| ابتسام السيار |
كل منا يحب ان يقال عنه ان شخصيته قوية... فالمفهوم لهذه الشخصية الجميلة معان راقية وجميلة حقا... وما لا شك فيه، أنه اذا نُعت أحدهم حاليا- سواء كان رجلا أو امرأة- ووُصف بأنه قوي الشخصية فان هذا يعد مدحا عظيما له.
ان الغالبية يعتقدون ان قوة الشخصية بأن لها القدرة في السيطرة على الآخرين... والبعض يعتبر كل من يفرض رأيه على الآخرين يعتبر قوي الشخصية؟... والبعض يعتبر ان الشخصية المسيطرة التي لا يرفض لها طلب... شخصية قوية.
فمثلا الناظر الذي يرتعد منه المعلمون والطلبة عندما يضع القوانين واللوائح الصارمة لضبط المدرسة هل يعتبرقوي الشخصية؟... او المدرس الذي يضبط الفصل، لأنه يهدد الطلبة ويضربهم، وقد تجد هذا المدرس نفسه يقف خائفا مرتعدا أمام المدير او الوزير هل يعتبر قوي الشخصية؟... والاب عندما تجد أطفاله مذعورين خائفين حتى من التفكير في السلام عليه وملاعبته هل يعتبر قوي الشخصية؟... والزوجة التي ترتعد وتصاب بمغص شديد اذا رأت زوجها او نظرت الى عين زوجها يقال انه ذو شخصية قوية؟
في وقتنا الحاضر، قد شُوّهت الكثير من المفاهيم الجميلة وعبث بها في ما يخص الشخصية القوية، الذي في الغالب وللأسف الشديد، نعتقد انه سليط اللسان، عديم الأخلاق، سالب للحقوق، يخاف منه الكبير قبل الصغير، صاحب كلمة اي الكلمة الأولى والأخيرة له، يأخذ حقه كاملا غير منقوص بأي وسيلة كانت، يلقي بكلام مسموم او كالسهم الجارح الكلمة او يردها بعشر عجاف ملتهبات تحرق كل ما يقف أمامها.
ولكن اذا أبحرنا على شواطئ قوي الشخصية وادركنا صفاته، فعلى ماذا ستقع أبصارنا؟
ونسأل هنا ما المعنى الحقيقي لقوة الشخصية؟... ان قوة الشخصية، حيث أفرغناها من معانيها الجميلة الحقيقية لنقول الشخصية القوية... هي الشخصية التي تستمر في النمو والتطور.
لانهما شرطان أساسيان لكي تكون شخصيتك قوية ومثمرة في الوقت نفسه، قوة الشخصية تعني ايضا... القدرة على الاختيار السليم... والتمييز بين الخير والشر والصواب والخطأ... وادراك الواقع الحاضر... وتوقع المستقبل، قوى الشخصية ينظر الى الآخرين بنظرات الاحترام والتقدير، بغض النظرعن معتقداتهم أو أوطانهم أو وظائفهم اوغناهم أو فقرهم، قوي الشخصية أيضا، مؤمن بقدراته لا يجلد نفسه عند الخطأ، ولا يكثر من تقريعها، بل يؤمن بأن الخطأ من طبائع البشر، وان من لا يعمل لا يخطئ، تجده أيضا واثقا من نفسه، تتكسر على دروعه المتينة سهام النقد الجارح، فلا تهتز له شعرة ولا تنزل له دمعة وهو في المقابل لا يتكبر ولا يتعال على النقد الهادف.
ولا تجده يدافع عن نفسه عند وضوح الخطأ، بل يتعلم من أخطائه فتقل زلاته وفي المقابل دعونا نتأمل قليلا شخصية سيد البشر صلى الله عليه وسلم... أليس هو صاحب اجمل واروع شخصية قوية عرفها التاريخ... قد هابه الجميع حبا واحتراما وتقديرا، فقد كان من أحلم الناس وألطفهم وأحسنهم أخلاقا وسيرته تشهد بذلك، ومن بعض صفات أو مميزات قوي الشخصية... اولا، وضوح الرؤية، ثانيا، عدم التناقض العقلي، ثالثا، النمو الثقافي والمعرفي، رابعا، خصوبة الأفكار والمفاهيم وتنوعها، خامسا، استخدام القدر المناسب من الذكاء، سادسا، ترتيب الأولويات العقلية، القدرة على الابتكار العقلي.
واخيرا ان ما نحس به من عواطف لايمثل الا جزءاً بسيطاً من الطاقة الوجدانية الكامنة داخلنا، فالعواطف المدفونة والتي نسيناها هي اكبر حجما وأشد عنفا من العواطف التي نحس بها وندركها بشعورنا الواعي، فنحن لانتحكم الا في المراحل الاولى من اشتعال العاطفة والانفعال، ولكن ما ان ينفجر البركان نصبح كالقشة في مهب الريح ولانستطيع التحكم بها، فالحياة الوجدانية والعاطفية شأنها شأن... اي جزء من الشخصية قابلة للترويض والتهذيب... فكلنا بحاجة في جميع مراحل حياتنا الى هذه التدريبات التي تصقل حياتنا الوجدانية، وتنقي سلوكنا العاطفي مؤدية بالتالي الى تقوية الشخصية.
[email protected]@Follow Me :sshaheen9