د. وائل الحساوي / نسمات / نعوذ بالله من السياسة!

1 يناير 1970 09:58 م
< كنا سعداء بتعلم المفاهيم السياسية ومتابعة تطورات العمل السياسي ثم شاهدنا حجم الانحراف السياسي والألاعيب التي يمارسها أساطنة السياسة، فكرهنا كل ما يمت للسياسة بصلة، وكررنا قول الشيخ محمد عبده - رحمه الله - «أعوذ بالله من السياسة ومن لفظ السياسة ومن كل أرض تذكر فيها السياسة، ومن ساس ويسوس وسائس ومسوس».

< كنا سعداء بمتابعة مجلس الأمة وقوانينه ولوائحه الداخلية، ومناقشات أعضائه، ثم شاهدنا حجم الانحراف في الممارسات ودخول طبقة من النواب الذين لاحظ لهم من الممارسات البرلمانية إلا الصراخ والشتم والتمثيل على الناس، فكرهنا كل ما يمت بالعمل البرلماني.

< كنا سعداء بمتابعة القضايا الاقتصادية وحركة الأسواق وأرباح البورصة، الى ان جاءتنا أزمة اقتصادية أثرت على العالم وهزت أركانه، ففوجئنا بانكشاف عوراتنا الاقتصادية وتساقط مؤسساتنا الاقتصادية كأوراق الشجر في فصل الخريف وخسارتنا المالية التي لا ندري عن أسبابها، فكرهنا كل ما يمت للاقتصاد.

< كنا سعداء بمتابعة الرياضة وحلمنا بالروح الرياضية التي يتغنون بها على مستوى العالم، فإذا بالرياضة تتحول الى كابوس مخيف وصراعات مخزية وسرقات وصراع للكبار فكرهنا كل ما يمت للرياضة.

< أخيرا قلنا بأن ملجأنا لحل مشاكلنا وحسم خلافاتنا عند القضاء، وتعاهدنا على عدم المساس بالقضاء لأنه المرجعية التي نرجع اليها، فوجدنا بأننا قد عشنا «حوسة القضاء» خلال السنوات الأخيرة وسمعنا الآراء القانونية والأحكام القضائية متضاربة ومتعددة، مما أوقع الناس في حيرة من أمورهم وبلبلة في مفاهيمهم وقناعاتهم.

لا أريد ان أعلق على قرار المحكمة الدستورية بحل مجلس 2012 فقد تكلم فيه الجميع وتداوله الجميع، ولا أريد ان أصطف مع هؤلاء الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة ويتحدثون عن انقلاب دستوري ومخطط جهنمي، كما لا أريد ان أردد ما يقوله البعض من ان كل ما يجري هو أمر عادي ورد فعل على أمور محددة ومنطقية، فالناس في الكويت قد قتلها اليأس والقنوط وأصابها الهلع مما سيحدث بعد ان وجدت خيط الاصلاح الذي تمسكت به وبنت عليه آمالا عريضة قد وصل الى طريق مسدود ونفق مظلم حتى انقطع، وأكثر الناس تفاؤلا قد تكسر عندهم الأمل وأصبحوا لا يرون إلا طريقا مسدودا أمامهم.

ان المفترض اليوم بنواب المجلس المنحل لاسيما الغالبية منهم ان يحكموا العقول وأن يتوقفوا عن تصريحاتهم النارية التي لا تزيد النار إلا اشتعالا، وعليهم ان يتكاتفوا مع حكومة الشيخ جابر المبارك لإصلاح المؤسسة التشريعية والقوانين وأن يطمئنوا الناس الى إمكانية تجاوز تلك المعضلات، كما يجب عليهم التوقف عن الحديث عن النزول الى الشارع ومناكفة الحكومة او الحديث عن تعديلات دستورية يعلمون بأنها مستحيلة دون موافقة سمو الأمير.



شماتة أم كراهية؟!

لم أتعجب من شيء قدر تعجبي من حجم شماتة بعض نواب الأقلية بحل المجلس وفرحتهم التي أبدوها لحكم المحكمة الدستورية مما يدل على حجم الكراهية التي يبدونها لزملائهم فقط لأنهم يمثلون الغالبية!





د. وائل الحساوي

[email protected]