواكه على مدار السنة كل شيء من الخارج على طول السنة الذي كان يأتي في الصيف يأتون به في الشتاء والعكس التين والتوت والرمان لكن ليس مثل جودة موسم الطعم يختلف عن الذي في موسم اطعم وألذ.


البيض

كان يأتي من ايران البيض عبر اللنجات البحرية وكان في صناديق مغطاه بالقش حماية له واما الباميا فهي عراقية والجزر من سورية ولبنان وهو الجزر الاحمر...

وقد حدث ذات مرة اختلال في الاستيراد ما ادى إلى نفاد الطماطم من السوق فارتفع سعرها حتى وصل إلى «7» دنانير للصندوق الواحد للطماطم وكان يأتي من تركيا والسبب هو فصل الشتاء فتوقف الطريق.

الراحة

صراحة التمر كنت ارتاح جيدا في بيعه فهو بركة فأنا في موسمة لا اجد تعباً وتأخراً في تصريفه وكذلك الرقي لكن اليوم اخذ البيع في الشوارع واثر علينا.


السبعينات

فترة السبعينات هي ازدهار العمل عندنا في الخضراوات والفواكه كان عندي يعمل في المحل ثمانية صعايده مصريين وهم ابناء عمومة وانا واخواني ثلاثة والمطاعم كانت تأخذ من عندنا لذلك جعلت عاملين على البقدونس والخضراوات ويلفونها ويجهزونها للبيع والعمل مستمر من الصباح الباكر إلى المساء كثافة عالية من السكان والمطاعم وليس هناك احد يبيع في الشوارع بل المحلات والجمعيات والخضرة إذا جلبت في المحل ولم تبع تلفت واذا انباعت ربح صاحبها.

واليوم البركة طارت ليس مثل الماضي.


البصل

البصل انواعه كثيرة منه ما يأتي من ايران ومن الهند وكذلك من السعودية والبصل الحار هو من يأتي من مصر وكذلك من تركيا وسورية ايضا، اما الذي يأتي من الهند فهو من النوع البارد... والبصل الحار هو الذي يعمل مع المرق اما الخس فكان مورد سورية.


التمر

التمر كثرت انواعه في الماضي اواخر الخمسينات والستينات والسبعينات كان الارزيزو يأتي بالتنك كانت قيمته دينارا وربع الدينار كنت اخذه للعباسية ويباع بدينارين اما البرحي في الموسم من العراق.


الزبائن

كثير من الزبائن يعرفونني، لكن لا أعرف سوى البعض منهم.


الملح

الملح كان من البضائع التي كنا نبيعها ولها زبائنها فهو من المواد الضرورية التي لا يستغني عنها الناس في اكلهم وطعامهم وكان الملح الخشن هو الذي كنا نبيعه وهو يأتي من السعودية وايران بأكياس كبيرة.


المحلي

لم يكن في السوق محلي شيء يذكر في الماضي تشتري خمسين صندوق خيار من العراق الصندوق بنصف دينار السبعة كيلو نبيعها بدينار والسلات التي تأتي فيها البضاعة كبيرة ... واليوم البيع من الشبرة كاش اما الماضي كان بالاجل ننزل كميات كبيرة وبعد المبيع نحاسب تجار الشبرة.


الاختلاف

البطاطس يطلق عليها في مصر اما نحن فنقول بطاطة حلوة وهنا في الخليج يطلق عليها فندان واما الطماطم فنحن في سورية نسميها بندورة والخليج طماطم اما في مصر فيطلق عليها قوطة اما الرقي فنحن في سورية نسميه بطيخ والشمام نطلق شمام اما في السعودية فيطلق على الرق حبحب والعراق والكويت يطلقان رقي اما في مدينة حلب فيسمى جبس وكذلك ايران سمي هذرانا واما في مصر فبطيخ والعنب في ايران يطلق عليه اسم عنقود ... والقرع عندنا في سورية نسمية يقطين ولغة فصيحة.


الموز

الموز من الفواكة التي عليها طلب كان يستورد من الهند وهو يأتي عذوق ونحن نشتريه بالكيلو وكان ذلك في السبعينات وكان الذي يأتي به هو براد العدواني والمانجا كانت بالهند وبالتالي جاءت من مصر.



واقفاً في محله



مع ابنيه