أصدره جاسم محمد الشمري في رؤية توثيقية
كتاب / «منصة المبارك... ديموقراطية تصنع تاريخاً» يتحدث عن حقبة مهمة في تاريخ الكويت
1 يناير 1970
09:48 ص
| كتب المحرر الثقافي |
صدر للكاتب الزميل جاسم محمد الشمري، كتاب وثائقي تاريخي مهم يحمل عنوان «منصة المبارك... ديموقراطية تصنع تاريخا» وذلك عبر رؤية توثيقية لأول استجواب **علني لرئيس وزراء في الكويت.
والكتاب يضم 205 ورقات من القطع الكبير، ويتحدث فيه المؤلف عن الكثير من المحطات موضع البحث ليقول في مدخل الكتاب: «ستكون علامة فارقة في التاريخ السياسي صعود سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك منصة الاستجواب في جلسة علنية لتفنيد محاور ما يتهمه به مستجوبه... هي علامة فارقة لأن سموه اسس لعلاقة جيدة مع البرلمان فلم ينزع اظفار النواب في المساءلة السياسية للحكومة ولم يضع خطوطا حمراء في تحركهم حتى وان كان ضامنا حياد الاغلبية تجاهه وتجاه المستجوب الا ان ذلك لا يقلل من حجم الخطوة التي اتخذها سموه، وبطبيعة الحال فإن الحكومة بخطوة رئيسها سجلت هدفا قاتلا في مرمى نواب الاقلية التي وضح جليا انها تسير على غير هدى ودون اهداف محددة سوى اثارة زوابع قد تفضي الى اعادة الانتخابات كما فعلت الاقلية في البرلمان السابق وبما يعيد رسم الخارطة السياسية مجددا متناسين ان المعارضة السابقة كانت تتمحور دوما وطيلة سنواتها الثلاث الاخيرة على قضايا رئيسة مؤثرة عنوانها الفساد المستشري والتراخي الحكومي في مواجهته اضافة الى سيادة روح الفئوية ومماطلة الحكومة السابقة في التصدي له... المعارضة في البرلمان السابق لم تبادر الى الملاحقة السياسية لرئيس الوزراء السابق إلا بعد ان استنفدت كل طرائق التعامل مع حكوماته المتعاقبة وفي اول عهده مدت له يد التعاون ولم تدر له ظهر المجن حتى اصطفت حكومته مع قوى الموالاة في قطع الطريق امام خيار الاكثرية حينها في رسم خارطة انتخابية جديدة ثم كان الابتعاد شيئا فشيئا حينما لم تستجب الحكومات المتعاقبة لدعوة قوى الاقلية في لجم وسائل الاعلام المناوئة لها والتي كانت تتهم حينها بممالأة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد وربما كانت هي السبب الحقيقي في تأليب المعارضين ضده في السياسة التحريرية التي كانت تنتهجها».
واضاف «ورغم ان سمو الرئيس السابق كان يمتلك اغلبية مريحة له في البرلمان الا ان قوى الموالاة حينها لم ترشده الى ضرورة مجابهة قوى الاقلية المعارضة بما جعل الخصوم يتكاثرون وليس ادل على ذلك من حجم التأييد المحدود الذي لقيه الاستجواب الاول له مقارنة بالاستجواب الاخير الذي قفز فيه العدد الى ما يقارب من نصف النواب بعد ان كان اقل من ثلثه فقط هم المعارضة الفعلية له حينها، ولئن كان سمو الشيخ جابر المبارك موفقا في اعتلائه المنصة فقد كان موفقا في اكثر من ذلك حينما حسم جدلا كبيرا بين قوى الاقلية والاكثرية حول انتساب الحكومة لأي طرف منها اذ اعلنها صريحة ان ذلك ليس ضمن العرف السياسي في الكويت وانما هي حكومة صاحب السمو وبمعنى انها توافقية لأن سموه والد الجميع ويحرص على ان يكون على مسافة واحدة من الكل دون إعلاء طرف على آخر او الانتصار لجهة دون أخرى إلا بما يحقق مصلحة الدولة والأمة».
واستطرد في مدخل كتابه: «الاقلية البرلمانية التي تمترست حول المناكفة السياسية لن تصل الى شيء حتى تعلن الاكثرية انها في حل من هذه الحكومة ولن يكون ذلك ممكنا طالما كان سقف الحكومة الدستور وطريقها القانون ولا يعني ذلك ان الألغام لن تزرع في طريق الطرفين إلا ان النهج الذي ارتضاه سمو الرئيس سيكون كفيلا بوأد كثير من القضايا قبل تفاقمها.
نعم ستعمد الاقلية الى الملاحقة السياسية للحكومة غير انها ان لم تتبن قضايا حقيقية ومؤثرة وفاعلة فإنها يوما بعد آخر تدق مسمارا تلو مسمار في نعشها فيما الاكثرية تحصد نجاحا في انحيازها الى الانجاز وتحديد اولوياتها وحتى وان رأت الحكومة تعارضا في الاولويات فإن الانحياز الى الانجاز يجعلها مضطرة الى مجاراة تلك الاكثرية في خططها لتسير السفينة التي علقت في وحل المناكفات زمنا.
