«البيك الأحمر» يشهر «انتفاضة السلام» في وجه «حزب الله»
فرنجية لـ «الراي»: الإسلام المعتدل سيؤسّس لتحولات مفصلية ترتكز على عدم الطلاق مع الدين وعدم اختزال الدين بالسياسة
1 يناير 1970
02:17 م
| بيروت ـ من ريتا فرج |
يبدو السياسي اللبناني سمير فرنجية متفائلاً بـ «الربيع العربي» رغم حذره الشديد. ابن الزعيم الراحل حميد فرنجية أحد قادة الاستقلال لم يكن حضوره في الحياة السياسية من بوابة النشاط النيابي فحسب، إذ يُعتبر «ضمير» حركة 14 مارس و«مفكّرها».
يمكن وضع سمير فرنجية في خانة المفكر السياسي، فقد كان له نشاط في تأسيس عدد من مراكز الأبحاث، من بينها «مؤسسة الدراسات اللبنانية» و«أوراق العالم العربي». انخرط في الحياة السياسية منذ وقت مبكر، فكان قائداً طالبياً، ثم شخصية فاعلة في الحركة الوطنية أثناء الحرب اللبنانية.
أسّس فرنجية «المؤتمر الدائم للحوار الوطني» وشارك في تأسيس «اللقاء اللبناني للحوار». وبعد دخوله في لقاء «قرنة شهوان» (العام 2001) كعضو مؤسس، لعب دوراً في تشكيل المعارضة اللبنانية التي أعلنت في العام 2005 انتفاضة الاستقلال إثر الزلزال الكبير الذي ضرب لبنان باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والتي ساهمت في خروج الجيش السوري من لبنان بعد سبعة اشهر من صدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي الذي دعا الى انسحاب كافة القوات الاجنبية المتبقية من لبنان.
انتُخب فرنجية نائباً في البرلمان اللبناني العام 2005 وهو اليوم عضو في قيادة 14 مارس. لم يكتف بالعمل السياسي فقد كتب عدداً من المقالات السياسية والثقافية في عدد من الصحف والدوريات، وأصدر أخيراً كتاباً تحت عنوان «رحلة الى أقاصي العنف» وهو النسخة العربية المترجمة عن الفرنسية «voyage au bout de laviolence».
منذ البداية كان موقف سمير فرنجية واضحاً من «الربيع العربي». وكي يتصدى لقلق المسيحيين من التحولات الجارية في العالم العربي، أسس للقاء «سيدة الجبل» الذي عُقد في شهر سبتمبر الماضي ودعا المسيحيين الى استعادة دورهم النهضوي ودعم الثورات العربية.
فرنجية، الذي يوصف بـ «البيك الاحمر» كونه جمع بين الإرث العائلي والتجربة اليسارية، كان موقفه من «الثورة السورية» أشد صخباً، وهو على يقين من أن النظام السوري على طريق التفكك وأن الشعب السوري لن يتراجع عن خياره في المطالبة بالحرية والديموقراطية، رغم تعرجات الأزمة السورية، لكن الأهم عنده أن اللبنانيين «اكتشفوا اخيراً الشعب السوري» بعد أربعين عاماً من الابتعاد القسري.
وصول الاسلاميين الى الحكم لا يقلق فرنجية إذ يرى أن هذه الحركات الإسلامية تشبه الى حد كبير الأحزاب المسيحية في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية والتي أسست بدورها للديموقراطيات الأوروبية، كما أنه يراهن على تغير مزاج الإسلاميين وتدرجهم نحو مزيد من الاعتدال في مواجهة التيار السلفي خصوصاً في التجربة المصرية. ولا يتوانى عن الاشادة بوثيقة الاخوان المسلمين في سورية الصادرة في 25 مارس 2012 والتي رأى أنها تتخطى تجارب اليسار.
من الأفكار الأخيرة التي ابتكرها فرنجية «انتفاضة سلام» التي تبنّتها قوى 14 مارس في الوثيقة التي أصدرتها بعد مرور سبعة أعوام على «انتفاضة الاستقلال» ومما جاء فيها «ندعو جميع اللبنانيين، من دون تمييز، الى التشارك في التحضير لـ «انتفاضة سلام» تخرجنا من مآسي الماضي وتؤسس لمستقبل أفضل لنا جميعاً».
