«كريس» في الصدارة و«بي بي» انحرف إلى مصر ومنها إلى دارفور

الأقمار الاصطناعية تتعقب مسارات رحلة هجرة 14 طائر وقواق من بريطانيا إلى أفريقيا ... وإياباً

1 يناير 1970 05:21 م
في إطار مشروع بحثي وتوعوي رائد ومثير للاهتمام في آن معا، يواصل «الاتحاد البريطاني لعلوم الطيور» (BTO) متابعته اليومية من خلال التعقب بالاقمار الاصطناعية لمسارات عدد من طيور الوقواق خلال رحلة هجرتها الموسمية من بريطانيا إلى افريقيا ثم عودتها إلى بريطانيا مرة اخرى.

عنصر الريادة في المشروع يتمثل في كونه اول مشروع من نوعه يعتمد على تقنيات التتبع عبر الاقمار الاصطناعية بهدف تحديد مواقع الطيور اولا بأول خلال ترحالها على طور مسارات خط الهجرة الذي يمتد لمسافة تبلغ نحو 20 الف كيلو متر ذهابا وايابا بين قارتي اوروبا وافريقيا.

أما عنصر الاثارة فيتمثل في ان الموقع الانترنتي الخاص بالاتحاد البريطاني لعلوم الطيور يوفر متابعة آنية حية لتحركات كل طائر من الطيور المهاجرة، وهي الطيور التي تم منح كل واحد منها بطاقة هوية تعريفية تشتمل على اسم خاص بذلك الطائر إلى جانب بيانات اخرى تتعلق بنقطة انطلاقه وعمره ولونه وما الى ذلك من بيانات توثيقية وتم تقسيم طيور الوقواق التي يتتبعها المشروع إلى 3 مجموعات تضم الاولى 4 طيور انطلقت من انكلترا واطلق عليها الباحثون اسماء «كريس» و«جون» وليستر وريتشر بينما تضم المجموعة الثانية 5 طيور انطلقت من اسكتلندا وتحمل اسماء «بي بي» وتشانس ومونغو وروي ووالاس في حين تتألف المجموعة الثالثة من 5 طيور اقلعت من امارة ويلز وتحمل اسماء ديفيد وايدميلي واندي وأبولو ولويد.

وإلى جانب الاسماء، تم تمييز كل طائر من الطيور الـ 14 برمز لوني خاص به وهو الرمز الذي يظهر عادة على خريطة المتابعة الآنية التي تظهر على الموقع الالكتروني ويجري تحديثها اولا باول لاظهار مسار هجرة كل طائر على حدة والنقطة التي وصل اليها على طريق هجرته إلى قارة افريقيا.

وتعتمد عملية تقفي مسار هجرة تلك الطيور تحديدا على تكنولوجيا تحديد المواقع عبر الاقمار الاصطناعية، وهي التكنولوجيا المتطورة التي باتت تُعرف اختصارا بـ «GPS»، وتتم عملية متابعة كل طائر عن طريق تثبيت شريحة اتصال الكترونية على جسم الطائر المهاجر، وهي الشريحة التي تبث اشارات الكترونية باستمرار إلى قمر اصطناعي خاص بالاتصالات والذي يقوم بدوره بترحيل تلك الاشارات أولا بأول إلى ما يعرف بـ «منصات البث اللاسلكي» بحيث يمكن تحديد موقع كل طائر بدقة متناهية لحظة بلحظة على خريطة «غوغل ايرث» عبر موقع BTO الانترنتي.

وهكذا فان المشروع البحثي يوفر لمحبي الطيور حول العالم فرصة غير مسبوقة لمتابعة مسار هجرة كل طائر من الطيور الـ 14 على حدة، إذ ان ادارة الموقع تحرص على بث الخريطة التفاعلية الحيّة مع نشر تحديثات اخبارية حول كل طائر.

ويقول مسؤولو المشروع ان الهدف من ورائه هو توعية الجمهور بالمخاطر البيئية التي تتعرض اليها طيور الوقواق التي تراجعت اعدادها في بريطانيا بنسبة 50 في المئة تقريبا خلال العقدين الفائتين، كما يهدف المشروع إلى رصد سلوكيات تكاثر وهجرة تلك الطيور سعيا إلى تحديد العوامل التي تسهم في المحافظة عليها وحمايتها من خطر الانقراض.

وكان هذا المشروع الرائد قد تم تدشينه في العام الماضي، حيث ثبت الباحثون شرائح اتصال اليكترونية على اجسام طيور وقواق قبل ان تنطلق مهاجرة إلى افريقيا من مقاطعة نورفوك الانكليزية واستطاع الباحثون من خلال تلك المتابعة رصد وتحديد المواقع التي تتوقف عندها تلك الطيور عادة والمسارات المتعددة التي تسلكها في طريق الذهاب والعودة.

وفي هذا العام، قرر الباحثون توسيع نطاق المشروع ليشمل طيورا انطلقت مهاجرة من اسكتلندا وويلز إلى جانب انكلترا. وأوضح الباحثون أن الطائر الذي يدعى «كريس» كان من بين الطيور التي تم رصدها في رحلة العام الفائت ونجح في العودة إلى نور فوك ثانية.

ووفقا لخريطة الأقمار الاصطناعية التي تبين مسارات هجرة الطيور، فان الطائر «كريس» وصل حاليا إلى نقطة قريبة من بحيرة في جمهورية تشاد، الا ان المثير للاستغراب هو ان 3 من بين الطيور التي انطلقت من انكلترا مازالت متأخرة بكثير حتى الآن اذ ان بعضها يوجد حاليا في اماكن في فرنسا والمانيا واسبانيا، اي بفارق يبلغ اكثر من 3 آلاف كيلو متر عن «كريس» المتقدم.

اما الطائر «بي بي» وهو من مجموعة اسكتلندا فانه «انحرف» في مساره بعض الشيء، اذ انه حلق فوق البحر المتوسط متجها إلى شمال مصر ثم انطلق بعد ذلك إلى منطقة في جنوب غرب اقليم دارفور السوداني، ويشير مساره إلى انه يتجه حاليا إلى نفس المكان الذي يوجد فيه كريس على مقربة من بحيرة تشاد، اما الطائر الذي يدعى «ابولو» كما تشير خريطة المسارات الى ان الطائر «ديفيد» يوجد حاليا في غرب السودان على مقربة من الحدود مع تشاد، أما الطائر الذي يدعى «أبولو»، فإنه لم يبد أي تقدم أو تغير ملموس منذ 15 اغسطس الفائت، وكذلك الحال بالنسبة إلى الطائر «لويد» الذي مازال في ايطاليا منذ 9 اغسطس وكذلك الحال بالنسبة لزميله «ايندي» الذي لم تصدر عنه اي اشارات منذ 13 اغسطس، ومازال الطائر «والاس» يجوب اجواء المانيا حتى الان، حيث تشير تحركاته إلى انه يوجد حاليا على مقربة من قرية لوترباخ القريبة من مدينة شرامبيرغ.

وكجزء من المشروع التوعوي، يوفر الموقع لزواره امكانية التكفل برعاية احد تلك الطيور المهاجرة وذلك من خلال الالتزام بتبرعات مالية معينة في مقابل ظهور اسم الراعي المتبرع بشكل متلازم مع اسم الطائر خلال رحلة هجرته ذهابا إلى افريقيا وايابا إلى بريطانيا.