د. وائل الحساوي / نسمات / أطفال الحجارة في الكويت

1 يناير 1970 11:39 م

لقد حذرت قبل أسبوعين من أن فرض الحكومة لقانون منع الفرعيات بالقوة هو أمر مستحيل، وأن الخشية من أن تقع الحكومة في المحظور وذلك بانتهاك حرمة البيوت والاعتقال التعسفي، وقد حدث ذلك كما حذرت، فشاهدنا للمرة الأولى أطفال الحجارة الكويتيين يقذفون رجال الأمن بالحجارة ويحاصرونهم، بينما طائرة تقصف منازل المواطنين بالغاز المسيل للدموع، وكأنها معركة مع جيش غاز وليست انتخابات فرعية لبعض القبائل!

كما قامت الحكومة بإصدار القانون المشؤوم للتجمعات الذي ألغته المحكمة الدستورية وحكمت بعدم دستوريته ما أثار سخط الجميع وأشعرنا وكأننا نعيش عصر الدولة البوليسية.

إن الحكومة تستطيع منع الفرعيات يطرق أكثر حكمة مما فعلته وذلك بتسجيل أرقام السيارات التي تذهب إلى تلك الفرعيات واستدعائها إلى النيابة بدلاً من الإصرار على تفريقها بالقوة، لذا فإني أعتقد بأن وزارة الداخلية قد بدأت بالتخبط الفعلي في سبيل إقرار القوانين وتسببت في آلام كثيرة للشعب، وليتها فعلت الشيء نفسه مع جميع القوانين، فالرشوة الانتخابية التي فاحت رائحتها وأصبح لها تقنياتها الكثيرة لم تفعل الداخلية لها شيئاً وإنما طلبت من المواطنين إبلاغها عن أي انتهاكات، وقد شاهدنا النائب السابق الذي صور له الناس أفلاماً واضحة وهو يرشي الناس في الانتخابات السابقة ثم نفذ بجلده لعدم كفاية الأدلة.

واليوم تتحرك الحكومة للانقضاض على الفضائيات التي لا تتقيد بتعليمات الوزارة، ولا ندري كم من المخالفات ستقدمها وزارة الإعلام أدلة على انتهاك الفضائيات للقوانين مع أننا نرى بعض الفضائيات يتمادى كثيراً في الطعن بالناس وتجريح الأشخاص.

نحن نطالب بتطبيق القانون والدخول في نظام الدولة العصرية ولكن الحكمة مطلوبة والتدرج مطلوب، لاسيما مع أناس تعودوا على الفوضى وكسر القوانين بينما الإفراط في استخدام الشدة قد يؤدي إلى عكس المطلوب.

كان عمر بن عبدالعزيز رحمه الله يتدرج في تصحيح الأمور، ولما عاب عليه احد ابنائه وطالبه بحملهم على الحق دفعة واحدة قال له قولته المشهورة: «إني أخاف أن أحملهم على الحق جملة فيتركوه جملة، ولكن لله عليّ ألا يأتي يوم إلا وأنا أحيي سنة وأميت بدعة».


د. وائل الحساوي

[email protected]