منى فهد العبدالرزاق الوهيب / رأي قلمي / جدير بالتأمل ... !

1 يناير 1970 10:14 م
| منى فهد العبدالرزاق الوهيب |

حري بنا أن نتأمل بمدلولات ألقابنا، ومفهوم كل لقب، حتى لا تتعارض وتتضارب الأدوار، ويستطيع الآخر أن يفهمنا ويفهم ما نحمل من منبئة ومعرفة، تجسد وتوضح للآخر وصف وتفصيل اللقب الذي يحمله ذلك المتخصص أو العالم أو المصلح أو غيرها من ألقاب سنتناولها في مقالنا.

أخبرنا الله تعالى - بأننا نولد ونحن جاهلون بكل شيء حيث قال - سبحانه -: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)... ولكنه سبحانه جل جلاله كما أخبرنا بجهلنا، زودنا بأدوات بإمكانها التقاط الكثير من صور الواقع ومعطياته والكثير من المعارف والخبرات والتجارب التي تراكمت لدى البشرية، والتي تجعلهم يستحقون الألقاب، لأننا بواسطتها أي الأدوات التي هي الحواس الخمس... السمع والبصر والشم والذوق واللمس، نستطيع أن ندرك الوجود.

تتشكل لدى الإنسان الخريطة الإدراكية، فحين تستقبل حواسنا البيانات والمعلومات والمشاهدات والمسموعات عن ظاهرة من الظواهر أو حدث من الأحداث... فإنها تنقل ذلك إلى الدماغ، وهنا يقوم الدماغ في النظر فيها من خلال ما لديه من مبادئ ومفاهيم وانطباعات سابقة، ويحاول بالتالي تحديد موقف منها، أو تنظيم رد فعل معين تجاهها أو إصدار حكم عليها، ومن خلالها يصبح لدينا مرجعاً وإطاراً لفهم وتصنيف ما نراه ونسمعه ونشعر به، ومرجعا وإطارا لتفسير وتأويل كل مصطلح أو مدلول أو حدث.

وبما أن العقل ليس مجهزاً بفطرته للتعامل مع الصفات بكفاءة، على خلاف جاهزيته للتعامل مع الكم والرقم، وإن أردنا إطلاق الألقاب على أشخاص يعملون في حقل العلم والمعرفة، لا بد من تعريفهم ووصفهم حتى لا تتداخل الألقاب ونطلق على العالم مثقف، والمثقف مصلح، والمصلح مفكر، وغيرها، لأن جميعهم يستخدمون الأفكار والمفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالحضارة والإصلاح، ويمارسون نوعاً من النقد للواقع، لذا قد يصعب على العقل أن يتعامل مع صفاتهم من دون تصنيفهم، وتحديد تعريف لكل واحد منهم، وتحديد أوصافه على نحو ما يحمله من علم ومعرفة.

فالعالم... هو شخص برع وحذق في تخصص من التخصصات حتى تفوق على أقرانه، وتطلق كلمة عالم في العديد من الأوساط، وعلى كل متمكن في علم من علوم الشريعة وغيرها، والمصلح.. هو شخص لديه أفكار ورؤى إصلاحية ذات طابع اجتماعي أو أخلاقي أو سياسي، وهو في العادة يستند في أفكاره ورؤاه إلى الرصيد العقدي والثقافي الموجود لدى مجتمعه، والمثقف... شخص تجاسر وتجاوز تخصصه الأساسي، ووسّع دائرة اهتمامه، وكرّس وخصص وقته للقراءة والاطلاع، ليتزود بعلوم حياتية تختلف عن تخصصه الرئيسي، والفيلسوف... هو ذلك الشخص الذي يبحث في التعريفات والمصطلحات والقيم والأهداف، ويبحث في مسائل وقضايا كلية لا جزئية، وهو يقوم بصناعة المفاهيم وإبداعها ونقدها وتطويرها وغربلتها، أما المفكر... فهو الشخص الذي يحاول توفير أسس لقراءة الماضي والاستفادة منه، كما يحاول أن يوفر قواعد لفهم الحاضر وربطه بالسنن الكونية، وهو يتردد بين صناعة المفاهيم وبلورة الرؤى واستخلاص العبر وكشف السنن، وبين إصلاح الواقع من خلال تشخيص الأزمات التي يعاني منها الناس.

وكل لقب من الألقاب التي ذكرناها وعرّفناها وصنفناها والتي لم يسع المقام لذكرها برأيي جديرة بالتأمل، حتى وإن تعرضنا لموقف أو حدث، أو عرض علينا عارض، أو ألمت بنا مصائب يستعصي علينا تشخيصها أو علاجها، نتجه لمن يحمل معنى ومضمون اللقب وليس اللقب بحد ذاته، إما أن يقدم لنا الوقاية أو العلاج الناجع.



[email protected]

twitter: @mona_alwohaib