المبعوث الأممي الجديد إلى سورية يؤكد أن ليس من مصلحة المواطنين التفريط بالدولة بل العمل لإصلاحها ونيل حقوقهم

الأخضر الإبراهيمي... للمواطنين العرب حق الغضب من الدولة

1 يناير 1970 02:41 م
| اعداد عماد المرزوقي |

قبيل عامين فقط أتى المبعوث الأممي السابق للسلام الاخضر الابراهيمي لدمشق والتقى الرئيس السوري بشار الأسد في جولة اقليمية لتعزيز محادثات السلام بين اسرائيل والعرب. لكنه اليوم يأتي لاقامة السلام بين نظام الأسد والسوريين أنفسهم.

المفارقة كبيرة ولغة الخطاب من المرجح انها ستتغير، فبين اقناع الأسد بالسلام مع اسرائيل وحضه اليوم على ايجاد مخرج لأزمة بلد وشعب بأكمله، هناك فرق كبير وجهد مضنٍ قد يكون عبئاً على رجل مسن ناهز عمره الـ 78 عاما. ام هل تغلب حكمة خبرته التي اكتسبها من أزمات مماثلة للأزمة السورية كأزمة الانتقال السياسي في العراق بعد سقوط صدام حسين في التوصل الى حل يراه العديد ضبابيا. الى ذلك هل ينجح الابراهيمي فيما عجز عنه كوفي عنان؟. كلاهما أرهقتهما الجولات المكوكية من بلد الى بلد ومن نزاع الى نزاع، وكلاهما يشتركان في بياض شيب رأسيهما لصعوبة مهمة وساطة السلام على ما يبدو، فهل سينجح الابراهيمي في ما فشل فيه عنان الذي عده البعض سابقا الأقدر على اقناع الأسد بخيار الاستجابة لمطالب شعبه والانتقال السلمي للسلطة؟

اسم الاخضر الابراهيمي وزير الخارجية الجزائري الاسبق بات متلازما والمهمات الاممية الشائكة في العالم، مع اختياره من المنظمة الدولية لخلافة كوفي انان كمبعوث الى سورية، والمرجح أن يعلن غدا أو بعده.

ويوصف الدبلوماسي الجزائري صاحب الباع الطويل في المهمات المعقدة من لبنان وهايتي وجنوب افريقيا وصولا الى افغانستان والعراق، شخصا حازما يعرف ماذا يريد. ويعد اختيار الابراهيمي لخلافة انان في سوريا، مهمة اضافية شديدة التعقيد للدبلوماسي المخضرم البالغ من العمر 78 عاما والذي يعود الى الساحة الدولية كلما ساد الاعتقاد انه تقاعد.

الابراهيمي وصف كمهندس سابق لعملية سياسية تؤدي إلى انتخابات في العراق، ووصف أيضا كمتنبا لانسحاب أميركي من اراضي العراق، فهل يصدق حدسه هذه المرة في سورية ويتنبأ ببقاء أو خروج الأسد؟

وتوقع سابقا وفق تقرير دولي يعود الى 2008 «أن الولايات المتحدة ستنسحب من العراق بطريقة تخدم مصالحها». هذا ما حصل فعلا في أخر 2011 اي بعد 3 سنوات من توقعاته.

كما دعا الابراهيمي سابقا في 2008 حسب تصريحاته نشرت له على وسائل اعلام عربية وعالمية أن «على الحكومات العربية ايلاء الكثير من الاهتمام للضعفاء والفقراء». واضاف ان «الديموقراطية ليست مجرد انتخابات، ولكن تفعيل المؤسسات وسيادة القانون». ورأى في العام نفسه أن «الفجوة بين الحكومات العربية وشعوبها تضر مجتمعاتها»، مشيرا الى أن «المواطنين العرب لهم الحق في الغضب من الدولة، لكنه ليس في مصلحتهم التفريط فيها. على المواطنين العمل لإصلاح دولتهم، بحيث يكون لهم حقوقهم». وبهذا التصريح كانت العبارات التي أدلى بها أنذاك المبعوث الأممي العربي الوحيد للسلام وتجلى تحذيره فعليا مع بداية الثورات العربية عندما تفجر غضب المواطنين مرة واحدة امام حكامها». فهل يحق له ان يكون عراف السلام والحرب في الوقت نفسه؟

المفاوضات لا تزال جارية حول دور المبعوث، وكيف ستعمل الأمم المتحدة في سوريا خصوصا أن ولاية بعثة الأمم المتحدة في البلاد تنتهي في 20 أغسطس.

وعرّف موقع الأمم المتحدة الأخضر الابراهيمي كديبلوماسي جزائري مخضرم، اسمه بالكامل محمد الأخضر الإبراهيمي الذي اقترح اسمه أخيرا كمبعوث الامم المتحدة الجديد الى سوريا بدلا من المبعوث السابق للامم المتحدة كوفي عنان.

ولد الأخضر الابراهيمي في يناير 1934 في عزيزة جنوب الجزائر، هو سياسي وديبلوماسي جزائري، درس القانون والعلوم السياسية في الجزائر وفرنسا. كان الإبراهيمي وزيراً للخارجية بين عامي 1991-1993، كما كان مبعوثا للأمم المتحدة في أفغانستان والعراق.

بدأ رحلته الدبلوماسية بتمثيل جبهة التحرير الوطني في جاكارتا (1954-1961) إبان الثورة الجزائرية. واهم المناصب التي تقلدها مسؤول سامي في الجامعة العربية (1984-1991)، مبعوث للأمم المتحدة في لبنان 1989، مبعوت الجامعة العربية إلى لبنان (1989-1992)، وزير خارجية الجزائر (1991-1993)، مبعوث للأمم المتحدة في العراق 2004.

