حديث / سمعة الأهل والأبناء

1 يناير 1970 05:55 ص
| ابتسام السيار |

إن السمعة اساس في التقييم عند الزواج، وذلك عند معظم الاسر بمختلف مستوياتها لان المجتمع مازال يهتم بالمظاهر اكثر من اهتمامه بالجوهر، فما زالت سمعة الاهل في مقدمة الاوليات التي يسأل عنها المقبلون على الزواج من الطرفين، الرجل والمرأة، وليس صحيحا كما يدعي البعض انها باتت من الماضي وان الشخص نفسه اليوم هو الاهم وليس اهله، ان هذا الادعاء مردود عليه، لان الرجل او المرأة عندما يرتبطان بالزواج فانهما يرتبطان باسرة كلا الطرفين كلها. فيصبح كل ما يسيء الى هذه الاسرة يسيء الى الزوجين معا، ولهذا فعندما يقبل الرجل على الزواج يسأل اول ما يسأل عن اهل الفتاة التي سيقترن بها قبل حتى الاقدام على الخطبة، ومن ثم تبدأ اسرة الفتاة في المقابل بالسؤال عن هذا الرجل واسرته قبل الرد على طلبه بالايجاب او الرفض، ولهذا فان السمعة اما ترفع اسهم الابناء واما تخسف بها الارض عند الزواج تحديدا، فيدفعون ثمن سوء سمعة اهلهم بعزوف الاخرين عن الزواج بهم او الاقتراب منهم... وهذا الغبن اساسه الاهل انفسهم الذين لم يفكروا يوما في ان حسن السمعة والصيت من الثروات غير الملموسة التي يتوارثها الابناء عن ابنائهم وكما يقول المثل: «الزين يخص والشين يعم»، ولهذا نجد كثيرا من الفتيات يظلمن اذا كان حظهن ضمن اسرة ليست ذات سمعة طيبة حتى ان حققت الفتاة لنفسها تقدما علميا وثقافيا وماديا في وسط مجتمع اسري مهزوز وسيئ السمعة فهي كمن يبني فى الهواء بناء لا اساس له، فتدفع ثمن سمعة اهلها السيئة اما بحرمانها من الزواج او بزواجها بمن هو اقل منها او بمن لا يستحقها... وهنا نسأل هل سمعة الاهل من الاوليات التي يسأل عنها عند الزواج؟... ومن يظلم أكثر الشاب ام الفتاة؟... هل صحيح ان التطور فى زمننا هذا شمل العادات الخاصة بموضوع تأثير سمعة الاهل على الابناء؟

إن سمعة الاهل ما زالت مهمة جدا ومن الاوليات التي يسأل عنها المقبل على الزواج والفتاة قد تظلم اكثر بكثير من الشاب لان الرجل عادة ما يتقصى اكثر عن شريكة حياته لانها ستصبح ام اولاده، وذلك فان المجتمع ينظر الى الرجل على انه «شايل عيبه»، وقد يجد من ترضى به حتى ان كانت سمعة اهله سيئة لان المواريث الاجتماعية تدين المرأة لاتفه الاسباب وتجد المبررات للرجل... وايضا سوء سمعة الاهل تسيء للابناء سواء كانوا ذكورا ام اناثا بعد الزواج حيث يعاير احد الطرفين الطرف الاضعف عند حدوث المشاكل والخلافات الزوجية «ابوك سوا وامك وفعايلها».

ان العادات والتقاليد لا يمكن تغيرها في هذا الشأن فما زالت السمعة في مقدمة الاوليات التي يسأل عنها كل الجنسين قبل الزواج حيث من المتعارف عليه ان البنت تشبه امها في تربيتها واخلاقها وان الشاب يشبه والده في طباعه واخلاقه كما يقول المثل «إذا بغيت تضمها إنشد عن أمها»... سمعة الاهل اليوم ليست مقياسا للزواج وخصوصا بعد تحرر المرأة وخروجها الى العمل وتحررنا من كثير من العادات والتقاليد البالية والظالمة، فالبعض لا تفرق معه سمعة الاهل ولا يهمه سوى من يرتبط بها، والبعض اعتبر ان سمعة الاهل ان ارتبطت بسوء الاخلاق والفساد فان ذلك سيؤثر سلبيا على زواج البنت لكن ان ارتبطت بمساوئ اقل مثل سوء التعامل مثلا فمثلا يقال فى مجتمعنا «العرق دساس» ومجتمعنا يهتم كثيرا بالسمعة... وايضا سمعة الاهل احيانا ترفع من اسهم الفتاه عند الزواج، حتى ان كانت محدودة الامكانات لأهيمة الحسب والنسب عند الزواج والعكس صحيح ايضا، ومثالا على ذلك عندما يقترن الشاب من خادمة فبذلك اساء الى نفسه بهذه الزيجة وعرقل زواج أبنائه مستقبلا، ان سوء سمعة الفتاة تجعل الشاب يعزف عن الاقتران بها، لان الشاب عندما يقترن بالفتاة يهمه ان تكون زوجته أما صالحة لأبنائه وهي ان كانت كذلك ولكن حظها ان اهلها سمعتهم سيئة فان هذا الامر سيؤثرعلى سمعة ابنائه في المستقبل، لاننا ما زلنا في مجتمع يبحث عن السمعة والصيت ففي مجتمعنا الكويتي نسأل كثيرا عن اسم العائلة ومركزها ووضعها الاجتماعي «ولد منهو ومن عائله منو.. وين بيتهم»، بل نسأل عن الام والاخوة ايضا فان كان احدهم سيئ السمعة اساء الى الفتاة والى فرحها في الزواج بل ان السؤال احيانا يمتد الى الخالة والعمة والاقرباء، فلا يمكن ان نزرع قمحا ونحصد بطيخا فالابناء يتشكلون كالعجين وما نزرعه فيهم من مفاهيم وقيم تشكل شخصياتهم ومعتقداتهم، فالمسلم يولد مسلما من اب وام مسلمين، ومن الصعب اقناعه بديانة اخرى بعد ذلك لانه تشبع بهذه الديانة واكتسب جميع عقائدها وهذا المسلم لو ولد فى بيت يهودي لاصبح كذلك، اذاً من الطبيعي ان يشبه الانسان اهله فى ديانتهم وعقائدهم واخلاقهم ايضا وسيئ السمعة او صاحب الاخلاق الفاسدة لن يربي ابناء صالحين، لان الانسان ابن بيئته ومن الطبيعي ان يؤثر عليه سمعة واخلاق اهله على الرغم من ان لكل قاعدة شواذ.

واخيرا أختم مقالتي أنه ليس من العدل ان نحكم على الفتاة او الشاب، من خلال سمعة اهلهما التي ليس لهما ذنب فيها فقد يكونان من اشد المعارضين لتصرفاتهما وغير راضين عنها، لكنهما لا يملكان تغييرهما، ولهذا يدفع الكثير من الابناء ثمن سمعة الاهل من خلال نظرة المجتمع الدونية لهما عند محاسبتهما على ذلك، في الوقت نفسه سمعة الاهل امانة ومسؤولية يتحملها كلا الوالدين وهما محاسبان امام الله عليها، وكما قال رسولنا الكريم: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في اهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها، والخادم فى مال سيده راع ومسؤول عن رعيته»، قال وحسبت ان قد قال: «والرجل راع فى مال أبيه»... رواه البخاري.



[email protected]

Follow Me :sshaheen9@