حتى الآن مازال أغلب المرشحين يعيشون في اجترار الماضي او في الحديث عن امور آنية ستنتهي خلال شهر مثل إزالة الدواوين والانتخابات الفرعية، بينما قضايا الوطن الاساسية لا يكاد يتطرق لها أحد. لقد سئم الناس من اشغالهم ليلا ونهارا في قضايا هامشية لا تهم الا شريحة محدودة وهي تتعلق اساسا بمخالفات يجرمها القانون او تعد على املاك الدولة، ولعل جهود وزير الداخلية في فرض هيبة القانون بالنسبة للفرعيات وجهود لجنة الإزالة بالنسبة للدواوين تمهد لمرحلة مقبلة ستكون باذن الله تعالى مختلفة عن الفترة المظلمة التي عشناها خلال عدة سنوات من ضياع هيبة القانون وسيادة قانون الغاب، وانا في الحقيقة متفائل نسبيا بان افرازات الخمس دوائر وجدية الحكومة في تطبيق القوانين ستحدث نقلة نوعية في تخطي تلك المرحلة الصعبة التي عشناها سابقا باذن الله.
بالطبع نحن ندرك بان المريض الذي قضى فترة طويلة في غيبوبة المرض لا يمكنه استعادة تأهيله بالسرعة التي يتمناها، لكن كل تحسن يطرأ على حالته هو مؤشر جيد ومطلوب الاستفادة منه لاشك ان منظمي الفرعيات لن ييأسوا من تحركهم ولكن على الاقل لن يجاهروا بها امام الناس كما كانوا يفعلون سابقا، ولاشك ان التعدي على املاك الدولة واموالها لن يتوقف، لا سيما من المتنفذين، ولكن على الاقل دعهم يشعرون بأن القانون يلاحقهم وانهم منبوذون من الناس.
المهم هو ان المرشحين الحاليين يجب ان يتجاوزوا الحديث في تلك القضايا او الدفاع عن التجاوزات وان يسعى كل مرشح لعرض افكاره وبرنامجه الانتخابي بأفضل وسيلة ممكنة، حيث ان الناس تراقبه مراقبة دقيقة وتضع تقييما واضحا لجوانبه الايجابية والسلبية، لا سيما من خلال الفضائيات التي لا تترك صغيرة ولا كبيرة الا كشفتها، وقد شاهدت بعض مقابلات المرشحين في الفضائيات كانت فضيحة لهم بدلا من ان تكون دعاية.
من يصدق بان الكويت لا توجد بها حتى الان خطة واضحة لانفاق الفوائض المالية التي تصل إلى المليارات من الدنانير؟! ومن يصدق بأن خطيئة العصر في الدعوة إلى اسقاط القروض مازالت تتردد على ألسنة بعض المرشحين وينوون إعادة طرحها في المجلس المقبل؟! ومن يصدق باننا ليست لدينا خطة خمسية ناهيك عن عشرية او عشرينية عدا العبارات الانشائية التي يسمونها خطة؟! ومن يصدق بان توصيات مؤتمرات تطوير التعليم الكثيرة لم تزل حبرا على الورق وان التعليم في تدن؟! ومن يصدق بان حماية المجتمع من الظواهر الاخلاقية الشاذة والمخلة لم يصدر بحقه الا بضعة قوانين ولم تر النور على ارض الواقع؟! هذا ما نتمنى سماعه من المرشحين خلال الفترة المقبلة وكفانا إضاعة للوقت.
د. وائل الحساوي
[email protected]