نافذة على التاريخ / سعد العبد الله... بطل التحرير
1 يناير 1970
07:43 ص
| د. فيحان العتيبي |
صادف الثالث عشر من الشهر الجاري- الأحد الماضي- رحيل الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح طيب الله ثراه الذي ستبقى ذكراه دوماً في ضمير الكويتيين،** كما ستظل مواقفه نبراساً يحتذى به ودروساً للأجيال يستفاد منها العبر ومحل إعجاب وتقدير الجميع، لذا أردنا تسليط الضوء على بعض هذه المواقف وحياته ونشأته والمناصب التي تقلدها لأكثر من نصف قرن.
تلقى الشيخ سعد العبد الله تعليمه في المدرسة المباركية، ونشأ في بيئة محبة للوطن ومؤمنة في مشاركة المواطن في صنع القرار السياسي، فوالده الشيخ عبدالله السالم الملقب بـ«أبو الدستور» من ساهم في إقرار دستور 62 وأوصى الابن بصياغة مواد الدستور، حينما كان عضواً في لجنة إعداد الدستور لإيمانه الكبير بالديموقراطية وحرية التعبير والرأي.
في العشرينات من عمره عيّن الشيخ سعد في دائرة الشرطة وفي عام 1951 تم ايفاده إلى المملكة المتحدة لدراسته علوم الشرطة في كلية هندون وتخرج برتبة ملازم، ثم عين عام 1961 مديراً لدائرة الشرطة والأمن العام، وبعدها بعام عين وزيراً للداخلية ثم أسندت إليه وزارة الدفاع عام 1964 وتقلد الوزارتين إلى عام 1978، ومن ثم عيّن ولياً للعهد ورئيساً لمجلس الوزراء.
كان للشيخ سعد العبد الله جهود واضحة وبصمات عدة في جميع المناصب العامة التي تقلدها، وتحمل مسؤولية رئاسة السلطة التنفيذية أكثر من خمسة وعشرين عاماً من دون كلل وملل، كما نجح في إقناع الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد بالخروج من قصر دسمان اثناء الغزو العراقي على الكويت عام 1990 مدركاً ان هناك مخططاً عراقياً بالقضاء على القيادة الشرعية ويقول الشيخ سعد عن تلك اللحظات: «كان اتصالي مع صاحب السمو في تلك اللحظة المصيرية والاتفاق على الخروج من قصر دسمان أفضل وأخطر قرار اتخذته في حياتي، وإنها العناية الإلهية التي أنقذت الشرعية وأنقذت الكويت من شر المخطط الإجرامي لرئيس النظام العراقي، فقد كان الفارق بين خروجنا من قصر دسمان وبداية هجومهم عليه لا يتجاوز نصف الساعة».
كما كان للشيخ سعد- رحمه الله - دور في توحيد الصف الكويتي في مؤتمر جدة الشعبي عام 1990 وكانت له كلمة مشيداً بتماسك الوحدة الوطنية بقوله: «لقد عاش الكويتيون منذ القدم في أجواء الحرية والتزموا الشورى ومارسوا الديموقراطية في اطار دستورنا وإذا ما اختلفت اجتهاداتهم في أمر ما فإنهم يكونون أشد تلاحماً وإصراراً وتآزراً في مواجهة الأخطار التي تهددهم».
سُمي الشيخ سعد بطل المقاومة الكويتية وبطل التحرير لدوره البطولي في صد العدوان العراقي ودخوله مع القوات العسكرية الأولى التي دخلت الكويت لتحريرها من الجيش العراقي، كما كان للأمير الراحل الشيخ سعد العبد الله دور في إعادة بناء وإعمار الكويت بعد التحرير في فترة زمنية فاقت التوقعات بمساعدة أبناء الكويت والتحامهم مع القيادة الشرعية.
ستظل مسيرة الشيخ سعد العبد الله تمثل حقبة تاريخية مهمة من تاريخ الكويت الحديث يتخللها شواهد وأحداث حافلة بالعطاء والتضحيات لوطنه وأبناء بلده، وسنتذكر دائماً وأبداً بكل إجلال وتقدير هذه المواقف الوطنية للأمير الوالد وستبقى راسخة في أذهاننا.