ومن أجل الاضاءة على مواقف سمير فرنجية من الثورات العربية ونتائجها ورؤيته للأزمة السورية ومآلها ومدى انعكاسها على الداخل اللبناني التقت «الراي» القيادي في قوى 14 مارس وأجرت معه الحوار الآتي:
• يرى البعض أن الربيع العربي حصدت نتائجه الحركات الإسلامية وهذا يعني أن العالم العربي سيدخل في مرحلة من التراجع أخطر مما كان عليه في ظل الأنظمة العسكرية. ما رأيك في ذلك؟
- رغم أن الربيع العربي سمح للحركات الإسلامية بتحقيق أعلى نسبة من التمثيل في المجالس النيابية داخل الدول التي شهدت حركات احتجاجية لأنها كانت الأكثر تنظيماً، لكن هذه القوى الإسلامية بدأت بتبني خطاب جديد فهي تتحدث عن الديموقراطية والدولة المدنية وحقوق المرأة، وهذه المسائل لم تكن حاضرة في خطابها القديم بشكل مباشر.
هذه الحركات الإسلامية المعتدلة خرجت عن الاتجاه التقليدي الى الاتجاه الديموقراطي، وهي الآن تدخل في مواجهة مع السلفيين لا سيما في تونس ومصر. وفي رأيي ان الاسلام المعتدل هو الذي سيؤسس لتحولات مفصلية سبق للأحزاب المسيحية في أوروبا أن خاضتها بعد الحرب العالمية الثانية.
في سورية الوضع مختلف، فحركة الاخوان المسلمين هي رأس الحربة للمطالبة بدولة مدنية حديثة، والبيان الذي أصدرته هو أكثر بيان تقدمي قرأته منذ بداية الثورة العربية، فهناك تأكيد على تداول السلطة وعلى حقوق الانسان وفق المقاييس الدولية، وبالتالي فإن حركة الاخوان في سورية لم تعد تبحث عن حقوق الانسان المسلم، وهذه المحاولة جرّبتها ايران حين وضعت حقوق الانسان المسلم في مواجهة المواثيق العالمية. وهذه المؤشرات تؤكد أن حركات الاسلام السياسي ستتجه نحو مزيد من الاعتدال وسيتقاطع هذا التحول مع إعادة القوى الليبرالية واليسارية بناء نفسها، ما يعني أن العالم العربي سيشهد تنوعاً مهماً على مستوى التمثيل السياسي، وهذا مؤشر مهم بعدما استطاع الربيع العربي إسقاط التوريث السياسي في الأنظمة الجمهورية.
• هل يمكن الحديث عن «إسلامات» في العالم العربي تمخّضت عن الثورات العربية؟
- داخل كل مجموعة من المجموعات الاسلامية تفاوُت ملحوظ، وحتى داخل الاسلام السياسي الايراني هناك إسلامات: محافِظة وإصلاحية. والحركات الإسلامية في العالم العربي على تنوعها ستواجه الآن السؤال الكبير: ما العلاقة بين الاسلام والديموقراطية؟ السؤال نفسه طرحه في أوروبا في نهاية الحرب العالمية الثانية اليمين المسيحي الاوروبي. فبعد تجربة الفاشية أعاد هذا اليمين تكوين نفسه على أسس الديموقراطية. وما يجري اليوم في العالم العربي شبيه الى حد كبير بهذه التجربة، أي عدم الطلاق مع الدين وعدم اختزال الدين بالسياسة.
• ما الفترة الزمنية التي يحتاج اليها العرب لبناء دولة ديموقراطية؟
- مع تسارُع الأحداث وتسارُع الاتصال بين الناس، من المؤكد أن هذا التحول باتجاه الدولة الديموقراطية سيتم بشكل أسرع من التحول الذي عرفته أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. لا أتخوّف على تونس بسبب علاقتها بالفكر الاوروبي وبسبب تجذُّر المجتمع المدني. أما في مصر، فالوضع مختلف قليلاً، اذ ان تطرف السلفيين هو الذي سيدفع حزب الحرية والعدالة الى تطوير خطابه السياسي نحو مزيد من الاعتدال والواقعية.
