إن كان الوزير بدر الحميضي قدم استقالته بعد تدويره، فهو بذلك يكون نزع فتيل الأزمة التي مازالت قائمة بين السلطتين! استقالة الحميضي وإقالة المعتوق من وجهة نظر الغالبية تشكلان هروباً من المساءلة السياسية وحرمان الشعب من معرفة الحقائق التي تضمنتها محاور الاستجوابين، وهذا الحق يجب ألا يتم الالتفاف عليه وتستدعي الضرورة تشكيل لجان تحقيق لكشف ملابسات القضايا المثارة في تلك المحاور.
اللافت للنظر أن النائب دعيج الشمري استغرب الاعتراض على دستورية تدوير الحميضي بسؤاله: أين كانوا لدى تدوير الوزير سعود الناصر؟ وهنا نتوجه بالنصيحة للنائب الفاضل دعيج الشمري بأن يعود إلى المواد الدستورية 100، 103، و142 وتفسير المحكمة الدستورية ليعلم أن ربط تدوير الوزير الحميضي بوزير الإعلام السابق خطأ، فالوزير الشيخ سعود الناصر أعيد تعيينه بعد استقالة الحكومة، بينما الحال مختلفة مع تدوير الحميضي!
أما وزير المالية مصطفى الشمالي فقد ظهر بأول تعليق له: «أنه لا يؤيد زيادة الخمسين ديناراً كوزير وكمواطن»، وكلتا الصفتين تحتم على الوزير ضرورة في غاية الأهمية، وهي أنه كوزير يجب أن يتقصى الأمور ذات الصلة بمطالبات النواب بالزيادة من جهة، وأن يصرح بموقفه كوزير في شأن القضايا المثارة في استجواب وزير المالية السابق بدر الحميضي والعمل على كشف الحقائق، وكمواطن يجب عليه معرفة حالة الغلاء التي تعيشها الكويت وثبات الرواتب من دون أن تطرأ عليها زيادة رغم بلوغ سعر برميل النفط حاجز التسعين دولاراً.
بين تعليق الوزير الشمالي واستغراب النائب دعيج الشمري تتضح لنا الكيفية التي نعالج فيها الأوضاع، وإن التصريح حينما يخرج من الوزير أو النائب من غير مراجعة دقيقة للتفاصيل يظهر موقفهم ضعيفاً أمام معشر القراء من جموع الشعب الكويتي، وهو لا شك موقف لا يحبذ الوزير أو النائب الظهور به.
إن العودة عن المواقف الخاطئة بحد ذاته شجاعة أدبية حتى وان جاءت متأخرة...فأن تأتي متأخرة خير من ألا تأتي.
مما تقدم، وعلى ضوء التطورات التي شهدتها الساحة السياسية منذ الجلسة الأولى لدور الانعقاد الحالي، نجد أن التوقعات بسخونة دور الانعقاد ظهرت ملامحها، فالوزراء أمام مجهر النواب المدافعين عن حقوق المواطنين، وبات أكثر من وزير مستهدفاً من قبل النواب والكتل.
إننا نجني الثمار فقط حينما تتوافر لنا خطة عمل واضحة ينفذها الوزراء ويتفق عليها نواب مجلس الأمة، ولكن لأنها غير متوافرة لقينا العوائق معترضة المسيرة الديموقراطية، فما هو حاصل أقرب ما له السير وفق قناعات الوزراء من دون تفهم لأجندة النواب إلا على هيئة ردود أفعال أحياناً، وهذا الأمر أوجد صفة غير توافقية بين السلطتين...وهذه المشكلة الأزلية التي نعاني منها.
إن المسألة ليست شخصية، وإن تم تفسيرها من قبل البعض فهي لا تتعدى كونها فشلاً في إدارة الأمور من قبل السلطة التنفيذية وعدم قدرة الجهة التشريعية في تبني خطة عمل تتم مناقشتها مع السادة الوزراء لإضفاء صفة التفاهم بين الجمعين.
اختصار القول يعيدنا إلى استقالة الوزير الحميضي وإقالة المعتوق: ماذا عن محاور الاستجوابين والقضايا المثارة فيهما؟ نريد خطة عمل، نريد استراتيجية تنفيذية لخطط العمل ونريد الكشف عن الحقائق والبعد عن التكهنات والتصريحات التي من شأنها بسط صورة ضبابية للأوضاع المستقبلية...والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]