| د. تركي العازمي |
تعرف نظرية الفوضى (Chaos Theory) بأنها شرح للحقيقة أن نتائج غير متنبأ بها ممكن أن تحصل في أنظمة حساسه للمبادئ الأولية، وإنها نظرية دراسة غير خطية حيث الأحداث غير المتنبأ بها والعشوائية متوقعة وفق معادلة محددة.
وهي نظرية يعمل بها القائد الأعلى على رأس الهرم لأي مؤسسة لمتابعة التضارب في المعطيات وقياس «زلات» الأطراف وبالتالي يتم الحكم على الوضع وإعداد الحلول الجذرية لإقصاء الطالح وإحلال الصالح... وقد شاهدنا كثيراً من المؤسسات الكبيرة التي يتعثر أداؤها ويتم الإستحواذ عليها من قبل مستثمر جديد يضع القيادي المناسب لإعادة هيكلة المؤسسة! وفي الغالب لا تستمر هذه الحالة، أي الفوضى، أكثر من ستة أشهر حيث إستمرارها يؤدي إلى هلاك المؤسسة ومدخراتها وضياع مواردها البشرية الصالحة، فالصالح لا يرغب في الاستمرار في جو مضطرب لا تسمع له فيه كلمة!
ولو قسنا هذا الأمر على وضع الكويت الإجتماعي والسياسي وحاولنا تفسيره لعجزت نظرية الفوضى ومن فكر فيها وكتب عنها لأن العامل الزمني تجاوز العمر الإفتراضي بعقود وأصبحت الفوضى ثقافة المجتمع وقيادييها يعشقون وبشغف الإستمرار في العمل بها رغم أن أضرارها واضحة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي!
قد يعتقد البعض إن حديثنا هذا فيه روح فلسفية... وهي في واقع الحال كذلك لأن إستدراك الأمور والبحث فيها يعتبر جانبا فلسفيا من منظور علمي وسنتطرق في الجزء الأول هنا إلى الفوضى الإجتماعية!
الكويت مجتمع متحاب جميع أطرافه وتجد أعضاءه في أحلك الظروف متلاحمين فيما بينهم، لكننا بعد التحرير وتحديدا مع بداية العقد الماضي أخذ البعض يتمادى في سلوكياته الخاطئة على نحو يوقع الضرر في فئات آخرى من المجتمع، وشكلت المجاميع الإعلامية لخدمة رسالة غير إعلامية وتركت من قبل المعنيين بالأمر إلى أن أصبحت مفصلة بين مناطق داخلية وخارجية، حضر وبدو، سنة وشيعة، وصارت المادة هدف يركض وراءه ضعاف النفوس ولا يعنيهم حلال المصدر من حرامه، وترك التعليم ومشاكله بعيدا عن التربية، والصحة والأشغال وكأنهم يؤكدون قول «كل تأخيره فيها خيره» لكن تأخير لأكثر عقد من الزمان امر غير منطقي!
في الكويت، الفوضى الاجتماعية تركت لتحرق المفاهيم.. وصار الصوت له قيمة مادية، وباتت معاملة «اللا مانع» عبر الواسطة الخبيثة طريق مشروع لوصول الغاية حتى وأن تسببت في إيقاع الضرر في الآخرين من الكفاءات وحرمانهم من مبدأ تكافؤ الفرص الذي نص عليه الدستور... قبلناها لأن المفهوم القيادي تائه، والثقافة صارت تسير وفق الأمزجة، وصنفنا بعضنا البعض حسب عوامل غير وطنية!
والحل هنا يجب أن يكون من خلال إعادة الثقافة السابقة، وتنوير البشر إعلاميا، ومعاينة وضع القياديين وكيف وصلوا إلى مناصبهم، ووضع نظام مؤسسي مبني على حوكمة مدعومة بمنهج الثواب والعقاب، وتوجيه الشارع الكويتي إلى حسن السبيل وأن يكون الكبار إسوة حسنة والقانون يطبق على الكبير قبل الصغير ومن يتفوه بكلمة تؤثر سلبا على النسيج الإجتماعي يلقى عقابه على الفور ليكون عبرة لغيره.. إننا بحاجة إلى نظام اجتماعي من منظور القيم الإسلامية العادلة، نظام جديد يهتم بشؤون العباد ويغرس فيهم حب الولاء للوطن بعيدا عن حب الولاء لافراد «يطعمونهم ويدعمونهم» والله المستعان!
[email protected]Twitter: @Terki_ALazmi