قرية كفر مشكي فقدت 13 من أبنائها في الكارثة وحردين 11

لبنانيون تم قتلهم في «تايتانيك» رمياً بالرصاص!

1 يناير 1970 05:37 ص
| لندن - من كمال قبيسي (العربية. نت) |

في لائحة ركاب سفينة «تايتانيك» أسماء لعرب كانوا مسافرين على متنها وبالكاد تم ذكرهم العالم طوال 100 عام، لبنانيون تم قتلهم بالرصاص لعدم انصياعهم لأوامر حرس بالسفينة اثناء غرقها.

إنها المئوية الأولى لما تخصه «العربية. نت» بتقرير إجلالا لضحايا جميعهم كانوا لبنانيين، باستثناء مسافر مصري، ولا نجد ما يشير إليهم إضافة للائحة الأسماء سوى لقطة في فيلم «تايتانيك» الشهير لمخرجه في 1997 الكندي جيمس كاميرون، وفيها نسمع «يللا يللا» تقولها أم بلهجة لبنانية وهي تستعجل ابنتها للفرار من السفينة حين بدأت تغرق.

ويرد زوجها مهدئا من روعها: «بس بس خلليني شوفلك» وهو مرتبك يقلب صفحات في ممر بالدرك الأسفل من «تايتانيك» العملاقة، حيث الدرجة الثالثة. وفي الممر ظهر معه خائفون.

وكان الزوج المسكين يبحث في صفحات كتيّب يحتوي على بيانات «تايتانيك» عن مخرج في الممر ليعبر منه هاربا مع عائلته، وبعد هذه اللقطة التي دامت 6 ثوان فقط من الفيلم الهوليوودي لم نعد نسمع أو نرى ما يذكرنا بعرب «تايتانيك» المنسيين، فيما استمر العالم يتذكر ضحاياها الآخرين في كل مناسبة، وذروتها أول مئوية تمر على غرقها هذا الأسبوع.

وفي فيلم حقيقي وهو الوحيد للسفينة يوم أبحرت من ساوثهامبتون الى نيويورك تظهر لقطات حقيقية ايضا لحطامها بعد اكتشافه قبل 27 سنة وأكثر من تعرض في لبنان للخسارة بغرق «تايتانيك» هي قرية «كفر مشكي» في فضاء راشيا التي خسرت وحدها 13 من أبنائها في الكارثة، طبقا لما قاله رئيس بلديتها خليل السيقلي الذي أبلغ «العربية.نت» بأن القرية التي لا يزيد سكانها الآن على 500 نسمة «ستقيم قداسا في كنيستها الأحد المقبل عن أرواح قتلاها، وستقف دقيقة صمت إجلالا لهم» وفق تعبيره.

وذكر سيقلي عبر الهاتف أن أكثر من 11 ألفا من أبناء كفر مشكي مغتربون في 5 قارات، منهم ما يزيد على 6000 في أوتاوا بكندا وحدها. كما ستقيم قرية «حردين» في الشمال اللبناني الشيء نفسه أيضا، وفق ما ذكره لـ «العربية.نت» رئيس بلديتها باخوس سركيس عساف، الذي روى أن حردين هي ثاني من ابتلي بالفاجعة «فهي فقدت 11 من أبنائها» كما قال.

وحكى عساف عبر الهاتف تفاصيل مشهد مأسوي جرى حين بدأت «تايتانيك» تغرق عند ساعات الفجر الأولى، فقال نقلا بالتواتر عمن نجا من اللبنانيين الذين كانوا على متنها إن 11 من أبناء القرية تجمعوا في ركن بالسفينة عندما تأكدوا بأن الموت في طريقه لينال منهم، ثم راحوا يرددون أبياتا ارتجلها أحدهم بأسلوب الشعر الشعبي اللبناني، المعروف باسم الزجل، وقالوا وهم يغرقون:

ابكي ونوحي يا حردين... عالشباب الغرقانين

غرق منك حد عشر شاب... بسن الخمسة وعشرين

منهم سبعة عزابي... والبقية مزوجين

ما فيهم واحد شايب... كلن بالخمس وعشرين

وبعدها ابتلعتهم لجات المحيط وقضوا ضحايا لحلم اغترابي لم يكتمل، وظلوا مع غيرهم من اللبنانيين منسيين، لذلك ذكر عساف أن حردين «التي لا تنسى أبناءها تتمنى لو يتذكرهم لبنان الرسمي ويقيم لهم ولبقية الغرقى ذكرى لمناسبة مرور 100 عام على المأساة».

وأغرب ما علمته «العربية. نت» وهي تســـعى وراء المــــعلومات عن الغرقى العرب في الكارثة، كــــــان من الكاتـــــبة الأمــيركيــة الـــســـــورية الأصل، ليـــــلى سلــــوم الياس، مؤلـــــــفة كتاب «الحلم فالكـــابوس...» وهو عن الكارثة وضحاياها العرب واســـــتمدت بعض ما فيه من صحف عربية كانت تصدر في نيويورك عام الكارثة، وأهمها «الهدى» الشهيرة.

