وليد الرجيب / أصبوحة / شاهد من أهلها

1 يناير 1970 05:45 م
نشرت جريدة القبس في عددها الصادر أمس، موضوعاً اقتصادياً بعنوان «فضيحة غولدمان ساكس تعصف بوول ستريت وبآداب المهنة»، بعد مقال كتبه كريغ سميث وهو مدير سابق في هذه المؤسسة المالية العملاقة.

بين سميث مدى لا أخلاقية هذا البنك العريق الذي يبلغ عمره 143 عاماً مع عملائه، الذين يمتلكون أصولاً تتجاوز قيمتها أكثر من تريليون دولار، حيث وصف سميث مناخ العمل بأنه مسموم وهدام، وبأن لا أخلاقية تعامل البنك مع عملائه تسببت في أكبر أزمة اقتصادية رأسمالية في التاريخ.

وقد ربط سميث بين التدهور الحالي في البنك وقيادته العليا، وبخاصة الرئيس التنفيذي لويد بلانكفاين والرئيس جاري كوهن اللذين وصفهما بأنهما فقدا السيطرة على ثقافة الشركة تحت ناظريهما، وأشار إلى استخدام العاملين في غولدمان ساكس تعبير «الدمى المتحركة» لوصف عملاء البنك في مراسلاتهم الداخلية، وهم يناقشون دائماً كيف نسلب العملاء من الأرباح فنبيع لهم أسهماً أو منتوجات مالية أخرى نحاول التخلص منها لأنها لن تحقق أرباحاً.

وتتهم سلطات الرقابة المالية الأميركية غولدمان ساكس بالتواطؤ مع أحد صناديق التحوط الاستثمارية من أجل تحقيق أرباح من سوق القروض العقارية عالية المخاطر، التي انهارت في ذلك الوقت ما أدى إلى تفجر الأزمة المالية، وتم اتهام البنك بتضليل المستثمرين في سوق القروض عالية المخاطر.

وقال سميث في مقاله الذي أثار ضجة في الأوساط المالية الأميركية: «هذه الأيام أبرز التساؤلات التي تصلني من محللين صغار حول المشتقات هي «كيف نستطيع جني مال من العميل؟ لأنهم يستمعون إلى مقولات مثل «دمى متحركة» و«أسرق كل ما يملك» أو «دعه يسدد».

وبالطبع فإن لا أخلاقية الرأسمالية ليست اكتشافاً فجائياً، بل إن ذلك واضح جداً بدءا من وضعها لنظام فائض القيمة المجحف بحق الطبقة العاملة، ما يعني أنها لكي تحقق الربح يجب أن يعمل العامل ساعات مجانية، وإلا من أين يأتي الربح سوى من بيع العامل لقوة عمله؟

وتكمن لا أخلاقية الرأسمالية وتبرير الليبراليين ودفاعهم المستميت عنها، في الحروب التي تشنها من أجل الاستيلاء على ثروات البلدان الأخرى وتسخير عمالتها الرخيصة، كما تكمن في استغلال عمل النساء والأطفال، الذين يحصلون على أجر أقل، وكذلك تكمن في انتشار الدعارة والقمار والإدمان على الكحول والمخدرات، بسبب السياسة التي يسميها المختصون بالاقتصاد السياسي «جيش العمالة الاحتياطي»، الذي يتكون من العاطلين والعاطلات من العمالة التي أنتجها تطور الآلة الصناعية، فتم الاستغناء عنهم.

بل إن الرأسمالية رعت ونظمت الدعارة والرذيلة ولعب القمار رسمياً، وهو ما يعرف بمدن القمار والدعارة الرسمية، مثل مدينة لاس فيغاس، بل وضعت جهازاً طبياً للكشف الدوري على العاهرات، وعلاجهن من الأمراض التناسلية، ناهيك عن جرائم التلوث البيئي وغيرها من الجرائم اللاأخلاقية، فهل بعد ذلك يحق لليبراليين التحدث عن فضائل فكر الرأسمالية وأخلاقياتها؟





وليد الرجيب

[email protected]