مها بنت حليم / المرأة الخليجية خارج المشهد الثقافي

1 يناير 1970 06:58 ص

تظل المرأة العربية في جهودها تجاه الحصول على حقوقها ضمن نسيج لا يتجزأ من وضع المرأة في العالم ككل، لا احمل نظرة تشاؤمية للوضع لكن تشخيص او تفنيد بعض الامور ربما اضاف بعض التفاؤل بالنسبة لي على الاقل، ليس لدي عقدة تجاه سيادة الرجل فهذا امر وجدنا انفسنا كنساء قادرات على التعايش معه، وليس لدي نية في طلب مساواة غير مستمدة من مجتمعنا وشريعتنا، على الرغم من محاولة الكثيرين لي اعناق النصوص وتكييفها وفق الهوى والمصالح، واستخدام الشريعة السمحاء من اجل اقصاء المرأة خارج اي مشهد اجتماعي اوثقافي، على الرغم من انه احد اهم الاسباب،الا انه يحتاج الى وقفة طويلة ومستقلة لا مجال إلى الخوض فيها الان. خرجت المرأة الخليجية من المشهد الثقافي لسبب يخص طبيعة المجتمع، وقد اثر على الرجل والمرأة على حد سواء، وهو عدم ايمان الاسرة الخليجية بأهمية القراءة فمن النادر جدا ان تجد في البيت الخليجي ركنا للكتب او مكانا مخصصا للقراءة، وتتحمل المرأة في مجتمعنا الجزء الاكبر من عدم وجود مجتمع مثقف او قارئ كونها اهملت اهمية هذا الجانب لدى اولادها منذ البدء، فلا ينظر للفتاة التي تعشق القراءة والكتابة نظرة اهتمام مثلما ينظر اليها لو كانت تعشق  هواية اخرى، لم تستطع اي امرأة خليجية الوصول إلى رئاسة تحرير صحيفة يومية، بل ان المرأة الصحافية في مجتمعنا تعاني الامرين مثلها مثل اي امرأة عاملة اخرى، والوزارات المعنية بهذا الشأن كأنها وزارة الرجل، والجمعيات الثقافية في الوطن الخليجي يسيطر على ادارتها ووضع اجندة اعمالها الرجال وهم مهما ادعوا من انصاف يبقى نتاج الرجل الثقافي لديهم في المرتبة الاولى، فعندما تنظر في جدول اعمال اي جمعية ثقافية، هذا ان كان لها جدول اعمال، تجد ان المرأة لا تحتل سوى ما يقارب الواحد بالمئة من انشطة الجمعية، والسبب الاكثر اهمية انك لايمكن ان تجد امرأة ترأس الصفحات الثقافية في اي مطبوعة خليجية، ومن المستحيل والمضحك في آن واحد ان نرجع السبب في ذلك لعدم وجود امرأة مؤهلة تشغل مثل هذه المهمة، بل انك تستغرب ان ما يقارب النصف من المسؤولين عن الصفحات الثقافية في صحفنا الخليجية، اقل في القدرات من مهامهم بشهادة النصف الاخر منهم! وهذا السبب ادى إلى عدم وجود مرجعية ثقافية نسائية خليجية يمكن اللجوء اليها عند الحاجة، لقد لمست ذلك بنفسي عندما اردت اصدار كتابي الاول، فجميع الرائدات في هذا المجال يصعب الوصول اليهن بسهولة لعدم وجود جهة ثقافية رسمية ينتمين اليها، وفوق هذا هن لايملكن غير مكانة اعتبارية تكاد تكون هامشية وهذه المكانة تعتمد اعتمادا كليا على ما يملكنه من معارفهن الرجال في هذا المجال، فمهما كان بعض المثقفين الرجال يملكون تحضرا ورقيا تجاه التعامل مع الانثى المثقفة ونتاجها الا ان الكثير من النساء قد عزفن عن المشاركة في الحراك الثقافي لهذا لسبب، المرأة الخليجية المثقفة تحتاج إلى مجتمع يحترم خصوصيتها، فعلى الرغم من ان الفكر لا يفرق بين الرجل والمرأة لكن المكان والمسؤولية بحاجة إلى استقلالية تامة، وقد استبشرنا نحن النساء خيرا عندما قامت بعض الصحف بوضع مقار وإدارات نسائية مستقلة لكن سرعان ما ذهب الفرح ادراج الرياح عندما رأينا كيف يتم التعامل مع طرحهن داخل الصحيفة، ومع الفشل الذريع الذي تعانيه الجمعيات الثقافية الخليجية نتمنى ان يتم انشاء جمعيات ثقافية نسائية فربما تستطيع المرأة من خلالها ان تدخل المشهد الثقافي بقوة، وربما تتجاوز خلال زمن قصير كل ما بناه المثقف الرجل على الرغم من كل الامتيازات التي يتمتع بها في مواجهة انثى لا تشغل سوى جزء بسيط من المشهد!.


مها بنت حليم


كاتبة سعودية

[email protected]