وذكرت الياس، نقلا عن ناجين رووا ما حدث لذويهم فيما بعد، أن عددا من اللبنانيين تم قتلهم بالرصاص لعدم انصياعهم لأوامر حرس بالسفينة، وقالت إن السبب الرئيسي في مقتل أحدهم كان لأنه حاول الوصول الى قارب نجاة ليحتل مكانا فيه كان يسعى إليه آخر من ركاب الدرجة الأولى.

وروت من بنسلفانيا حين اتصلت بها «العربية. نت» عبر الهاتف عن لبناني عمره 19 عاما، واسمه ضاهر شديد أبي شديد، من أنه كان يلعب ببندقيته في قريته «عبرين» في الشمال اللبناني، فخرجت منها رصاصة بالخطأ وقتلت فتاة من القرية، فهام على وجهه خوفا من أهلها، ووصل صدى خبره الى عمه، فمده بمبلغ مناسب وطلب منه أن يغادر لبنان ويوجه شطره الى حيث يقيم العم مغتربا في بنسلفانيا.

سريعا مضى ضاهر الى مارسيليا في فرنــسا، ومنها بالقـــــطار الى ميناء «شيربورغ» الذي كان اللبنانيون يــــبحرون مـــــنه الى بلاد الاغتراب، وفـــــيه صـــــعد الى «تايـــتانيك» حين رست هناك لتقلهم قبل أن تعود ثانية الى مرفأ بالجنوب البريطاني لتتوجه منه في أول وآخر رحلة لها الـــى نيويورك، وعلى الطريق وجد شديد في «تايتانيك» ما فر منه في لبنان، ولم يقع نظر عمه عليه الا كجثة عثروا عليها طافية مهترئة.





«بالمورال» على متنها 1309 ركاب وستسلك مسار السفينة المنكوبة



أحفاد ضحايا «تايتانيك» ركبوا البحر من ساوثهامبتون للوصول إلى نيوفاوندلاند



ساوثهامبتون (بريطانيا) - رويترز - كان عدد من أحفاد ضحايا السفينة البريطانية الاسطورية الغارقة تايتانيك بين ركاب سفينة بريطانية عصرية انطلقت على المسار نفسه الذي سلكته السفينة المنكوبة قبل نحو قرن من الزمان.

وارتدى البعض الملابس التي كانت سائدة في ذلك الوقت من فراء وقبعات للنساء وحلي وقبعات مستديرة للرجال وركبوا السفينة بالمورال من ساوثهامبتون على الساحل الجنوبي لبريطانيا التي أبحرت أول من أمس.

ووقف الركاب على السطح المكشوف من السفينة وأخذوا يلوحون لمودعيهم لينطلقوا على المسار ذاته الذي اتخذته السفينة تايتانيك منذ نحو 100 عام في الرحلة الاولى لها من ساوثهامبتون الى نيويورك عبر المحيط الاطلسي.

وغرقت السفينة المنكوبة التي وصفت في ذلك الوقت بأنها السفينة التي لا تغرق في المياه المتجمدة للمحيط الاطلسي قبالة نيوفاوند لاند يوم 15 ابريل عام 1912 بعد اصطدامها بجبل من الجليد.

ولقي نحو 1500 شخص حتفهم وتم انقاذ نحو 700 ولم يكن بالسفينة قوارب انقاذ كافية للجميع.

وأسرت أشهر كارثة بحرية في العالم قلوب الناس منذ ذلك الحين وهو ما يفسر استعداد ركاب من 28 دولة لدفع 8000 جنيه استرليني (13000 دولار) في التذكرة الواحدة ليكونوا ضمن الرحلة التي تنظمها شركة سياحية بريطانية في الذكرى المئوية لغرق تايتانيك.

وستبحر السفينة بالمورال في مسار تايتانيك ذاته حيث تتجه الى شيربورغ في فرنسا ومنها الى كوب في ايرلندا قبل ان تصل الى موقع غرق تايتانيك حيث يقام على ظهر السفينة بالمورال حفل تأبين في 15 ابريل في ذكرى الضحايا الذين واجهوا الموت غرقا في المنطقة نفسها قبل 100 عام.

وقالت الراكبة جين ألين التي لقي شقيق جدها حتفه في الكارثة أثناء شهر العسل بينما نجت زوجته انها لا تجد في القيام بهذه الرحلة من جديد أي «غرابة او تهوس بالموت».

وقالت لهيئة الاذاعة البريطانية «زرت مدافن الحرب العالمية الاولى والثانية في أماكن شتى من العالم وأعتقد ان من المهم دوما ان نتذكر. الناس في تايتانيك ماتوا في ظروف مختلفة تماما. لكن ما حدث تلك الليلة لا يصدق».

وقال منظمو الرحلة ان 1309 ركاب حجزوا تذاكر في الرحلة التذكارية وانه على الرغم من ان بالمورال سفينة حديثة لكن القائمين على الرحلة التي تستغرق 12 ليلة سيحرصون على خلق الاجواء التي كانت سائدة في ذلك الزمن من الموسيقى الى موائد العشاء الفاخرة كما سيعطي خبراء محاضرات عن تايتانيك وعصرها.