نشرت جريدة «الأنباء» خبراً عن تقسيم الدوائر الذي تبنته الحكومة أخيراً وتنوي فرضه كمرسوم ضرورة قبل الانتخابات المقبلة، ويتلخص المشروع في تعديل تركيبة الدوائر الخمس بحيث تكون الأعداد في كل دائرة متقاربة ولا تزيد الفروقات على 16 ألف ناخب بين دائرة وأخرى، كما ينص التعديل على إعطاء الناخب صوتاً واحداً بدلاً من الوضع الحالي وهو أربعة أصوات.
ومن مزايا هذا التعديل هو أنه يقطع الطريق أمام أي طعن مستقبلي بنظام الدوائر القائم اليوم من ناحية أعداد الناخبين في كل دائرة والذي يوجب تساوي الأعداد، والثاني هو تفتيت التكتلات القبلية والطائفية وإعطاء فرصة أكبر لبقية المواطنين في اختيار من يمثلهم حيث إن النظام القائم الآن يعطي فرصة تبادل الأصوات ما يكرس هيمنة الكتل والقوائم على الدوائر كما نشاهده بوضوح لا سيما في الدوائر الأولى والرابعة والخامسة.
في اعتقادي أن هذا الاقتراح أو اقتراحاً مشابهاً له يمثل حلاً لكثير من المشاكل التي عانيناها من نظام الدوائر الخمس القائم حالياً لأكثر من ست سنوات حيث ان النظام الحالي هو أسوأ الأنظمة ويمثل كارثة على البلد حيث كرّس الفئوية والقبلية والطائفية في أبشع صورها وجعل الولاء المطلق لتلك التكتلات إلى درجة أن المرشح للمجلس قد أصبح لا يكترث بغضب من غضب ما دامت قبيلته أو طائفته أو جماعته راضية عنه، وتحول مجتمعنا إلى الاصطفاف الغريب والمحاصصة التي لا ترحم الكفاءات التي تتواجد داخل مناطق النفوذ، بل حرص بعض نواب التكتلات إلى توزيع الأعطيات (الأصوات) على المتحالفين معهم ورفع من يرغبون برفعه للوصول إلى المجلس حتى وإن كانوا لا يملكون الشعبية الكافية، وفي ذلك تكريس للظلم على بقية المرشحين ما يعتبر مصادمة واضحة للدستور.
سألت أحد كبار قيادات المعارضة عن رأيه في اقتراح الحكومة فأجابني بأنه يؤيد هذا المقترح ويرى فيه حلاً واضحاً لكثير من الاختلالات كما أنه يجنبنا الوقوع في المخالفة الدستورية التي حذر منها بعض الخبراء الدستوريين والتي قد تؤدي للطعن فيها، لكنه ذكر بأن المشكلة هي في أن السماح للحكومة بإصدار مراسيم ضرورة سيفتح الباب على مصراعيه لإصدار مراسيم تغير كثيراً من القوانين القائمة أو تشرع قوانين مخالفة للدستور، وتجربتنا مع الحكومة قديمة ولا يمكن الاطمئنان إلى تصرفاتها!!
الحل الذي اقترحه البعض أن تقدم الحكومة استفسارها عن مدى دستورية نظام الدوائر الخمس القائم لدى المحكمة الدستورية، وفي حال بينت المحكمة عدم دستوريته فإن الحكومة تستطيع أن تلجأ إلى إصدار مرسوم ضرورة لتعديل الدوائر، قد يكون هذا الحل هو الأنسب للخروج من أزمة عدم دستورية الدوائر وكذلك أزمة النظام البرلماني الطاحنة التي نعيشها اليوم دون بادرة أمل، والله أعلم!!
د. وائل الحساوي
[email protected]