• ما أهمّ تحول اجتماعي وسياسي أنتجه الربيع العربي؟
- ثمة نقطة مهمة أنتجها الربيع العربي هي التواصل بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية، وهذه المسألة تحتاج الى تطوير، وهذا التواصل لا يُختزل على المستوى الداخلي رغم وجود التباين في الآراء، لكن أوروبا اليوم تريد بناء علاقات جديدة مع العالم العربي. فمواقع القرار خصوصاً تلك التي تهتمّ بمسألة حوار الحضارات شديدة الاهتمام بما يجري الآن وهي تراقب عملية التحول الديموقراطي بحذر من جهة وتفاؤل أيضاً. وحين كنت في ندوة دعيت اليها في روما أوائل شهر فبراير الماضي لاحظت مدى الاهتمام الذي يعطيه الأوروبيون تجاه المنطقة لا سيما خطاب الاسلام السياسي المعتدل والوثائق التي أصدرها الأزهر. وخلال هذا المؤتمر نوقشت قضية الاسلام والديموقراطية، وكان هناك تمثيل للاخوان المسلمين وللأزهر، والنقاش كان على مستوى عال بين الاطراف كافة، وقد بدا لي أن الاوروبيين بدأوا باكتشاف العالم العربي على مستوى تبادل الأفكار. وأعتقد أن هناك معالم لمرحلة جديدة بين العرب وأوروبا.
ومسألة التواصل نلاحظها أيضاً على مستوى العلاقات بين اللبنانيين والسوريين. ورغم أن الوضع في سورية مقلق، فنحن اليوم نكتشف بعضنا بعد مرور 40 سنة على القطيعة على مستوى العلاقات الاجتماعية التي انقطعت بوصول «البعث». الثورة السورية ساعدت اللبنانيين على اكتشاف المواطن السوري وأنتجت تقديراً كبيراً لهذا الشعب على شجاعته وتضحياته.
• يتجه الملف السوري الى مزيد من التعقيد. وحتى الآن لم يحدث أي تحول فالمعارضة غير قادرة على التقدم والنظام لا يريد التراجع عن خياره العسكري. الى أين تتجه الأزمة السورية؟
- النظام السوري منذ بداية الثورة يستند الى التجربة الروسية في القمع والعنف، وهو يكرر ما فعله في حماه العام 1982. النظام غير قادر على حسم الصراع لمصلحته، وما يفعله هو القتل المجاني وليس الحسم، وحتى الفئة المؤيدة للنظام هي الآن مقتنعة بأنه غير قابل للحياة، والنقاش الآن يدور حول الفترة المطلوبة لانهياره وكيف. دولياً أي تحرك يتطلب مظلة خارجية وتحديداً في بناء المناطق الآمنة وهذا ما يرفضه الروس حتى الآن. خطة المبعوث الأممي العربي كوفي انان، يمكن أن تؤدي الى صدور قرار من مجلس الأمن يضع النظام أمام مسؤولياته بشكل واضح، هذه المرحلة الحاسمة لن تتخطى فترة أسابيع. وفي انتظار صدور قرار أممي تواصل المعارضة السورية وضع برنامج مشترك لحل أزمة البديل.
• كيف تقرأ الوثيقة التي تقدمت بها حركة الاخوان المسلمين في سورية؟
- هذه الوثيقة كانت لها سوابق. ففي العام 2001 أصدر الاخوان المسلمين في سورية وثيقة تحدثوا فيها عن التعددية والدولة المدنية. أما البيان الأخير فهو في رأيي تقدمي جداً، لأنه أشار الى مسألة مهمة تتمثل في حق أي مواطن سوري بصرف النظر عن طائفته بالترشح الى أي موقع سياسي حتى رئاسة الجمهورية، وهذه مسألة مهمة لم يتجرأ عليها أي حركة إسلامية معتدلة في كل العالم العربي وهي في بنودها تتخطى اليسار.
• يتحدث النظام السوري عن وجود جماعات مسلحة في سورية دخلت في الصراع. إذا صحت هذه المسألة ألا تتخوفون من امتدادها الى لبنان؟
- لست متخوفاً، وهذا لا ينفي إمكان وقوع ردود أفعال هنا وهناك. وفي تصوري أن في لبنان ضوابط سياسية كافية لمنع هذه الظواهر. ومهما بدا للبعض أن سقوط النظام السوري درامياً لن يتجه لبنان الى أي مواجهة مسلحة.
• هل يمكن أن يلجأ النظام السوري الى ردود أفعال عنفية ضد لبنان في مرحلة تفككه؟
- هذه المسألة مستبعدة لأن أي تدخل عسكري من السوريين سيجر الى تدخل دولي.
