منى فهد العبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / الحرية واقع أم ضوابط؟!

1 يناير 1970 10:14 م
| منى فهد العبدالرزاق الوهيب |

لا شك أن كلمة الحرية لها ملاح وبرقش وسحر جذاب لدى كل إنسان، فهي ضد العبودية والرق، والحرية ترتبط بالإنسان منذ ولادته وحتى يموت، واختلف عليها الكثير، وما كان الاختلاف إلا لاختلاف الأفهام والإدراكات، لذا اختلفوا الناس في مفهومها ومدلولها.

فقد ظنت القلة القليلة من الإسلاميين أنه طالما أن الحرية من مقومات النظام الديموقراطي فهي نظام كفر، وتمادوا بفهمهم لمفاد ومعنى الحرية إلى أن زعموا أنه لا حرية في الإسلام، وأن موقفهم هذا من الحرية هو المبدأ الثابت المعلوم من الدين.

وظن نفر من العَلمانيين أن الحرية تخولهم وتعطيهم الحق بالطعن في شريعة الإسلام، ونقد الأنبياء والرسل، وتناسوا أن الحرية من المبادئ الإسلامية، لورود مضمونها في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، وهذا المضمون لا يختلف عليه مسلم، وهو أن الناس قد ولدوا أحراراً وأنه لا إكراه في الدين، وأن الناس سواسية، ولا فضل لعبد على عبد إلا بالتقوى، وما يدعّم سطورنا هذه، القول المأثور عن أمير المؤمنين «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه.. «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا».

إن الحرية بمفهومها الصحيح كما وردت في الكتاب والسنة هي السبيل الوحيد لرفع الحظر الحالي عن الإسلام والإسلاميين، ففي كنف وظل الحرية يمكن إعلان المفاهيم الإسلامية والمطالبة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، ورفع المظالم عن المظلومين، ومنع استبداد وطغيان الحكام والمحكومين.

فنحن مأمورون بالاحتكام إلى المفاهيم الإسلامية، ومن هذه المفاهيم مفهوم الحرية، فمقولة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي أوردناها في الفقرة السابقة، ليست شعاراً غير قابل للتطبيق بل كانت تعليلاً لتطبيقه عمليا، ومدلولنا على تطبيق هذه المفاهيم، عندما اقتص الخليفة عمر بن الخطاب من والي مصر «عمرو بن العاص» رضي الله عنه وابنه معاً لأن الابن ضرب القبطي، فهذا تطبيق إجرائي من الخليفة لمفهوم من المفاهيم الإسلامية.

ومن فهم الحرية بمفهومها الصحيح الخالص من الانحراف الفكري، والاعوجاج السلوكي، وفهم مضامينها وما تحمل من مغزى وفحوى بالطبع سيرفض الحرية المزعومة التي يروج لها العلمانيون التي تفصل بين الله وبين الناس، وتعزل القيم الدينية عن حياة البشر، إن العلمانية بسياستها الميكافيلية التي جعلت الغاية تبرر الوسائل غير الشريفة وغير المحصنة بالمعايير والضوابط الشرعية، قد جعلت القوة هي معيار المصلحة وهي الغاية التي تبغيها الدولة والإسلام، وليس العدل والمساواة، وجاءت رسالة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام لتصحيح هذا الانحراف، قال الله تعالى عن الرسول والرسالة... «يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم». [الأعراف: 157].

فالإسلام لا يفصل بين الدين والدنيا قال الله جل جلاله... «ألا له الخلق والأمر»، لهذا تضمّن القرآن الكريم أموراً لا تتعلق بالحلال والحرام فقط، بل تنظم الحرب والسلم والعقائد بين الديانات والأجناس، وتنظم العدل والأسرة والدولة والمجتمع الدولي، وزخرت السنة النبوية بالشرح المفصّل لهذه الأحكام، وكل من يفعل فعلا أو يسلك سلوكا مخالفا لقواعد وضوابط الحرية، نقول له... فلا حرية في الطعن على الذوات المصونة، أو على العقائد والديانات، ولا حرية في ظلم الآخرين والنيل من حقوقهم، ولا حرية للإنسان في الإضرار بنفسه أو أمواله، ولا حرية في ما حرمه الله تعالى.

 

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib