لقد تم تشويه كلام رئيس مجلس الأمة الأخ أحمد السعدون حول رأيه في الاتحاد الخليجي وتصويره بالمعارض دعما لأصوات الذين يرفضون أي شكل من اشكال الاتحاد بين دول الخليج خشية على إيران، فالأخ احمد السعدون قد تكلم بصيغة واضحة بأن دول الخليج لا خيار لها في ظل المتغيرات المتسارعة اقليميا ودوليا الا ان تقوم بتطوير العلاقات إلى شكل من اشكال الاتحاد في ما بينها اذا ما أراد المجلس ان يكون قادرا على مواجهة اي تحديات محتملة تستهدف مصالح دولة وأمنها وتستهدف بقاءها.
ولكن السعدون استدرك بقوله: ولكن ذلك لا يتحقق الا في ظل انظمة متشابهة منفتحة على شعوبها، خصوصا في ما يتعلق منها باحترام حقوق الانسان والحريات العامة بما في ذلك حرية التعبير عن الرأي وحق المشاركة الشعبية في صنع القرار، وهو ما يتمنى ويتطلع إلى ان يتحقق في جميع دول مجلس التعاون في وقت قريب حتى يقوم الاتحاد في ظله.
ما ذكره الاخ السعدون لا يختلف عليه اثنان في الكويت، فنحن نريد اتحادا خليجيا متكاملا وقويا يجعلنا في مصاف الدول المتقدمة ويحمينا من الاطماع الاجنبية من حولنا، لكن ذلك يجب الا يتم على حساب الحريات والحقوق التي حققناها بفضل الله تعالى خلال مسيرتنا الطويلة، ومن الغباء القول بان الوحدة يجب ان تتم حتى ولو تم تقويض جميع مبادئ الدستور والحريات، بل الواجب هو ان تسعى دول الخليج الى ان تطور انظمتها لكي تستوعب جميع تطلعات الشعوب وتلغي كل ما يتعارض معها وهو ما نرى تلك الدول تسعى اليه اليوم وتتحرك باتجاهه.
لقد تحدث السعدون عن موضوع الاتفاقية الامنية المثيرة للجدل وتساءل عن السبب في تجدد الحديث عنها ومباركة قادة الخليج لها في صيغتها المعدلة، وذكر بان الكويت قد رفضت تلك الاتفاقية الامنية عام 1994 بينما وقعت عليها اربع دول خليجية، وان تلك الاتفاقية انطوت على نصوص سيئه تعتدي على حرمة الدستور وتغتال حرية التعبير وتصادر حقوق الأفراد.
ومن الأمور التي انتقدها السعدون في الاتفاقية الامنية الحالية ما اسماه بمهزلة المادة 28 التي تقضي بالتسليم الوجوبي للمواطنين وغيرهم للدولة الطالبة حتى وان كان الفعل غير مجرم في الدولة الاخرى، اما المادة 30 من الاتفاقية فانها تعتبر كل ما يعتبر تعبيرا عن الرأي من قول او كتابة أو رسم أو أي وسيلة من وسائل التعبير من جرائم الاعتداء التي تستوجب تسليم من ارتكبها للدولة الاخرى.
إذا فليس هنالك ما يخالف به السعدون رأي الغالبية من الشعب الكويتي، ونحن لا نريد وحدة خليجية تقوم على الجماجم ولا نردد قول الشاعر القومي:
هبوا لي دينا يجعل العرب ملة
وسيروا بجثماني على دين برهم
سلام على كفر يؤلف بيننا
وأهلا وسهلا بعده بجهنم
ولكن نستدرك على كل ذلك بان الوحدة بين السعودية والبحرين قد اصبحت حتمية لما تتعرض له البحرين من اطماع ايرانية واضحة ابرزها المظاهرات الحاشدة التي خرجت في ايران الجمعة الماضية مطالبة بمنع تلك الوحدة لان البحرين محافظة ايرانية، كذلك فان الوحدة العسكرية يجب الا تتوقف لأن الأمن العسكري هو أهم سبيل لوحدة الشعوب الخليجية وهو لا يتعلق بالانظمة والدساتير.
د. وائل الحساوي
[email protected]