د. وائل الحساوي / نسمات / خدعونا لينفردوا بالغنائم!

1 يناير 1970 08:04 م
قضى الناس ليلهم ساهرين وكتموا أنفاسهم ثم احتشدوا في الصباح ليسمعوا نتيجة المباراة الحاسمة التي ستحدد مصير البلد ومساره بعد توقف طال جميع مرافقه لشهور عدة بل سنوات!!

الأنظار جميعها متوجهة إلى جهة واحدة، ألا وهي المحكمة الدستورية والكل يدعو بان تأتي النتيجة لصالحه، وأعدت الأحزاب والتجمعات السياسية عدتها للتعامل مع ذلك الحدث الجلل، فمنهم من هدد بالمظاهرات والمسيرات وتعطيل الحياة في البلد إن جاءت النتيجة بعكس ما يريده ومنهم من ينتظر إشارة الانطلاق ليبدأ حملته الانتخابية.

أما الحكومة فقد حشدت خبراءها ومفكريها لصياغة النظام المنشود الذي يحقق مصالحها في ظل حكم المحكمة الدستورية.

قد يبدو هذا المشهد طبيعيا ولا يستحق الاهتمام المبالغ فيه، فليس ذلك اول حكم قضائي تحكم به المحكمة الدستورية، كما ان القضية تتعلق بقانون دوائر انتخابية وليس بأمن البلد، لكن الذي لا يدركه الكثيرون هو أن ذلك الصراع المحتدم الذي استمر سنوات بين ما يسمى بكتلة الموالاة وكتلة المعارضة هذا الصراع قد شق المجتمع الكويتي شقا هائلا ودمر كثيرا من مقوماته الاجتماعية والانسانية، وولّد بينهم العداوات والكراهية، وأحيانا تسبب بالتفكك في المجتمع، ونفخ في جميع مظاهر الجاهلية من تعصب قبلي وطائفي وحزبي، حتى ما عاد الانسان يعلم من هو صديقه من عدوه.

وسرت موجة التخوين كالنار في الهشيم، فالكل حرامي والكل غشاش والكل يستحق العقوبة، حتى انسحب المخلصون والوطنيون من الميدان خوفا على أنفسهم من التجريح والطعن وتركوا الساحة خاوية، ولسان حالهم يقول: لماذا أبذل جهدي من أجل أناس لا يقدرون جهدي، بل ويعتبرون عملي هباء منثورا بينما يجلس البطالون في ساحة الارادة ويطعنون في من يريدون ثم يصبحوا ابطالا يشار إليهم بالبنان؟!

حسبي الله على من كان السبب في كل ذلك، فالحكومة لها دور في تهميش المعارضة بأي ثمن، وبعض اطراف المعارضة الذين لم يقدروا حجم المسؤولية وحسبوا بانهم ابطال زمانهم، واعداء الشعوب الذين كرهونا بكل ما يمت للديموقراطية بصلة وحاولوا اقناعنا بان البلد على شفا الانهيار بسبب المعارضة.

ان الذين يفكرون اليوم في الاصطفاف إلى طرف او إلى الآخر نقول لهم بانكم مخدوعون، فهذه لعبة كبيرة ارادوا لنا أن ننشغل بها لكي لا نفكر في المليارات التي يسرقونها ليلا ونهارا وفي تعطل قطار التنمية الذي بدأ يسير في عكس الاتجاه متوجها إلى القاع، وفي مصير الاجيال القادمة التي لا تحصل على اماكن للدراسة الجامعية او مساكن تليق بهم او وظائف مناسبة او مطالب تسد بها حاجاتهم!! ان الذين يصرون على النظر إلى الامور من ناحية كونها موجبة او سالبة نقول لهم: لماذا لا تفكرون بان ما يحدث انما يدور في دائرة مغلقة بينما الواقع هو في مكان آخر بعيد؟!



د. وائل الحساوي

[email protected]