د. ملك الرشيد / مخرجات التعليم ... خارج حسبة الاعتماد الأكاديمي! (1-3)
1 يناير 1970
06:54 ص
| د. ملك الرشيد |
رئيسة مكتب الاعتماد الأكاديمي
كلية العلوم الاجتماعية
حظيت جامعة الكويت منذ إنشائها في عام 1966م بسمعة طيبة بين شقيقاتها من الجامعات على المستوى الإقليمي الخليجي كونها من أولى الجامعات وأوسعها قاعدة تخصصية بالمنطقة آنذاك. وسرعان ما توافد إلى تلك المؤسسة الفتية العشرات بل والمئات من الإخوة الأشقاء طلابا للعلم وسعاة للمعرفة ذات التعددية الفكرية والتي كانت الجامعة تمثلها بمن فيها من أفضل الأساتذة من أطياف الفكر وميادين الفلسفة على تنوعها. ومع مرور الزمن وبرغم تعالي أصوات المشككين بمستواها الأكاديمي ممن لديه حجة أو من استلذ بلعبة البحث عن الأخطاء السبعة... استمرت جامعة الكويت بالاحتفاظ بتلك الخصوصية في المكانة وإن أصابها ما أصاب مؤسسات الدولة قاطبة من فتور في التقدم وعرقلة لجهود التنمية نتيجة لفقدان بوصلة التخطيط السليم. فلا زال خريجوها تُفتح لهم أبواب أعرق الجامعات العالمية للقبول في برامج الدراسات العليا. وعلى سبيل الحفاظ على هذا التاريخ المشرف والسمعة العبقة دأبت الجامعة بمختلف كلياتها وبرامجها على الالتحاق بركب ما يعرف بـ «عجلة الاعتماد الأكاديمي العالمي».
الاعتماد الأكاديمي يعني باختصار خضوع المؤسسة التعليمية لشروط ومعايير محددة للجودة تصوغها مؤسسة عالمية ذات باع في المجال التعليمي الأكاديمي بحيث توجه تلك المعايير والشروط جهود تلك المؤسسة ومواردها وإمكانياتها الحالية نحو ضمان مخرجات تعليم ترقى للمستوى العالمي أكاديميا وفلسفيا وخدماتيا لتواكب التوجه العالمي لتعزيز التدريب ورفع المستوى المهاري عن طريق خلق الموقف الإيجابي من الحياة والعلم بالإضافة إلى استيفاء متطلبات سوق العمل، كما وتضمن الاستفادة من تقييم الوضع الحاضر-من طلبة ومناهج وبرامج علمية وموارد بشرية ومادية- لاستشراف عقبات المستقبل وتذليلها عن طريق التخطيط السليم المبني على عمليات التقييم الدورية والمستمرة. ولا يسعني هنا استعراض التاريخ التفصيلي لجهود ونتائج كليات جامعة الكويت المختلفة لنيل شهادات الاعتراف أو الاعتماد العالمي هنا، ولكن يجب الإشارة إلى أن الكليات العلمية كالهندسة والعلوم والتطبيقية كالعلوم الإدارية سبقت مثيلاتها من العلوم الإنسانية في تتويج تلك الجهود لربما لاختلاف معايير التقييم لكل منها.
الحديث هنا عن كلية العلوم الاجتماعية والتي أنشئت عام 1998 وتضم خمسة أقسام علمية هي: علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية والذي يطرح برامج البكالوريوس في كلا التخصصين بالإضافة إلى تخصص مساند في الأنثروبولوجيا، العلوم السياسية وعلم النفس و الجغرافيا ويطرح كل منهم برنامجي البكالوريوس والماجستير، وعلوم المكتبات والمعلومات والذي يطرح برنامج ماجستير فقط. بدأت الكلية مسيرة جهودها نحو الانضمام لشقيقاتها من كليات جامعة الكويت الأخرى ممن سبقها بنيل الاعتماد الأكاديمي منذ ما يزيد على العشر سنوات بتشكيل اللجان على مستوى الأقسام العلمية وتكليفها بإجراء التعديلات اللازمة والاستحداثات المطلوبة على صحائف تخرج جميع التخصصات الأكاديمية استنادا لآراء مجموعة من المحكمين والاستشاريين الدوليين الذين استقدمتهم الكلية أو الجامعة لهذا الغرض. تعددت بعثات الاستشاريين ما بين مختصين بحقل معين مثل خبراء علم النفس والخدمة الاجتماعية على سبيل المثال، وبين مختصين في مجال عمليات الاعتماد الأكاديمي بشكل عام كتعاون كلية العلوم الاجتماعية مع المؤسسة الأميركية للعلوم الإنسانية American Academy for Liberal Arts AALE بعد أن سبقتها كلية الآداب بالتعاون وأثنت على معاييرها الأكاديمية للامتياز والتطور. شخصيا، انضممت إلى جهود عملية الاعتماد الأكاديمي فور التحاقي بالعمل بعد عودتي من بعثتي الدراسية في عام 2004، وقتها كانت مجموعة محدودة العدد- من أعضاء الهيئة التدريسية المتفانين بالكلية تتولى الإشراف على تلك الجهود كل في مجال قسمه العلمي وتخصصه الأكاديمي كفريق بقيادة العميد المساعد للشؤون الأكاديمية آنذاك. عندما طُرحت فكرة التعامل مع المؤسسة المذكورة للمرة الأولى، راودت مجموعة من أعضاء الفريق وأنا أحدهم وبشدة- الشك بمدى مواءمة المؤسسة لخبرات الكلية كونها أكثر قربا من تخصص الآداب وليس العلوم الاجتماعية. ولكن سرعان ما خضع الجميع للأمر الواقع باستمرارية التعاون مع المؤسسة نتيجة لضغوط جامعية بضرورة الالتحاق بركب من نال الاعتراف الأكاديمي قبلنا. حينها... أعدنا مراجعة معايير المؤسسة بحثا عن القناعة الأكاديمية للاستمرار بالعمل معها، فوجدنا أنها مؤسسة تنتهج الاعتماد على تنمية مجموعة من «المهارات الحياتية » للطلاب بما يكفل خلق إنسان شغوف بتعليم الذات حتى بعد سنوات الدراسة الجامعية. فشملت المعايير ضمن أخريات- تنمية التفكير المنطقي والتحليل النقدي، تنمية مهارات التواصل واللغة، تنمية مهارات البحث والتقصي العلمي، تنمية روح التقبل للتعددية الفكرية والثقافية وغيرها... أهداف لا يستغني عنها أي برنامج تعليمي، فبادرنا باستكمال العمل على تلبية متطلبات المؤسسة بعد قبولنا لها كجهة تحكيم لبرامج الثقافة العامة بالكلية وكموجه لمواردها ورؤيتها، وقبولها للكلية كعضو مرشح للاعتماد.