د. تركي العازمي / وجع الحروف / «الدليله»...!

1 يناير 1970 09:58 ص
| د. تركي العازمي |

كان الجو خارج الديوانية في غاية الجمال، وعلى الكرسي الجانبي جلست بقرب «شايب» تجاوز عمره ثمانين عاما الله يطول بعمره... وكان الحديث اجتماعيا صرف بعيدا عن السياسة وأخبار تجمع «للأمة كلمة» الذي انعقد الثاني منه في ديوان النائب السابق محمد الخليفة!

سألت «الشايب» عن بعض المسميات التي تطلق كناية عن قدرة بعض الأفراد وكيف إنها تناقض الواقع وكان اسم «الدليله» على فرد لا تعني إنه «دليله» بل أطلق عليه بعد أن أضاع طريقه إلى بيته!

«الدليله» تعني الشخص الذي يدلك ويرشدك إلى الدرب الصحيح... يعني «مرشد» وغالبا ما يستعين به «القناصة» لمعرفة الدروب في الصحراء بحثا عن الصيد وحرصا منهم على متابعة السير، وعلى المستوى الاجتماعي والسياسي توقفت عند هذا المسمى لعلنا أن نوصل الرسالة لمن يجيد القراءة في حياة للجميع فيها نصيب «فلا تنسى نصيبك من الدنيا» من خلال مخافة الله عز شأنه أولا وآخرا!

وللاستدلال عبر الموروث الاجتماعي، جاء شطر من بيت شعر لأحد الشعراء «... ومن تاه فكره ما يفيد الدليله!»... وهنا يقصد بالدليله المستشار الذي يؤخذ بمشورته متى ما جاءت وفق معطيات منطقية، وجزئية المنطقية هنا يحددها المتلقي للمشورة!

قيل ما قيل في ندوتي النملان والخليفة.. اعترض من اعترض ووافق من وافق، وهنا تكون الأنفس هي التي تحدد هوية الرد، ولهذا نبه شاعر إلى خطورة الانسياق وراء هوى النفس في قله «وإلى مشيت اعرف دروبك وممشاك.... احرص على نفسك وخالف هواها»!

وإذا كان هوى الأنفس هو من أوقعنا في الخطأ تلو الخطأ وأصبحنا نتلقى ردود الفعل، فأين مخالفة الهوى من واقع المجريات: إنه التيه النفسي وضياع «الدليله» السياسي هو من أفرز لنا «الهفوات السياسية»، ولهذا السبب يستحب توجيه الدعاء لولاة الأمر «اللهم وفقهم اللهم سددهم اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة»!

نذكر ونستلهم من الحياة عبر... والذي يرى الحق ولا ينصح باتباعه فإنه يكون قد خالف العرف والتقاليد في بلد مسلم بالفطرة وبالتالي تستدعي الضرورة عدم بقائه في منصبه أو مكانته، خصوصا اذا لو نظرنا إلى تدني مستوى الخطاب السياسي في حقبة زمنية في غاية الصعوبة.

نذكر ناصحين ليس إلا... فالأقلية والغالبية الصالحة نتبع طرحها متى ما جاء متماشيا مع المواد الدستورية، والانفراد بالرأي على حسب الهوى يولد حالة مشابهة لما تعيشه البلاد حاليا!

والله المستعان!

 



Twitter: @Terki_ALazmi

[email protected]