منى فهد العبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / هل أنت من يدير عقلك؟

1 يناير 1970 10:18 م
| منى فهد العبدالرزاق الوهيب |

إن شخصية الإنسان تتكون من ثلاثة أشياء، عقل وقلب وجارحة، إن لم تملأ عقلك بالمعرفة وتغذيه الغذاء الصحي السليم إما يصاب بتلوث عقلي، أو يصاب بخواء ذهني، وإن لم ترطب قلبك بالمشاعر والأحاسيس والعواطف، سيصاب هو الآخر بغلظة وجفاء، وإن لم تترجم المعرفة والمشاعر إلى سلوك تعمل به الجوارح ستفقد كثيراً من أخلاقياتك.

كلما تراكمت الخبرات المنهجية تبين لنا أن قدرات العقل هي أقل مما كان يُظن، ونقصد هنا بقدرات العقل على صعيد إصدار الأحكام في الشؤون الإنسانية وفي تحديد الأهداف الكبرى والغايات النهائية، هنا تبرز أهمية المعرفة للعقل وضالة الدور الذي يمكن أن يقوم به الدماغ، لذا كان الفراغ المعرفي والمعلوماتي هو البلاء الأكبر الذي يمكن أن ينزل بساحة العقل.

إن عمل العقل الخاوي من المعرفة والمعلومات وهو يفكر يشبه من يسلك طريقاً طويلا في الصحراء من غير خبرة سابقة بذلك الطريق، فهنا يكون العمل شاقا لأن ليس المغزى الوصول للهدف فقط، بل عليه أن يحفظ التضاريس حتى يتمكن من العودة إلى مقره، ولهذا من كان عقله مصاباً بالخواء فعليه أن يتلمس العلاقات والدالات التي تمكنه من سلوك الطريق لرحلة البحث والدراسة والتنقيب عما يحتاجه في حياته، ويحذر من الانعطافات والانحرافات الفكرية والسلوكية التي قد تلوث عقله ولا يستطيع أن يُكون المرتكزات التي سيقوم عليها عمله وبحثه.

العقل حين يفكر ويشتغل وهو يعاني من الشح المعرفي ونقص في المعطيات، يصبح أسيراً لأفكار الآخرين، مكبلاً بأغلال صنعها غيره وهو تشربها وآمن بها، لأنه لا يملك مخزوناً معرفياً أو معلوماتياً يقيه ويحصنه من إدارة عقله بأفكار غيره، وحينها سيدرك أنه يتبع خيارات لا تناسب قناعاته ومفاهيمه ورؤاه، ويخضع لحتميات من صنع العقول المفخخة بأفكار منحرفة معوجة، تنطلق من منطلقات زائغة، مستندة على العلم المادي المجرد من الحقائق والثوابت.

تزوّد من العلم والمعرفة، وحرر عقلك باختبار مقولاتك وطريقة تفكيرك، وحاول مراجعة أفكارك لتعديلها وتنقيحها وغربلتها بما يتوافق ويتواكب مع مسيرة النضج التي نمضي فيها، وانطلق من معتقدك المثبت والمبرهن، وشكّل لك رؤية واضحة من بلورة مزايا وعيوب أفكار ومشاعر وسلوكيات الآخرين، تُحصنك من مستنداتهم اللامنطقية، ومعتقداتهم اللاواقعية، وحتى لا تندفع وتتهور في مسائل التجديد والتطوير، وتلمم شتات عقلك، وتذبذب نفسك، وتصنع لك هالة من عنصرين عنصر أمان وعنصر توازن في الوقت نفسه، تكسبك صلابة ومتانة من تطفل الآخرين بإدارة وقيادتك عقلك، بأهوائهم وأثيرهم، ورسم أولوياتك وبناء أفكارك وآرائك ومواقفك واتجاهاتك.

اجعل لعقلك دوراً بارزاً في اكتساب المعرفة، وأثريه بالبنية المعرفية، التي تفتح له أبواب التفريق بين الظني والقطعي، والشخصي والعام في عالم الأفكار والآراء والمشاعر والسلوكيات، المقننة بتقنية العقل المعرفي المعلوماتي، وفق معايير ومفاهيم من صنع عقلك ومشاعرك وجوارحك.

 



twitter: @mona_alwohaib

[email protected]