أنشودة جميلة للشيخ مشاري العفاسي بعنوان «يا بلادي» عرضت مجموعة من المشاهد التصويرية (الجرافيك) عن كويت المستقبل بصورة جميلة ومشوقة، مثل طريق الجهراء السريع ومطار الكويت الجديد ومدينة الحرير والقطارات وجسر جابر وغيرها.
وفي الحقيقة، ان هذا الحلم الذي يراود مخيلاتنا جميعا ليس إلا مشاريع بسيطة كان يمكن انجازها خلال سنوات قليلة لو توافرت لها الارادة، ولا تتطلب أكثر من ارساء مناقصة على شركات محلية او عالمية تقوم بالمهمة، بينما يستلقى المسؤولون على ارائكهم او يسمرون في دواوينهم!!
نسمع بالمليارات من الدنانير تدخل في خزينتنا وتخرج الى الدول الخارجية، وعندما فاضت الاموال دون ان نعرف كيفية صرفها حولناها الى صندوق الاجيال القادمة وجلسنا نندب حظنا في اننا لم نحقق أي مشروع حيوي في بناء البنية التحتية بل ونحسد جيراننا والعالم كله لانهم سبقونا لا بسبب تفوقهم ، ولكن بسبب تراجعنا وتخاذلنا.
قرأنا بالامس عن موافقة مجلس الوزراء على مشروع «مترو الكويت» بمدة تعاقد 40 عاما، كما وافق على انشاء جهاز تطوير مدينة الحرير وجزيرة بوبيان وادارة ميناء مبارك الكبير، وهكذا اربعة مشاريع رئيسية في جلسة واحدة، ولكن هل نصدق بأن ذلك يمكن تحقيقه بتلك السهولة؟ الواقع ينفي ذلك، ولو وجهت السؤال عن السبب في عدم الانجاز لرجل حكومي لقال لك: بسبب نواب المجلس الذين يضيعون اوقات الحكومة في استجوابات تافهة ومشاغبة دائمة، ولو طرحته على نواب المجلس لقالوا لك: السبب هو هذه الحكومة الضعيفة التي «لا تهش ولا تنتش» والتي ترسي المناقصات على حرامية البلد ليلهفوا المليارات ويعطلوا المشروعات، ولو وجهته الى المواطن العادي لقال لك: كلهم حرامية ونحن الضحية!! والحقيقة ان الجميع مشترك في المسؤولية وفي الجريمة، ولا نستبعد ان تكون هناك خطة محكمة لنهب البلد ثم بيعه في سوق المزاد بأبخس الاثمان، كما فعلوا بمؤسسة الخطوط الكويتية التي عرضوا عليها الموت البطيء طمعا في ان يشتروها وهي سكراب والمشكلة الادهى هي ان الشعب الكويتي بعد ان يئس من امكانية الاصلاح اصبح يردد انشودة الفشل بمرارة في جميع المناسبات، فلا تكاد تلتفت حتى تسمع كلمة (لا تتعب نفسك فانت في ديرة بطيخ)، او (من صجك راح يصلحون شيء في البلد؟!).
اذا كانت السلطة صادقة في اصلاح احوال البلد فلتبدأ بنفسها، ولتبعد جميع اصحاب الاطماع والمصالح من علية القوم، ولتنزل الى مستوى الشعب لتمد يدها للتعاون معه ولتحقيق مطالبه المشروعة، وتبتعد السلطة عن التلاعب بالقوانين ومحاولاتها الفاشلة تارة في تعطيل جلسات مجلس الامة وتارة في اللعب بنظام الدوائر الانتخابية تحت مسمى مراسيم الضرورة وتارة في رشوة نواب الامة، فإن الناس قد تصبر على هذا العبث مرات ومرات ولتقبل المحاسبة على اعمالها ولكنها في النهاية ستنفجر وتدمر من حولها!
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها
فإذا انتهت فأنت حكيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
د. وائل الحساوي
[email protected]