«الإخوان» ... 60 عاماً من الاعتقالات والإعدامات ... فهل يعرفون الطريق إلى القصر الرئاسي؟

1 يناير 1970 10:11 ص
| القاهرة - من شريف أحمد |
على مدى نحو60 عاما حاولت الأنظمة المصرية المتعاقبة قمع جماعة الإخوان المسلمين والقضاء عليها، وكثيرا ما تعرضت قيادات زعمائها للسجن طويلا، كما حاولت الحكومات المصرية السيطرة عليها وإيقاف أنشطتها والتي كان من أبرزها تطبيق نظام اجتماعي إسلامي وتقديم خدمات اجتماعية.
وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين جزءا من المشهد السياسي في مصر فهي تمثل قوة مهمة في الحياة السياسية المصرية الراهنة. وقد كانت تسعى دائما للمشاركة في الحكم، بالإضافة إلى محاولات عنيفة للإطاحة بالحكومات المصرية المتعاقبة، وقد انشق عن الجماعة بعض العناصر العنيفة لتكوين الجماعة الإسلامية، وجماعة الجهاد الإسلامية المصرية وطلائع الفتح.
نشأت جماعة الإخوان المسلمين في الإسماعيلية، 140 كيلو متراً شرق العاصمة المصرية، برئاسة الشيخ حسن البنا العام 1928 كجمعية دينية تهدف إلى التمسك بالدين وفى العام 1932 انتقل نشاط الجماعة إلى القاهرة ولم يبدأ نشاط الجماعة السياسى إلا في العام 1938. عرضت الجماعة حلا إسلاميا لجميع المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد في ذلك الوقت، واعتبرت أن دستور الأمة هو القرآن، كما أبرزت الجماعة مفهوم القومية الإسلامية كبديل للقومية المصرية. وحددت الجماعة هدفها الأساسي وهو قيام دولة إسلامية حرة تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعى وتعلن دعوته للناس. وقد رفض المرشد الراحل حسن البنا رفضا باتا الحياة الحزبية وأعلن عداءه للأحزاب السياسية إذ اعتبرها «ما هي إلا نتاج أنظمة مستوردة ولا تتلاءم مع الحياة في مصر».
ولعبت الجماعة دورا بارزا في مقاومة وإنهاء الاحتلال البريطاني لمصر. ففي الفترة ما بين الحرب العالمية الثانية وتوطيد النظام العسكري العام 1952، سمح الملك فاروق للإخوان بالعمل كحزب سياسي لمواجهة حزب الوفد.
وفي العام 1948، شارك متطوعون منهم في الحرب من أجل فلسطين. ولدى عودتهم إلى القاهرة وجهت إليهم اتهامات بالتآمر ضد النظام الملكي، وأصدر رئيس الوزراء آنذاك محمود باشا النقراشي مرسوما بحل الجماعة ومصادرة ممتلكاتها واعتقال أفرادها، وبعد «20» يوما قام أحد أعضاء الجماعة باغتيال النقراشي، وفي أوائل عام 1949 اغتيل الشيخ حسن البنا.
وفي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومع بداية ثورة 23 يوليو 1952 ساند الإخوان الثورة التي قام بها تنظيم الضباط الاحرار في مصر وكانت القوة الشعبية الوحيدة التي كان يعتمد عليها ضباط الجيش لتأمين الدولة ومواجهة الإنكليز.
وفي يناير 1953 بعد صدور قانون حل الأحزاب في مصر حضر لمجلس قيادة الثورة وفد من الإخوان المسلمين ليقول لعبد الناصر ان الآن وبعد حل الأحزاب لم يبق من مؤيد للثورة إلا جماعة الإخوان ولهذا فإنهم يجب أن يكونوا في وضع يليق بدورهم وبحاجة الثورة لهم، ليرفض عبد الناصر المطلب بدعوى أن الثورة ليست في محنة أو أزمة.
وبعد فترة هدوء اصطدم الرئيس جمال عبد الناصر بالإخوان نتيجة لمطالبة الإخوان لضباط الثورة بالعودة للثكنات وإعادة الحياة النيابية للبلاد، ما أدى إلى اعتقال عدد كبير منهم بعد محاولة أحد المنتمين إلى الجماعة اغتيال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في 26 أكتوبر 1954.
