د. وائل الحساوي / نسمات / النواب الإسلاميون تحت المجهر

1 يناير 1970 11:40 م

نصيحتي لأبناء الدعوة الإسلامية وهم يخوضون غمار الحملة الانتخابية، لا سيما وهم يشكلون الثقل الأكبر بين الناخبين من ناحية مدى تأثيرهم وقدرتهم على توصيل أكبر عدد من المرشحين إلى المجلس ومن ناحية كونهم القدوة لغيرهم، نصيحتي لهم الا يكون همهم هو إيصال من ينتمي اليهم من المرشحين إلى المجلس دون تمحيص وتدقيق واختبار للتأكد من مدى قدرته على حمل تلك الامانة العظيمة، فقد بينت لنا تجاربنا الكثيرة في الفصول السابقة ان هنالك من المرشحين الذين ركبوا على ظهر الدعوة الإسلامية وتسموا باسمها، وتكالب الناس على انتخابهم لحسن ظنهم بهم، ثم وجدنا بأنهم ما ان وصلوا إلى المجلس حتى تنكبوا لجميع وعودهم واسقطوا شعاراتهم البراقة، وراحوا يتنافسون على حطام الدنيا وبريقها، وضربوا امثلة سيئة للإسلاميين بتصرفاتهم الشائنة وكسرهم للقوانين، وراحوا يدغدغون مشاعر الناس باقتراحات سيئة وتحركات مشبوهة من اجل كسب اصوات الناس وتأييدهم، حتى ترسخ في اذهان الكثيرين بأن تلك الصورة المنحرفة تمثل التوجه الاسلامي، وحتى استطاع المعادون للدعوة الإسلامية ان يجمعوا ارشيفا كاملا من التجاوزات التي قام بها بعض من ينسبون انفسهم إلى التكتلات الإسلامية.

واذا كانت الدعوة الإسلامية لا تستطيع منع البعض من التسلق على ظهورها وتشويه سمعتها فلا أقل من التبرؤ من أمثال هؤلاء وعزلهم وكشفهم للناس بدلا من الدفاع عنهم او السكوت عليهم.

القضية الأخرى التي لا تقل اهمية عن اختيار المرشحين الصالحين للمجلس هي قضية التعاون والتنسيق بين جميع الصالحين والمخلصين لتوصيل الأكفأ للمجلس دون النظر إلى انتمائه الحزبي او القبلي، فليس شرطا ان يتم اختيار المرشح المنتمي إلى جماعة إسلامية او إلى التيار الاسلامي عموما على حساب الآخر الذي قد يكون افضل منه قوة وامانة وقدرة على تحقيق الهدف من وجوده في المجلس- طبعا بشرط الا يكون لديه انحراف او معاداة لثوابت هذه الامة- وقد شاهدنا من النواب المستقلين من يتمتع بالشجاعة والنزاهة والكفاءة وقد ابلى بلاء حسنا في عمله بالمجلس، بينما شاهدنا ممن ينتسبون إلى التيارات الاسلامية يسقطون كما يسقط ورق التوت عند اول نسمة هواء.

اخيرا فان التيارات الاسلامية بحاجة إلى تنسيق اكبر فيما بينها في وضع البرامج الناجحة التي يمكنها ان تدفع سفينة المجتمع في الاتجاه الصحيح، وان يسعوا لتنفيذها حالما يصلون إلى المجلس، ولابد من خطط طويلة المدى وقصيرة المدى لتحقيق اهدافهم حتى لا يكرروا تجارب الدعوات الاسلامية في البلاد الإسلامية الاخرى الذين نجحوا في اختراق الاخرين والوصول إلى دفة الحكم، ثم وجدوا انفسهم مكشوفين دون برنامج عمل او خطط جاهزة لقيادة الأمة، فتخلى الناس عنهم واستبعدوهم، ولنتذكر بأن المجلس التشريعي هو من اعظم الامانات التي سيسألنا الله تعالى عنها (إنا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فابين ان يحملنها، واشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوما جهولا).


د. وائل الحساوي

[email protected]