| د. تركي العازمي |
السرقة العلمية دفعت بالرئيس المجري بال شميت إلى تقديم استقالته من منصبه بعد أن اكتشفت الجامعة إنه سرق أجزاء من رسالة الدكتوراه التي حصل عليها قبل 20 عاما... ولو «شدو الحيل» أصحابنا من نواب الغالبية لربما كشفوا الكثير لنا من حملة الدكتوراه ممن هم على نفس الخطى: «شوية» من هذا البحث و«شوية» من ذاك مع تعديل في العينة وشهادة دكتوراه ولو سألت بعضهم عن اخلاقيات البحث العلمي لما تمكنوا من الإجابة!
السرقة بين المجر والكويت تختلف أثارها وتداعياتها، فهناك لا يوجد مواطن «سوبر» ومواطن «عادي» والسرقة حينما تثبت ترفع الأقلام وتجف الصحف ويبقى القانون هو النافذ والقرار لا رجعة فيه، بينما نحن هنا في الكويت: صحتنا تسرق في الأغذية ودهاليز وزارة الصحة والبلدية، وأموالنا تسرق في رشوة وشراء ذمم، ورواتبنا تسرق من غلاء الأسعار وعدم زيادة الرواتب، وحلمنا في تعليم مميز مسروق من عقود لدرجة أن خريج الابتدائي لا يستطيع كتابة اسمه والبحوث جاهزة للبيع في كثير من الاعلانات، وثروات الدولة يسرقها أصحاب المصالح ممن هم فوق القانون، ومئات الملايين تصرف ولا يمكن تعقب أوجه صرفها...!
وقدمت 5 استجوابات في مجلس 1985 انتهت بحل مجلس الأمة حلا غير دستوري في 3/ 7/ 1986، وعادت الاستجوابات الاستجواب تلو الآخر وكانت النتائج مشابهة إما استقالة للحكومة أو حل لمجلس الأمة أو تجديد الثقة بفارق بسيط باستثناء الاستجواب المقدم للوزير السابق د. عبدالله المعتوق الذي عين بعدها مستشار...!
ماذا يظن البعض بعد مقارنة طبيعة المحاسبة بالنسبة للسرقة بين الكويت والمجر؟ لن يجد نواب الغالبية الطريق سالكة لأن «الصندوق الأسود» في البنك المركزي محكم الإغلاق وصعب فتحه وإن فتح فصعب في «الكود» لكثرة التعقيد في برمجته وتشعب «تشفيراته»!
ونحن هنا نظن بأن السبيل الوحيد الذي يوصلنا للغايات المرجوة من الاستجوابات هو الاعتراف بوجود الخلل في كيفية المحاسبة وأن يحصل النواب على الدعم المطلق لكشف السرقات أيا كانت فمن تثبت سرقته يحاسب، واعتقد هنا إن الأمر صعب جدا تطبيقه، فالنفوذ أكبر والدليل ما ذكره النائبان البراك والطبطبائي حول حكومة «الظل»!
إذن، الواقع يشير إلى أن العقلية هي ذاتها لم يتغير شيء والنزاهة دخلت على الخط لزوم «البهرجة الاعلامية» ليس إلا، وستثبت الأيام القادمة ذلك فالفرق بين ثقافة المجر وغيرها من الدول المتطورة وبين طبيعة ثقافتنا كبير جدا ونحتاج إلى جيل كي نصل إلى مفاهيمهم السليمة.. والله المستعان!
[email protected]Twitter: @Terki_ALazmi