د. تركي العازمي / وجع الحروف / وفاة...... «بدون»!

1 يناير 1970 10:04 ص
| د. تركي العازمي |

الإنسانية وقول المولى عز شأنه في محكم تنزيله « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» يدفعنا أحيانا للخروج عن المألوف وعادة تحت ظرف معين: فما هو الظرف الذي جعلني أكتب عن البدون مع العلم إنها قضية ليست بالشائكة وأخذت الكثير من الجهد والقليل من العطاء العادل؟

في الأمس تلقيت خبر وفاة شاب بدون.. شاب معيل لأسرة مسالم يبحث عن لقمة عيشه بالحلال ويخاف الله، وفي الأمس القريب قرأت خبر انتحار فتاة من البدون، وهنا الرابط الذي جعلني أبدأ بالآية الكريمة لأن التقوى هي المقياس في أداء الذكور والأناث فلا فرق من الجانب الإنساني الذي توجت أجمل معانيه آيات القرآن الكريم والسيرة النبوية العطرة!

ما ذنب إنسان ولد على هذه الأرض ووالداه وبعض أقاربه يحملون الجنسية وظل هو يصارع تقلبات الشارع السياسي بحثا عن الحل؟

نحن نعلم إن البدون كثير منهم معلومة أصوله ولديهم الوثائق الثبوتية وكثير أيضا منهم يحمل إحصاء 1965 ومن مواليد الكويت لكن كما قيل «إن أردت أن تقتل قضية ما، فقم بتسييسها»... وقاتل الله السياسة التي تحجب حق البدون الأبرياء وتتركهم يصارعون موجات العنصرية البغضاء التي يرى من خلالها البعض البدون بأنهم «غير»... وإنني أشعر بالحزن وأنا أقرأ الآية الكريمة التي بدأنا فيها هذا المقال!

إنسانيتنا تبقى كما هي، والبدون وحتى الكويتيون بالأصالة معظمهم نتاج هجر لمجاميع جاءت لتقطن على أرض الكويت قبل اكتشاف النفط وبالتالي حجة الأصول تحتاج إلى تعقل في استخدامها وما دام إحصاء 1965 هو المقياس فلم لا يتم تجنيس المستحقين منهم ومن توجد عليه «مماسك» مثبتة يترك له الخيار للجهة التي يريد التوجه إليها أو منحه حق العيش الكريم كأقل تقدير لمن أمضى زهرة شبابه على هذه الارض الوفية الطيبة!

في الدول المجاورة، تمنح الإقامة لمدة أقصاها عشرة أعوام وبعدها يغادر البلاد ويعود بعد عام إن أراد وبالتالي استمرارية العيش على أرض الكويت غير متوافرة ولا يحق لمن غادر وعاد المطالبة بالجنسية... أما أن نترك الإقامة مفتوحة لعقود فهذا التوجه بحاجة إلى إعادة نظر!

ما الذي دفع بفتاة شابة إلى الانتحار..؟ ما الذي يدفع ببعض البدون إلى الكسب غير الحلال؟... ما ذنب بدون يتوفاه الله ولا يجد أطفاله معيلاً بعده..؟

لقد فقدنا الحس الإنساني وإنني استغربت من زميل بدون يقول لي «يا أبو عبدالله عوائل متعففة تذهب للجان الخيرية ويقال لها إن التبرعات ذهبت لسورية و.... « ونحن لا نقول سوى « لا حول ولا قوة إلا بالله»!

ماذا تفعل عائلة البدون... إنهم بحاجة إلى سكن وتعليم وتطبب وغذاء وكسوة والبنات تحديدا يردن أن يعشن كغيرهن من البنات؟

إنها وفاة «بدون» عاش على أمل الحصول على لقمة عيش حلال وأن تراعى ظروفه الإنسانية وأن يمنح الجنسية أو التقدير على حسن سلوكه وبعده عن الحرام قولا وفعلا... إنها رسالة لأهل الخير ونصيحة نوجهها للقائمين على ملف «البدون» والله المستعان!

 



Twitter: @Terki_ALazmi

[email protected]