فتيات يروين لـ «الراي» مآسيهن بسبب رفض أولياء الأمور للزوج الذي اخترنه / اشتراط قانون الأحوال الشخصية موافقة الولي على الزواج يدمّر مستقبل كثيرات ويشتت أسر أخريات
«العضل»... قضايا تقهر «إنسانية» المرأة
1 يناير 1970
05:22 م
| إعداد بشاير عبدالله |
وصلت الى أعلى المراتب وتولت أرفع المناصب. اثبتت جدارتها في العمل ومنافسة الرجل في مختلف المجالات. نالت حقوقا عديدة اجتماعية وسياسية ووظيفية. وأتاحت لها القوانين الاحتكام الى القضاء في أي ظلم يلحقها، لكن بقيت بعض العادات والتقاليد التي بقيت سيفا مصلتا على انسانيتها، متسلحة بدعم تشريعي وفره قانون الأحول الشخصية في الكويت.
ورغم ما قيل ويقال دائما عن انحياز قانون الأحوال الشخصية الكويتي الى المرأة بالامتيازات العديدة التي يقدمها لها خصوصا في حال الطلاق، فان مسألة اشتراط موافقة ولي الفتاة على الزواج ليتم العقد مهما بلغت من العمر تبقى «وصمة في جبين» المجتمع الكويتي الحديث كما يرى بعض المحامين في ظل الانتشار الكبير لقضايا «العضل» في المحاكم من قبل فتيات كويتيات ضد أوليائهن من آباء واشقاء.
و«العضل» هو امتناع ولي الأمر (أب - أخ... ) عن تزويج وليته من الشدة والحبس والتشديد والتضييق والتأثير المؤلم بل المؤذي للمرأة في نفسها وحياتها وعيشتها.
ففي ظل هذا الامتناع أو «العضل» لتزويج الفتاة مهما بلغت من العمر دون موافقة ولي الأمر، فان لها أن تلجأ الى القضاء طالبة انصافها وصولا لأمر القاضي بالتزويج أو عدمه.
لكن رغم اتاحة المجال أمام الفتاة للجوء الى القضاء، فان العادات والتقاليد التي لا يزال البعض متمسكا بها تصل الى حد اعتبار رفض الفتاة لامتناع الولي عن تزويجها خروجا عن الطاعة ومسألة شرف تستتبع التعامل معها بقسوة وعنف كبيرين بحق الفتاة التي تختار الرضوخ خوفا ولا تستطيع بذلك اللجوء للقضاء الذي قد يضمن لها حقوقها الانسانية. ولذلك فان تطور الحياة والعصر يستتبع الالتفات الى ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية - كما يرى المختصون - بحيث يواكب الانفتاح الذي تشهده الكويت والعالم، بمنح المرأة أبسط حقوقها الانسانية وهو اختيار من تريد أن تعيش حياتها معه، فيما يرى البعض الآخر في المقابل ان الشرع واضح ولا مجال للنقاش في مسألة تحديد حق الولي في الموافقة على زواج ابنته أو شقيقته أو عدم الموافقة.
وبين قضايا يتم شطبها لعدم قدرة الموكلة على متابعتها بعد حبسها وتعرضها للعنف في بيت الأهل، وبين قضايا أخرى ينتزع فيها الزواج «بحنكة» محامٍ، أو حيلة فتاة تدور معظم مصائر تلك القضايا.
وأمام اشكالية قضايا العضل أو الحالات التي تخرج فيها الفتاة عن رأي أوليائها في مسائل الزواج، ليس أمام القضاء الذي ينظر في الدعاوى التي ترفع غير صحيح القانون وما ينص عليه، لكن ماذا لو تتمكن الفتاة من اللجوء الى القضاء؟ وماذا لو كان رأي القاضي ملتزما الى صريح القانون الذي يشترط موافقة ولي الأمر على الزواج؟ الكثير من القصص الواقعية تروي حكايات ومآسي رسخها «القانون» وتسببت بها العادات والتقاليد التي ترفض منح حرية الاختيار للفتاة. وفي المقابل تختلف الآراء القانونية حول الموضوع بين مؤيد للقانون ومتشبث بالشرع وما نص عليه وبين داع الى تعديل القانون بما يواكب المتغيرات والتطورات والنضج الذي وصلت اليه الفتاة ويناسب مع حقوقها كانسانة بعيدا عن الجمود القانوني دون التفريط بما نص عليه الشرع الاسلامي في هذا المجال.