وبدأ الابراهيمي وفق قاعدة بيانات الأمم المتحدة تمثيله الديبلوماسي لدى الأمم المتحدة بتعيينه مبعوثاً للأمم المتحدة إلى هايتي وجنوب إفريقيا واليمن وزائير في الفترة الممتدة بين عامي 1994-1996، وفي السنوات الأخيرة كلف من طرف الأمم المتحدة لحل تفاوضي في العديد من بؤر التوتر والتي كللت في العديد من الأزمات بنجاح، وبين عامي 1997 حتى عام 1999 كان مبعوثاً أمميا لأول مرة إلى أفغانستان.

ووصف الابراهيمي في محاضرة في 2002 بعنوان «دور القانون في الداخل والخارج» في جامعة «ابسالا» السويدية ان «القانون الدولي اصبح مطاطا». ولم يحبذ كثيرا التدخل الخارجي في العراق عن طريق القوة العسكرية عقب 2002 وتساءل حينها عن سبب قرار قصف العراق قائلا «لماذا الآن فقط، بعد 12 سنة طويلة من معاقبة شعب العراق، يقر مجلس الأمن بأن العقوبات المفروضة على العراق لم تنجح، على الرغم من أن العديد من وكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني العديد دقت ناقوس الخطر مرارا وتكرارا خلال هذه السنوات». وعلاوة على ذلك، على حد تعبيره، لم يفعل لا مجلس الأمن ولا الاتحاد الأوروبي بما فيه الكفاية لمعالجة أسباب الصراع بين اسرائيل وفلسطين، في حين أن مجموعة من البلدان النامية لم ترق الى مستوى المسؤولية للمساهمة، على سبيل المثال، في إصلاح في مجلس الأمن».

وبين الابراهيمي في محاضرته المشهورة أن «قوانين حقوق الإنسان تلعب دورا أساسيا في التحول الاجتماعي لأي بلد»، بذلك فهو من الرجال الذين يعتقدون ان حلة ازمة سياسية داخلية تمر بارساء قوانين حقوق الانسان وبتطبيق ىالقانون واحترام الدولة وليس بالعنف». فهل يبــــقي على نفس نظريتـــيه بالنسبة لســورية ام سيخترع نظرية جديدة؟





عضو مجموعة حكماء العالم

وفائز بجائزة تفادي النزاعات



كلف الأخضر الإبراهيمي بمهام خاصة في الأمم المتحدة. ففي عام 2000 أعد تقريرا للأمين العام للأمم المتحدة عرف بـ «تقرير الإبراهيمي» حول عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في العالم. وكشف التقرير فشل الأمم المتحدة السياسي والإداري والمالي في إدارة الأزمات.

والإبراهيمي عضو في «مجموعة حكماء العالم»، وهي مجموعة مكونة من أبرز الزعماء في العالم أنشئت للمساعدة في إيجاد حلول سلمية للأزمات حول العالم.

وحصل عام 2010 على جائزة الحكام الخاصة لتفادي النزاعات من طرف مؤسسة شيراك التي أسسها الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك لنشر السلم العالمي.

للإبراهيمي ثلاثة أبناء، أبرزهم ابنته ريم، التي عملت مراسلة لشبكة «سي أن أن» خلال الحرب في العراق في 2003، وهي زوجة الأمير علي شقيق الملك الأردني عبد الله.

بدأ الابراهيمي عمله رسميا مع الأمم المتحدة عام 1993 مع تعيينه ممثلا خاصا الى جنوب افريقيا مسؤولا عن بعثة المراقبين التي اشرفت على اول انتخابات ديموقراطية بعد القضاء على نظام التمييز العنصري والتي افضت الى تولي نلسون مانديلا الحكم.

وبعد جنوب افريقيا اختير الابراهيمي مبعوثا خاصا الى هايتي (1994-1996).

كما تولى مهمات خاصة حملته الى جمهورية الكونغو الديموقراطية (زائير سابقا) واليمن وليبيريا ونيجيريا والسودان.

خبر الابراهيمي افغانستان على مرحلتين، الاولى بين يوليو 1997 واكتوبر 1999 حين كان مبعوثا خاصا للامين العام للامم المتحدة. اما المرحلة الثانية الاكثر تعقيدا فتلت اجتياح البلاد بعد احداث 11 سبتمبر 2001 وسقوط نظام حركة طالبان الاسلامية.

وتمتع الابراهيمي بين اكتوبر 2001 وديسمبر 2004 بسلطة تامة على الجهود السياسية والانسانية واعادة الاعمار التي قامت بها الامم المتحدة في هذا البلد. وبين مهمتيه الافغانيتين، اوكلت الى الابراهيمي مراجعة عمليات حفظ السلام في العالم انطلاقا من كونه مساعد الامين العام للمهمات الخاصة.

وبعد تعيينه مطلع 2004 مستشارا خاصا للامين العام للامم المتحدة مكلفا خصوصا تفادي النزاعات والعمل على حلها، اختير مبعوثا خاصا لأنان الى العراق في الفترة الانتقالية التي تلت اجتياح عام 2003. اما المهمة الاحدث التي اوكلتها اليه الامم المتحدة فكانت رئاسة فريق للخبراء عام 2008، كلف اصدار توصيات لتحسين امن موظفي المنظمة الدولية في العالم.