د. وائل الحساوي / نسمات / طبقتم قانونا وبقيت مئة

1 يناير 1970 11:40 م

ما كنا نود أن تسيل الدماء في معارك بين مواطنين ورجال الأمن كما حدث في تظاهرة الفرعيات لأي سبب من الأسباب، فتلك الأحداث مهما صغرت تولد نقمة لدى شريحة من الناس قد تنمو مع الايام لتتحول إلى كراهية ورغبة في الانتقام، لكن كما اسلفنا بأن هذه هي ضريبة سعي الحكومة لاعادة الهيبة للقانون الذي قد تحول في وجدان الكثيرين إلى ماض لا مكان له بين الناس، واصبح التطاول عليه دأبا لكثير من الناس ومن بينهم نواب سابقون قد ساهموا في وضع تلك القوانين.

هل نستطيع القول بأن الزمان قد دار دورته ليرجع إلى مداره الصحيح وإلى دولة القانون التي ننشدها جميعا؟!، ان ذلك مرهون بعدة امور: اولها ألا تتراجع الحكومة عن تنفيذ القانون على الجميع، لاسيما الكبار الذين مازال لديهم الكثير من التجاوزات والمخالفات وتحدي القانون، وقد يكون تنظيم انتخابات فرعية لايمثل إلا ذرة امام مخالفات الكبار ومنها الرشوة الانتخابية التي تجري اليوم جهارا نهارا امام اعين رجال الامن ويشارك فيها بعض كبار القوم، فهذه تمثل تدميرا منظما للنفوس والضمائر وتربي الناس على الغش والفساد، ومنها التطاول على أملاك الدولة في مزارع وقسائم اقتطعها البعض بغير وجه حق، ومنها الغش الاكبر في وضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب وتقسيم المناصب العليا على المقربين واستبعاد الكفاءات الوطنية، ومنها الغش في تجنيس من لا يستحق التجنيس وترك ابناء البلد المستحقين وتجنيس الكفاءات التي تنفع البلد، ومنها الغش في تنشئة اجيال فاشلة لا تحمل العلم الحقيقي ولا الخلق ولا الولاء للوطن وهكذا.

اذا كانت حكومتنا جادة في ارجاع عقارب الساعة إلى وضعها الصحيح وتدارك ما فاتنا فإن ما فعلته نجد له مبررا ونؤيده، لكن ان كان علاجها جزئيا لا يتعدى تفريق مظاهرة او تطبيق قانون واحد فإن نقمة الناس ستزداد وسيضاف إلى سجل الحكومة في عدم تطبيق القانون سجل آخر في الانتقائية في ايقاع العقوبات على من تريد والبرد والسلام على من تريد.


د. وائل الحساوي

[email protected]