20 سنة من الزواج الشرعي
أبطلها قانون الكويت لغياب «الولي»
«بعد عشرين عاماً من زواج شرعي ومستقر... أهلي (أبطلوا) العقد انتقاما»...! بهذه الكلمات بدأت المواطنة (أ) بث شكواها من الألم الخانق، والحيرة، والخوف التي لازمتها منذ عودتها الى أرض الوطن قبل نحو عامين. تقول (أ) لم يغفروا لي خطيئة الزواج بـ«آسيوي»... لاحقوني، واختطفوني وهددوا زوجي... وأخيراً أبطلوا عقد زواجي!
ستة عشر عاماً قضتها (أ) في بلاد زوجها الآسيوي لم تكن كافية لتمنحها الأمان والرضا، ما دفعها الى اتخاذ قرار العودة الى الكويت لتجد نفسها أمام أسرتها التي تحمل غضبها القديم، ورغبتها السابقة في انهاء زواج انتزع رغماً عنها...!
(أ) حضرت الى «الراي» لتروي قصة فصولها من وجع، وغربة، وعذاب مستمر على مدى عشرين عاماً بدأت كما تقول «حين قررت أن أختار شريك حياتي من جنسية آسيوية غير مقبول الارتباط بها اجتماعياً في الكويت»...! ووصلت الى ذروتها كمأساة انسانية - اجتماعية حين قامت أسرتها بزعامة شقيقها باستصدار حكم قضائي ببطلان زواجها...!
وما بين ماضي المأساة وحاضرها محطات كثيرة من الرعب، والألم، والأمل عاشتها «بطلة» القصة وتضعها «الراي» اليوم بين أيدي قرائها ليحكموا، وليسائلوا (ان شاءوا) بطلة القصة، أو ليحاكموا الواقع الاجتماعي الذي جعل امرأة كويتية في عقدها الرابع غير قادرة على ممارسة حق طبيعي مثل الاحتفاظ بأسرتها...
تقول (أ): اتخذت قرار الزواج بقناعة، وتمسكت بقراري رغم أن ارتباطاً بين شخص من جنسية زوجي وفتاة كويتية يعتبر من المستحيلات..! الا أن قوة ما دفعتني لتجاوز كل حد يفصل بيننا، ورفض كل مفهوم اجتماعي لا يحتملنا معاً، سافرت لعقد قراني على الرجل الذي اخترته في بلاده بعيداً عن تدخل أسرتي..! ولأن أشقائي اتخذوا موقفاً شديد العدائية تجاهي واعتبروا ما قمت به اهانة لمكانتهم الاجتماعية لم استطع أن اطأ ارض الكويت طيلة 16 عاماً...!
في بلاد زوجي الفقيرة عشت وجع الفراق والحاجة... فارقت وطني وحياتي السابقة، وصارعت حاجتي وحاجة اسرتي لضرورات الحياة. ورغم ذلك كله لم أندم يوماً على قراري بالارتباط بزوجي، واعتقد أنني لو كنت قبلت بزوج اخر وعشت حياة «عادية» في الكويت ربما ما كان زواجنا ليحتمل بعض ما احتملناه زوجي وأنا...! رزقنا الله بابنة تصاعدت بوجودها أهمية تحسين حياتنا فخرجت وأسرتي من بلاد زوجي، وسافرت قاصدة بلداً خليجياً آخر علنا نجد فيه متسعاً من رزق وأمل..!
ومع الأسف، وعلى عكس ما كنت أتصور، أغلقت الأبواب في وجوهنا... لا لعدم كفاءتنا، بل لأنني خليجية زوجها آسيوي...! لم ترحمنا الأعين ولا الألسن... كلٌ قصد اهانتنا بشكل ما...! وكأننا جرحنا في نفوسهم كبريائها...! أو أننا ذكرناهم أنهم بشر مثل غيرهم و«جائز» ارتباطهم بالزواج بمن ليسوا بمكانتهم..! بعد معاناة عام كامل اضطررنا لانهاء اقامتنا في البلد الخليجي، وحينها قررنا واليأس والخوف يلفاننا من كل الجوانب أن نغامر بالعودة الى الكويت...! ورغم علمنا أن أشقائي لن يتركونا ننعم بحياتنا الا أننا قبلنا هذا الاحتمال الصعب.
