| د. تركي العازمي |
قبل مجلس 2012 كانت ساحة الإرادة موقعا لفريقين، فريق مع وفريق ضد الحكومة السابقة والمجلس السابق وكنا نبحث عن مخرج من المأزق السياسي الذي مرت فيه البلاد قبل حل مجلس 2009... كانت كلمة الجموع هي الفاصلة التي انتهت بحكمة سمو الأمير حفظه الله ورعاه!
وجاء مجلس 2012... وكانت نشوة الغالبية مندفعة وتمخضت اجتماعاتها عن استجواب تلو الآخر وفعاليات وأفعال وقوانين ولجان تحقيق بات في علم الله مصيرها بعد أن عاد نوابه إلى حيث كانوا بحكم صادر من المحكمة وتغيرت المواقف قليلا عما كانت عليه في ذلك الوقت بعد رفع سقف المطالب الذي يراه البعض مبالغا فيه وهنا يدخل عامل «على قدر الألم» هو المحرك، فالنواب سلكوا هذا الطريق ولو انه نوعا ما حاد في الطرح حسب ما شهدته ساحة الإرادة في ندوة «لن نخضع» الذي جاء صريحا إلى حد «القسوة» في العبارات المطروحة!
لم يكن أمامهم خيار، من وجهة نظري الشخصية، بعد ان سألني أحد الزملاء : هل حضرت؟ وقلت نعم.. حضرت وغادرت لظرف خاص، وفوجئت بعد مغادرتي في طبيعة الطرح حسب ما تناقله عالم تويتر الجميل، ولم أشارك في رأيي حول الوضع لأن المسألة في تقديري في غاية الحرج وفي هكذا مواقف يحتاج الإنسان إلى منهج المتابعة لتتشكل بعدها القناعة!
إن الخصومة لها قاعدة معلومة ولها محركات مجهولة لا يعلمها إلا قلة... وعندما تنطلق العبارات من النائب مسلم البراك والدكتور عبيد الوسمي فنحن عندئذ نجدهما مطالبين بالتوضيح وطرح الأدلة في ما ذهبا إليه!
حكايتنا مع شحن الشارع مستمرة مع مكافأة المخلص بالإهمال والتحييد والتجاهل في وقت يجد غير المخلص الطريق سالكة: هذا ما يصوره الوضع في ساحة الإرادة... اللهم لا شماتة!
نستغرب من طبيعة الحراك السياسي الحالي وكيف كنا في عهد ما قبل الثمانينات وكيف أصبحنا؟ من هو المحق؟ ومن هو المتذاكي على عقول السواد الأعظم الذي تحركه تداعيات «التيه السياسي» الأشبه في تداعياته للفوضى الإدارية حينما تحط ركابها في مؤسسة ما... وينتظر «البؤساء» تحقيق مطالبهم مع إعجابي لما جاء في رواية البؤساء لفيكتور هوغو، لكنهم في ظل هذه «الغربلة» السياسية والإدارة العشوائية لشؤون البلد قد تناسوا قول المولى عز وجل في محكم تنزيله «أفلا تذكرون» و«أفلا تعقلون»... والحديث الشريف «قاض في الجنة وقاضيان في النار»... هذا ما لمسناه من أحداث ساحة الإرادة.. اللهم لا شماتة!
إذا، نحن بحاجة للتفكر في أمورنا وحسن استخدام العقل في تحديد مصير شعب فقد حياة الرخاء التي نص عليها الدستور وحرم من مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة في التعامل في ما بيننا وكأننا جئنا للمنازلة في ساحة الإرادة.. اللهم لا شماتة!
علمنا أجدادنا فوائد صفة الصبر واحترام الكبير والعطف على الصغير ومخافة الله في طرحنا... علمونا مفاهيم جميلة لوثتها المصالح وغياب «المكاشفة» و«التفكير بصوت عال»... أصبحنا نشاهد تهما ترمى على مجموعة ومجموعة ترد الاتهام باتهام وعلى الصعيد المحلي لم نر سوى التراجع سياسيا واجتماعيا لتحتضن ساحة الإرادة مفردات كانت «مشفرة» وباتت متاحة للجميع وواجب الوقوف على تداعياتها من قبل الحكماء... والله المستعان!
[email protected]