• كيف سيردّ «حزب الله» في حال سقط النظام السوري؟
- يعاني «حزب الله» في هذه المرحلة من أزمة شديدة بسبب هذا الربيع العربي الكبير الذي أعاد للعرب قرارهم. فقبل هذه المرحلة كانت الأنظمة العربية تعاني فراغاً سياسياً من جهة وتمدُّد النفوذ الايراني الى العالم العربي من جهة أخرى. هذا المشهد القديم انتهى مع الربيع العربي، فلم يعد بإمكان «حزب الله» فعل ما كان يفعله في مصر على سبيل المثال أيام حسني مبارك. وأعتقد أن «حزب الله» هو الآن في مرحلة تقديم التنازلات رغم غلبة القوة والتهديد على خطابه السياسي. وحتى خيار العنف الذي لجأ اليه في 7 مايو 2008 لن يستخدمه مهما كانت النتائج التي تترتّب على انهيار النظام السوري.
«حزب الله» في انتظار لما ستؤول اليه الأزمة السورية، وهو الآن يتمسك بالحكومة والدليل على ذلك موافقته على تمويل المحكمة الدولية، ويتمسك بالسلاح ويريد المحافظة على نفوذه داخل المناطق التي يسيطر عليها، وهو يراقب بحذر شديد ما يجري في سورية. «حزب الله» ليس في موقع المبادرة، وهو يريد المحافظة على نفسه، وهذه أولوية بالنسبة له، وهذا يدفعنا الى مطالبة القوى الشيعية الأخرى بتحمل مسؤولياتها. ومن هنا طرحت قوى 14 مارس فكرة «انتفاضة السلام» في لبنان ومفادها أن سقوط النظام في سورية ليس انتصاراً لـ 14 مارس بل ان سقوط هذا النظام انتصار لكل اللبنانيين، وعلينا بالتالي أن نطوي صفحة الماضي من أجل التأسيس لسلام دائم، والمعركة الآن بين 14 مارس و8 مارس تدور حول هذه اللحظة، خصوصاً أن هناك اجماعاً لبنانياً على أن النظام السوري هو المسؤول عن مآسينا خلال 40 سنة فكيف سيواجه «حزب الله» ذلك؟
شروط «انتفاضة السلام» هي شروط الدولة كما حددها اتفاق الطائف، وقوى 14 مارس لا تريد الاحتكام الى سقوط النظام السوري من أجل متابعة المعركة مع الأطراف السياسية الأخرى. «حزب الله» سيكون محرجاً وسيواجه طرح «انتفاضة السلام»، فطروحات الممانعة أصبحت من الماضي بسبب التحولات الجارية، وحتى إيران رغم نبرة الخطاب السياسي الايديولوجي والتهديد المتكرر لدول الخليج، تدرك اليوم أن التعامل مع العرب يتطلب نبرة جديدة تختلف عن الخطاب القديم.
• ما تقدمتَ به يدفعنا الى طرح السؤال التالي: ما الذي يمنع العرب من التأسيس لمتحد اقتصادي وسياسي مع الايرانيين؟
- على العرب أولاً أن يتصالحوا مع ماضيهم كما حدث في التجربة الأوروبية التي كلفت آلاف الضحايا، وقبل أن يدخلوا في مصالحات مع الشعب الايراني عليهم تدشين المصالحة العربية - العربية. ثمة نقطتان مهمتان لمستقبل المصالحة بين العرب والايرانيين: وضع حد لهذا الصراع العقيم بين العرب والغرب بسبب التلكؤ الدولي في حل قضية فلسطين، وهذه المصالحة هي التي ستساعد على تدشين العلاقات مع ايران. هذه القضية تحتاج لأجيال، ومشكلة العرب في رأيي خصوصاً اللبنانيين هي العودة الى الماضي، فكل طرف سياسي يبحث عن مشروعيته في ماضي الحرب ما يجعل الخطاب السياسي محكوماً بصراعات المرحلة السابقة. والمطلوب تحديث الخطاب السياسي في لبنان.