منذ وطأت اقدامنا أرض الكويت ونحن في حالة هروب مستمرة، نغير مسكننا باستمرار ونتوارى عن العيون والأسماع «الديرة صغيرة» وقصتي لم تصمت اصداؤها بعد (أو هكذا أشعر)...! تقدمت للعمل وحصلت على وظيفة حكومية جيدة تتناسب ومؤهلي التعليمي، وعشت وأسرتي حياة مستقرة الى حد ما، الى أن علمت أسرتي بوجودي، وقررت معاقبتي على «جريمة» الزواج برجل اخترته التي ارتكبتها منذ 18 عاماً. شقيقي الأصغر تزعم الساعين الى معاقبتي، وتصحيح الخطأ الذي «لوث» سمعة العائلة منذ سنوات طويلة...! قرر بالتعاون مع شقيقاتي ان يستدرجوني ليختطفوني ويفرقوا بيني وبين أسرتي... فوجئت باتصال من احدى شقيقاتي تخبرني أنها تريد رؤيتي وأنها اشتاقت الي. اتفقت معي على اللقاء بها قرب احد المستشفيات الكبيرة، في ساحة خالية عادة من الناس. ذهبت في موعدنا وحدي مع ابنتي كما اتفقنا، ما ان لمحوا سيارتي واقفة حتى نزلوا... انتظرت العناق والقبلات من أسرتي التي غبت عنها طويلاً... صدمتني وجوههم المتجهمة الغاضبة وهم يتجهون نحوي، يجرونني بعنف ويأخذونني وابنتي معهم في سيارتهم... أدخلونا منزل أختي واحتجزونا في احدى الغرف ليلة كاملة، وفي صباح اليوم التالي تمكنت من الهرب مع ابنتي والعودة لزوجي.
لم تهدأ محاولاتهم أبداً.. ولما تأكدوا أنني لن أقبل بالانفصال عن زوجي، لجؤوا الى المحكمة حتى يمنعوني من توثيق زواجي في الكويت... ورغم أن زواجي صحيح شرعياً الا أنهم احتجوا بكونه دون وليَ وهو ما يتعارض مع قانون الأحوال الشخصية الكويتي الذي لا يسمح بزواج المرأة دون وليَ...! وبالفعل حدث ما خشيته وتمكنوا من ايقاف الاعتراف بعقد زواجي...! واليوم وبعد ما يقارب 20 عاماً على زواجي الشرعي والمستقر أصبحت قانوناً في بلادي غير متزوجة...! وأسرتي مهددة بالضياع في أي لحظة.
وفي ختام حديثها تطرح (أ) تساؤلاً يلج الى عمق المشكلة: قانون يبطل عقد زواج تم في بلد مسلم وفقاً للشريعة الاسلامية، ونتج عنه أسرة مستقرة منذ سنوات طويلة، قانون كهذا ألا يجب التفكير بتعديله...؟!
عبدالعزيز المطوع: الشرع واضح
والمطلوب إنصاف الرجل لا المرأة
يرى المحامي عبد العزيز المطوع «ضرورة احداث تعديلات على قانون الأحوال الشخصية بشكل عام وأن يطال التعديل معظم النصوص القانونية، وأن يكون هذا التعديل بما يضمن الاستمرارية، والاستقرار للحياة الزوجية وما يتطلبه ذلك من عدم تسهيل الطلاق والتشجيع عليه، وهو الأمر الذي يقدمه القانون الحالي من خلال التساهل الشديد مع طلبات الطلاق المقدمة من المرأة..! اضافة الى أن القانون بحاجة الى أن يدفع به لجهة الاتساق أكثر مع ثوابت المجتمع وثقافته وحاجاته».
ويعتبر المطوع ان قانون الاحوال الشخصية الحالي «سلب القوامة من الرجل ومنحها للمرأة، وأن نصوص هذا القانون أخذت اسوأ الآراء الموجودة في الفقه الاسلامي في حين يمكن الاعتماد على آراء أخرى».