هذا الحدث الفارق في تاريخ الكويت السياسي واكبه زخم سياسي وإعلامي ضخم بين منتقد ومؤيد وممتدح وقادح وشكل في رؤيته الاجمالية مسلكا سياسيا كان لابد من توثيقه ليظل حاضرا في ذاكرة الوطن.
واكد قائلا «وهنا رأيت ان اوثق الحدث فبدأت بتقديم رؤية لما كانت عليه الحالة السياسية في الكويت قبيل تشكيل سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك حكومته الاولى فعليا في فبراير 2012 وهي الحالة التي لا بد من فهمها لتقدير اهمية اعتلاء المبارك ومنصة الاستجواب في جلسة علنية ليرد فيها على مستجوبه.
ومنها خلصت الى الحالة السياسية غداة الاستجواب وكيف تعاملت الساحة المحلية مع هذه المساءلة بعد ان قدم النائب صالح عاشور نص صحيفة استجوابه وقرأت مجمل ما قيل او كتب عن الاستجواب منذ اللحظة التي اعلن فيها النائب نيته تلك الى ساعة صعود الشيخ جابر المبارك المنصة وتفنيده الاستجواب... ثم رأيت ان من المناسب تسطير نبذة تعريفية عن طرفي المعادلة وهما المستجوب الشيخ جابر المبارك والمستجوب النائب صالح عاشور... وبعدها زلفت الى نص الاستجواب ثم رد سمو الشيخ جابر المبارك عليه ثم تعليق النائب عاشور على رد سموه ورد سموه على التعليق ثم مداخلات النواب المؤيدين والمعارضين... وبعدها رأيت ان من المناسب توثيق رؤية الصحافة اليومية لجلسة الاستجواب في اليوم التالي للجلسة ووجدت ايضا ان من المفيد الاشارة الى ما كتبه السياسيون والمعلقون عن تلك الجلسة وتداعياتها.
اخيرا اتمنى ان يكون هذا الجهد التوثيقي مفيدا للباحثين في التاريخ السياسي للكويت باعتبار ان كل خطوة فارقة تؤسس نهجا لن تكون الكويت بعده كما كانت هي من قبله».
وبالتالي فقد احتوى الكتاب على مواضيع رئيسية «فصول» تتفرع من بعضها مواضيع اخرى ذات علاقة... كي يبدأ بالحديث عن الحالة السياسية قبل تشكيل حكومة المبارك الاولى وذلك في الفصل الاول من الكتاب.
وتناول في الفصل الثاني «الحالة السياسية غداة تقديم الاستجواب» واندرج تحت هذا الفصل موضوعان هما «الموقف النيابي» وموقف المعلقين والكتاب السياسيين، في حين عالج المؤلف في الفصل الثالث مسألة «طرفي المعادلة» من خلال طرح سؤالين حول ماهية «المستجوب والمستجوب» بينما اشار في الفصل الرابع الى نص الاستجواب في محاوره الخمس وهي تهاون الحكومة وقصور اجراءاتها، والتهاون والمماطلة في تطبيق القانون، والتفريط في المال العام والبدون وتعريض المصالح العليا للدولة للخطر ثم برنامج الحكومة بالاضافة الى مرافعة النائب عاشور في جلسة الاستجواب.
الي جانب الفصل الخامس الذي افرده المؤلف لمرافعة سمو الرئيس من خلال تحديد مسؤولية رئيس الحكومة وتبيان المخالفات الدستورية في الاستجواب والرد على المحور الاول حول الايداعات المليونية، والرد على المحور الثاني «التهاون والمماطلة في تطبيق القانون» والرد على محور البدون والرد على محور تأخر الحكومة في تقديم برامجها.
بينما افرد المؤلف فصلا «السادس» لرد عاشور وبالتالي تعقيب رئيس الوزراء في حين اشار في الفصل السابع المعقبين: عدنان المطوع مؤيدا، ومحمد الصقر معارضا، وعبدالحميد دشتي مؤيدا، وعبدالله الطريجي معارضا.
وختم الشمري كتابه الوثائقي التاريخي بالفصل الثامن الذي تضمن الحالة السياسية بعد مناقشة الاستجواب من خلال ما اوردته الصحف في اليوم التالي من الاستجواب وما قدمه المعلقون السياسيون من قراءة للنتائج.
هكذا جاء كتاب الكاتب الزميل جاسم محمد الشمري «منصة المبارك... ديموقراطية تصنع تاريخ» وثيقة تاريخية تؤرخ لحقبة مهمة في تاريخ الكويت الديموقراطي من خلال هذا الاستجواب التاريخي غير المسبوق على مستوى المنطقة، والذي يؤكد على نضج الحياة السياسية الكويتية في اتجاه الديموقراطية بكل ما تحمله من معان نبيلة.