• ما المطلوب من المسيحيين المشرقيين في هذه المراحل التاريخية التي يمر بها العالم العربي، هل عليهم استعادة الدور النهضوي أم التخفيف من الصراع السني - الشيعي؟
- المسيحيون اليوم في اتجاه معاكس لما يجري في العالم العربي، وجزء كبير منهم يتخوف من مآلات الربيع العربي، وقد لعبتْ بعض القيادات السياسية والدينية دوراً كبيراً في تبرير هذا الخوف. والأخطر من ذلك ربط مسيحيي لبنان بآخر نظام ديكتاتوري في المنطقة. لكن ثمة مؤشرات مهمة أطلقها «تيار المستقبل» في وثقيته الأخيرة، وقد سبق هذه الخطوة بيان أصدره لقاء «سيدة الجبل» الذي عقد في الخريف الماضي. في رأيي الأولوية الاسلامية - الاسلامية هي انهاء الصراع السني - الشيعي. وإنهاؤه في لبنان يساعد على انهائه في المنطقة. من هنا تأتي أهمية فكرة «انتفاضة السلام» بما تحمله من خطاب تعايشي وسلمي.
• وضع الأزهر مجموعة من الوثائق تحدثت عن التعددية والحوار مع الآخر والدولة المدنية والحريات. كيف تقارب هذه الوثائق التأسيسية؟
- الجميع تفاجأوا بالتحولات المهمة التي حدثت في الأزهر وتساءلنا ما الذي يجري؟ في الواقع وثائق الأزهر تؤكد أهمية المواءمة بين الإسلام والحداثة. والغرب اليوم وتحديداً أوروبا تتابع باهتمام كبير ما يجري في الأزهر.
• الى أي مدى ستؤثر وفاة البابا شنودة على أوضاع الأقباط في مصر؟
- لا شك في أن وفاته في هذه اللحظة التاريخية خسارة كبيرة، ولكن التطورات التي تقع في مصر لا تدفعنا الى زيادة جرعة القلق على الأقباط، وفي تقديري أن هذا التواصل بين الاخوان والاتجاه الليبرالي في مصر سيخفف من المخاوف المثارة حول مصير الأقباط وسيؤدي الى ولادة اتجاهات تدعم الرؤية الانفتاحية عند الاخوان.
• من أين يبدأ ربيع لبنان خصوصاً أن البعض يرى أن الصراع بين قوى 14 مارس و8 مارس أدى الى توسيع الشرخ في المجتمع اللبناني؟
- خلال «ثورة الأرز»، استطاع اللبنانيون تحطيم الشرخ العمودي، لكن هذه التجربة المفصلية أُجهضت، والفريق الذي أجهضها اعتبر نفسه المنتصر. ولهذا قمنا بطرح «انتفاضة السلام» في لبنان من أجل تخطي هذا الوضع المعلق منذ عدة سنوات. معركة 14 مارس هي إعادة اطلاق دينامية السلام التي تهدف بالدرجة الأولى الى استعادة الدولة وإخراج لبنان من هذا الصراع بين كافة الأطراف السياسية.
فكرة السلام تعني الجميع. وحتى جمهور «حزب الله» لم يعد مطمئناً لما يحدث في ايران وسورية وهو يعلم أن النظام السوري في حال لم يسقط لن يعود الى ما كان عليه في السابق قبل الثورة السورية. مشروع «انتفاضة السلام» يُطمئن حتى الوسط الذي يتحرك فيه حزب الله، وهدف المشروع ليس الاحتكام الى النتائج التي يمكن أن تترتب على سقوط النظام السوري من أجل تغليب فريق سياسي على فريق سياسي آخر وإنما التأسيس لعلاقات جديدة في لبنان وفي سورية.
• كيف تقرأ محاولة اغتيال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في هذه اللحظات الحرجة؟
- تندرج محاولة اغتيال الدكتور سمير جعجع في إطار مواجهة الضغط الذي يُمارس على النظام السوري من الدول العربية والمجتمع الدولي، وهدفها فرض مقايضة تقوم على معادلة أمن لبنان مقابل الحد من هذا الضغط. محاولة الاغتيال هي بمثابة الرد على مبادرة 14 مارس التي أطلقتها في مؤتمرها الذي عُقد يوم 14 مارس الماضي، وهذه المبادرة توجهت الى كل اللبنانيين من أجل سلام لبنان. ومن بين أهداف محاولة الاغتيال ايضاً إبقاء لبنان معلقاً بسورية، والقول إن سورية قادرة على ضرب استقرار كل المنطقة.