تركي العازمي / عفوا... الكرامة الوطنية لا تشترى!

1 يناير 1970 01:57 ص

اللعب مع الكبار صعب، ومعرفة ما يدور في خلجات الأنفس البشرية أصعب، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التنبؤ بمضمون ما تختزنه الأنفس، ذلك أن النوايا تندرج تحت مفهوم الغيبيات «أسرار الأنفس» التي لا يعلم عنها سوى المولى عز وجل.

في المشاورات حوسبت النوايا بجرم إقامة الفرعيات الذي لم يقع، وتم شحن الأنفس، وفسر ذلك بأنه كيل بمكيالين وتجاوزت ردة الفعل التوقعات. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

«العلم بحر» كما يقول المثل الشعبي في مجتمع نهض على عجالة مسانداً للقانون الذي تتوجه النوايا لكسره، ونحن من منظور عقلاني مع القانون ولكننا نختلف حول طريقة المعالجة التي تمت في عجالة وذلك في وقت ظهرت فيه الأخبار عن شراء الأصوات وحجز للجنسيات وهي أخبار في منتهى الخطورة على النسيج الاجتماعي!

إننا لسنا في سوق للماشية، نحن بشر أعزنا الله بالكرامة الإنسانية التي لا تقيم بمبلغ معين، ولا يمكن شراء ذمم البشر حتى وإن كان البعض قد يضعف أمام المغريات ويبيع صوته مقابل حفنة من النقود!

الشاهد أننا أمام قضية مشابهة لغسيل الأموال تحاول استدراج ضعاف العقول لغسل قناعاتهم ومسح كرامتهم الوطنية بمبالغ مدفوعة كدعم أو تحت أي مسمى آخر، فما العمل يا وزارة الداخلية؟.

المراد من هذه المقالة حث رجالات وزارة الداخلية على التركيز في جمع الأدلة للقبض على الراشين والمرتشين... ذلك أن شراء الأصوات خطر أكبر من الفرعية ومحاسبة النوايا. لا نريد قضايا ترفع وينتهي بها المطاف إلى الحفظ لعدم كفاية الأدلة أو عدم توافر الدليل المادي، والحيطة والحذر من ظاهرة المال السياسي أمر واجب التنفيذ ولا بد أن يتم هذا بطريقة متقنة.

إننا مقبلون وبدعوة سامية إلى المشاركة في عرس ديموقراطي يرفض «العانية»، الدعم، الرشوة، أو أي وسيلة يحاول البعض دسها خلال العرس الديموقراطي المنتظر!

عندما تحدث قفزة مفاجئة في رصيد المرشح المالي، فهذه القفزة لا تفسير لها سوى المال السياسي الذي يراد منه تعكير صفو العملية الانتخابية، وطمس ملامح الكرامة الوطنية التي تحتاج إلى دعم لاختيار نواب يصلون إلى البرلمان عن طريق قدراتهم الذاتية لا المالية!

عفوا... الكرامة الوطنية لا تشترى ويجب أن نبحث عن الوسيلة الأنسب للقبض على كل من يساند هذا التوجه الخطير الذي وإن صحت الأخبار فإنه سيأتي لنا بنوعية من النواب لا هم لهم سوى الكسب المادي وجر البلد إلى نفق مظلم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

إنه لعب مع الكبار... والكرامة الوطنية لا يهزمها أي لاعب محترف في شراء الذمم، ونحذر جموع الناخبين، من الجنسين، من هذه الآفة المدمرة بكل المقاييس.

اللهم هب ولاة الأمر الوسيلة المثلى في العمل على الكشف عن الأرصدة التي ستنتفخ في ليلة وضحاها وليبقى القانون هو الحكم العادل الذي يعيد للبشر كرامتهم الوطنية المعهودة ... والله المستعان.


تركي العازمي


كاتب ومهندس كويتي

 [email protected]