فهد داود الصباح / رسالة من مواطن كويتي إلى بان كي مون
1 يناير 1970
06:26 ص
| فهد داود الصباح |
السيد الامين العام لمنظمة الامم المتحدة بان كي مون المحترم
تحية وبعد
بصفتي مواطن كويتي عربي مسلم عانيت وأعاني من الاهانات الموجهة من تيارات معادية للدين الاسلامي الحنيف، واخرها الفيلم السوقي المعنون بـ «براءة المسلمين» الذي يروج لصورة مهينة ومخالفة للحقيقة عن ديني ونبي المرسل من الله عز وجل الى الانسانية جمعاء في تبليغ رسالة سماوية، وهذا الدين الذي يضم تحت جناح الايمان به اكثر من 1.4 مليار نسمة في مختلف دول العالم، وهو جزء اساسي من الحضارة الانسانية يتعرض الى السخرية والاهانة، ولأن تلك الأفعال المجرمة انسانيا ودوليا تستند الى ثقافة متطرفة لا تعبر عن جوهر اي دين سماوي انما هي قائمة على اقصاء الاخر وهو ما يتعارض مع ميثاق منظمة الامم المتحدة ومبادىء السلم والعدل الدوليين، وخارجة عن اطر التعبير عن الرأي وحرية الاعتقاد.
واستنادا الى المادة الاولى من ميثاق منظمة الامم المتحدة التي تنص على «حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة(المقصود منظمة الامم المتحدة) التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها»، فانني أقترح اصدار قرار ملزم من الهيئة العامة للمنظمة يلزم الدول الاعضاء كافة باصدار تشريعات محلية تمنع النيل من الاديان والرسل كافة، وتحديدا من الدين الاسلامي وتمنع التعرض لنبينا الكريم.
سيدي الامين العام
ما جرى من عنف ضد عدد من البعثات الديبلوماسية الاميركية في الايام الاخيرة ردا على الفيلم المسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم) لم توقفه بيانات الشجب والاستنكار والتنديد، ولا تصريحات المسؤولين الاميركيين وغيرهما من الدول الغربية وذلك بسبب الاحساس الاسلامي الدفين بان الاهانات التي تتناول المسلمين ودينهم بين الفينة والاخرى انما هي عمل منظم، وبالتالي فان هذا العنف يهدد السلم الدولي لانه يؤسس لارهاب عانينا نحن العرب والمسلمون منه اكثر من غيره، ويطلق جماح الجماعات المتطرفة لسفك المزيد من الدم، ما يعيد الى الاذهان الويلات التي عانى ويعاني منها العديد من الشعوب، بل انه يمنح تلك الجماعات المبرر لارتكاب المجازر البشعة على غرار العديد من الاعمال الارهابية التي شهدها العالم في العقود الاربعة الماضية، وهذا يقوض الفقرة الاولى من ميثاق منظمتكم.
ولأن المهمة الاولى لهذه المنظمة «ازالة الاسباب التي تهدد السلم الدولي» فمن الأحق ان تعمل على حماية 1.4 مليار نسمة في العالم من الجور والظلم الذي توقعه عليهم جماعات متطرفة تقدم الاسباب لمثيلاتها لارتكاب مزيد من العنف، وكما يقول المثل العربي «الدم يستسقي الدم»، فهل من المنصف ونحن في اوائل الالفية الثالثة وفي ظل هذا التقدم الحضاري والانساني ان تبقى هناك ثغرات قانونية تمنع حماية شعوب باكملها وتهين احدى الديانات السماوية تحت عنوان حرية الرأي والتعبير؟
وعملا بالحقوق المنصوص عليها في دستور دولة الكويت التي انتمي اليها والتي تكفل حرية الرأي والتعبير، والتزاما بقوانينها وليس خروجا على سلطتها وسيادتها، انما مساهمة مني استنادا الى حقوقي المكفولة بالميثاق الدولي لحقوق الانسان، وتعبيرا عن مليار واربعمئة مليون مسلم من مختلف المذاهب والطوائف والاعراق واللغات، اتقدم الى سيادتكم بهذا الاقتراح على امل ان ينال الاهتمام والرعاية وان يشق طريقه الى اول جلسة للهيئة العامة للمنظمة لاقراره كقرار دولي ملزم للاعضاء في منع اهانة والتعدي او ازدارء اي دين او نبي او كتاب مقدس لدى اي شعب من الشعوب، ومن غير خرق ميثاق الامم المتحدة الذي يمنع التدخل بالشؤون الداخلية للدول، انما تماشيا مع المصلحة الدولية والانسانية فان نص الاقتراح هو الاتي:
1- تلتزم الدول الاعضاء في منع اي شخصية او منظمة او هيئة او جماعة تحمل جنسيتها او مسجلة على اراضيها او تمارس عملها تحت سيادتها في التعرض بالازدراء او الاهانة او المس باي من الاديان او الانبياء او الرسل او الشخصيات المقدسة لدى اتباع تلك الاديان.
2- بما ان ميثاق الامم المتحدة يقوم على المساواة بين الناس ونبذ الفرقة والتمييز العرقي والديني او اي نوع من انواع او اشكال التمييز فان على الدول الاعضاء عدم منع اي جماعة من مواطنيها او تقيم على ارضها من ممارسة شعائرها الدينية وان توفر لها الحماية اللازمة التي تمنع الاعتداء عليها من اي جماعة اخرى.
3- ان تقيد الدول الاعضاء، وعملا بقوانينها التي تقيد وتمنع التعرض لبعض الحالات، كالمحرقة اليهودية، او التمييز العرقي، في وسائل الاعلام كافة، وفي الدراسات و الابحاث التعرض لاي دين او اتباعه او رسله او شخصياته المقدسة بالتجريح والاهانة والازدراء.
4- اعادة الاعتبار الى المسلمين ونبيهم من خلال تجريم الذين مسوا او اهانوا او سخروا منهم او من بينهم ومعتقداتهم، سواء كان في كتب او صحف او رسومات او افلام سينمائية وغير سينمائية، وان تلزم الدول التي انتجت او نشرت او عرضت فيها تلك المواد بسحبها من التدوال واتلافها وملاحقة الذين نشروها او انتجوها.
لن يكون هذا القرار محل جدل بين الاعضاء اذا نظر اليه بجدية واخذ بعين الاعتبار، لانه لا يخلف اي من دساتير تلك الدول ولا يتعارض مع قوانينها، بل سيكون محفزا على الحوار والتلاقي بين الامم والشعوب، وسيعيد الى المنظمة الدولية دورها واعتبارها الملجأ الاخير للشعوب والامم.