واعتبرت جماعة الإخوان المسلمين محظورة منذ ذاك العام وتم اعدام عدد من قيادات الجماعة المؤثرة ووفقا للأرقام الرسمية فإن 55 من الاخوان المسلمين لقوا حتفهم في تلك الاعتقالات.
وفي العام 1964، قام جمال عبدالناصر باعتقال من تم الإفراج عنهم من الإخوان مرة أخرى، وبالأخص سيد قطب وغيرهم من قيادات الإخوان، بدعوى اكتشاف مؤامرتهم لاغتياله وأُعدم سيد قطب مفكر الجماعة في عام 1966 ومعه خمسة من قيادات الإخوان، وذاق الاخوان خلال تلك الفترة أنواعا من التنكيل والتعذيب داخل السجون، ما أدى إلى مقتل ما يقرب من 350 إخوانياً جراء التعذيب.
وبعد أن خلف الرئيس الراحل محمد أنور السادات جمال عبدالناصر رئاسة الجمهورية، وعد الرئيس السادات بتبني سياسة مصالحة مع القوى السياسية المصرية، فتم إغلاق السجون والمعتقلات التي أنشئت في عهد جمال عبد الناصر وإجراء إصلاحات سياسية ما بعث بالطمأنينة في نفوس الاخوان تعززت بعد حرب أكتوبر 1973 حيث أعطى السادات لهم مساحة من الحرية لم تستمر طويلا لا سيما بعد تبنيه سياسات الانفتاح الاقتصادي.
وبعد إبرامه معاهدة السلام مع إسرائيل في العام 1977، شهدت مصر في تلك الفترة حركات معارضة شديدة لسياسات السادات حتى تم اعتقال عدد كبير من الإخوان والقوى السياسية الأخرى في ما سمي بإجراءات التحفظ في سبتمبر 1981.
وبعد اغتيال السادات في أكتوبر 1981 خلفه الرئيس السابق حسني مبارك والذي اتبع في بدايات حكمه سياسة المصالحة والمهادنة مع الإخوان. وفي التسعينات ظهرت حركات معارضة لحكم مبارك، ومنذ ذلك الوقت بدأت أجهزة الأمن المصرية تقوم من آن لآخر بالقبض على مجموعات وأفراد من الجماعة ووضعهم تحت الحبس الاحتياطي أو رهن الاعتقال وذلك وفقا لقانون الطوارئ الذي تم العمل به منذ تولي مبارك السلطة في 1981 وبموجبه أيضا كان يتعرض الإخوان لحملات اعتقال منتظمة من قبل أجهزة وزارة الداخلية في مصر وهي الحملات التي وصفت بأنها ضربات إجهاضية.
وبالرغم من محاولات الحكومة المصرية لخنق تطلعاتهم السياسية، نجح «الإخوان المسلمين» في مصر في الحصول على 88 مقعدا في مجلس الشعب «البرلمان المصري» في الانتخابات النيابية التي جرت في ديسمبر عام 2005.
ودخلوا هذه الانتخابات تحت لواء جماعة الإخوان المسلمين صراحة وشعار «الإسلام هو الحل» وهو ما أثار جدلا واسعا في الشارع السياسي المصري خصوصا بين نخبة المثقفين.
وبعد سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك أعلن الإخوان أنهم لن يترشحوا في انتخابات مجلس الشعب إلا على 40 في المئة من مقاعد البرلمان ولن يقدموا مرشحا للرئاسة، إلا أن ما حدث كان خلاف هذه التصريحات إذ ترشحوا على 80 في المئة من مقاعد مجلس الشعب وحصدوا 70 في المئة من مقاعده.
وقاموا بعد ذلك بترشيح المهندس خيرت الشاطر كرئيس للجمهورية ورشحوا معه مرشحا احتياطيا وهو المهندس محمد مرسي، خوفا من استبعاد الشاطر من سباق الرئاسة لعدم حصوله على حكم قضائي برد الاعتبار عن الأحكام العسكرية التي صدرت ضده في عهد مبارك.