منى فهد العبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / لم أجد عنواناً...!

1 يناير 1970 10:14 م
| منى فهد العبدالرزاق الوهيب |

عنونت مقالي بـِ «لم أجد عنواناً» ليس قصورا باللغة العربية، ولا شحاً باللهجة العامية، بل لكثرة الأفكار وتزاحمها داخل الذهن، وهذا ما أربكني وأعجزني عن اختيار عنوان، وما ازدحمت الأفكار إلا لعمق المفاهيم والمضامين التي نتلقاها من مدرسة دانة الشهور شهر رمضان، حقيقةً شهر رمضان مرب ومؤدب على قيم ومبادئ تجاهلناها وتناسيناها في بقية الأشهر.

لكل منا هدف بل أهداف، أعظمها وأجلّها الوصول للجنان، ولكن هناك أهداف مرحلية في دار الاختيار بل دار الاختبار، وهي عبارة عن وسائل وأدوات تؤهلنا وتمهد لنا الطريق للوصول إلى غاية الهدف، ولابد من عبور جسر الأهداف للوصول إلى مآربنا، ولكن! قبل محاولة ارتقاء الجسر، من الضروري أن يكون لدينا زاد ومؤنة تغذينا وتعيننا على المضي بالسير من دون عقبات وعثرات وأهمها وضوح وشفافية المنهاج الذي نسير عليه.

إن الهدف يفتح ذهنك، ويستثير خيالك، ويجعلك دائم التفكر بكيفية بلوغ أهدافك، ويستنهض فضولك، ويعينك على صنع حالة عدم الرضا الصحي عن وضعك الراهن، لتبحث عما هو أفضل وأرقى، إن كنت ممن يضع لنفسه أهدافاً ولا يعيش في الحياة تائهاً ضائعاً لا إرشادات ومدلولات ترشده للمنهج السليم الذي يحقق له الهدف، حتما ستتعرف على الأشياء التي تريدها في الحياة وتضع خطة بمجموعة الأفعال اللازمة للحصول عليها، ومن أهم إيجابيات مسيرك ضمن أهداف هو إيقاظ ذلك العملاق النائم بداخلك لتكتشف نفسك وتتعرف على ذاتك، ومن ثَم مؤكدا ستساعدك على الرصد في التعرف على نقاط ضعفك وترهلك، حتى تتغلب عليها وتستبدلها بنقاط قوتك.

إن النظرة المتعمقة للمواقف والأحداث والأشياء تكشف أكثر بكثير مما تكشفه النظرة العابرة، لأن معظم الناس يحتاجون أحياناً إلى شخص آخر يوضح لهم ما هو واضح، وكثيراً ليوضح لهم ما هو أقل وضوحاً، وذلك بسبب النظرة السطحية التي صورها الإنسان في ذهنه عن شخص أو مكان أو زمان أو حدث من دون أن يقرأ أو يسمع عنه، ويستند على تلك الصورة ويشخص ويفند وينظر لواقع وهمي من صنع صورته الذهنية، إن الفلسفة التي تحتويها الكلمات التي نقرأها أو نسمعها من مصادرها الحقيقية يمكن أن تصنع اختلافاً كبيرا في حياتنا، فالكلمات أبلغ من الصور، صحيح هي مجرد كلمات ولكنها ذات وقع فغيرت مصائر شعوب ومعتقدات بشر ومسار تاريخ وحياة ملايين الناس.

لا تكن تافهاً خاوياً كل ما يقال يمر عليك مرور الكرام، دون أن تقف عنده وتحلله وتفنده بطرح التساؤلات التي توصلك إلى عمق العمق في الأحداث والمواقف والأشياء التي تمر بك، تعلم كثيرا وطويلا، إن التعلم هو استخراج أفضل ما فيك، ولن تجد بيئة خصبة وصحية للتعلم مثل هذا الشهر العظيم فاستغله بكل ما تملك من قدرات وإمكانات لتستمتع بما تملك، وتعزز إيجابياتك، وتعيش مبادئك وقناعاتك بنكهة فلسفية تساعدك وتعاونك على إكمال مشوارك بتحقيق أهدافك.

 



twitter: @mona_alwohaib

[email protected]