ويشير الى ان قانون الاحوال الشخصية الحالي «يفسح المجال لحيز كبير من التلاعب من قبل الزوجة سيما في ما يتعلق بتمكين المطلقة من الحصول على نفقة للأبناء حتى وان بلغوا سن الرشد...!».
أما فيما يتعلق بجزئية قضايا العضل أو الحالات التي تخرج فيها الفتاة عن رأي أوليائها في مسائل الزواج فيقول أن «الشرع واضح في مسألة تحديد حق الولي في الموافقة على زواج ابنته أو شقيقته أو عدم الموافقة..! وحين يقع ظلم فبامكان الفتاة أن تتقدم مع محاميها بشكوى العضل والتي يبت فيها القاضي كما يرى وبحسب مقتضيات كل حالة، فان كان الخطيب كفؤاً للفتاة تزوجت منه بولاية القاضي، وان كان رأي القاضي غير ذلك ترفض دعواها..!». ويشدد المطوع على «ضرورة عدم الانجرار وراء الدعاوى التي تدعي ظلم المرأة في ما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية، بل على العكس..! فالمظلوم هنا هو الرجل وبالفعل يجب انصافه من خلال تعديل على القانون بكثير من مواده».
إذا كان للاخوة حق الحرمان من الحياة
فالعيش تحت أقدامهم أهون من الزواج!
قصة أخرى ترويها (ن) البالغة من العمر (45) عاماً... تقول أعيش وسط أسرة كبيرة مكونة من والدتي وأخوتي الرجال وزوجاتهم... أخوتي جميعاُ متزوجون بحسب اختيارهم، احدهم متزوج من امرأة غير كويتية، وآخر من امرأة تنتمي الى وسط اجتماعي آخر ولم يعترض أحد على خياراتهم في الزواج، أما أنا فليس من بين من تقدم لي للزواج - وهم كثر- أي انسان يرونه «كفوا» للارتباط بي... في كل مرة يرفضون من يتقدم لخطبتي بحجة أنه غير مناسب لي من الناحية الاجتماعية، ولأنني احترم العادات والتقاليد، والقيم الاجتماعية التي نشأت عليها لم اعترض أبداً على ما يقره أخوتي في أي شأن من شؤون حياتي. مر العمر بي وانا على حالي، لم أحظَ بفرصة للزواج وتكوين أسرة، لم اعمر بيتاً بالحب والعطاء كما كنت أتمنى، لم أصبح أماً...!
مازالت الى اليوم وفي عمر45 عاماً أنتظر فرصة للسعادة والاستقرار تجيزها مسطرة اخوتي «المتعصبين» لمعاييرهم الاجتماعية. منذ اشهر وبالصدفة التقيت بطبيب من احدى الجنسيات العربية، خلوق، ومهذب ومتدين، وظروفه المادية ممتازة. شعرت أنه زوج مناسب وجهته الى السبيل الأكثر احتراماً، فتقدم لخطبتي من اخوتي... اخوتي الذين رفضوا كل خاطب كويتي بحجة انه «مو من مواخيذنا» كيف سيقبلون بهذا الغريب الذي لا صلة له «بمواخيذنا»...؟!
رجوت والدتي، بكيت... قلت لها انني أريد الاستقلال الاجتماعي، وتكوين أسرتي الخاصة، والتمتع بعاطفة الأمومة...! وكالعادة اخبرتني انها لا تملك من الأمر شيئا، وأن القرار بيد اخوتي...! رفض اخوتي عرض الطبيب العربي بالزواج مني، وهذه المرة لم يستخدموا فقط معيار التكافؤ الاجتماعي انما أضيفت اليه حجة جديدة (الطمع بمال أمي)، يرى اخوتي ان خاطبي الطبيب ربما يكون طامعاً بما تملكه أمي من مال سيكون لي نصيب فيه بعد وفاتها...! أمي مازالت على قيد الحياة، ومالها الذي تملكه ليس مطمعاً...! وحتى ما يمكن أن احصل عليه من حقوق سكنية وغيره كمواطنة كويتية متزوجة من غير كويتي، وحتى راتبي الحكومي لن تكون سبباً في أن يقرر هذا الرجل الارتباط بي، فمستواه المادي والعلمي الجيد وفرص العمل التي تتاح له تغنيه عن هذا كله، ولكن اخوتي لم يروا شيئاً من هذا، والأهم لم يروا الظلم الذي يقع علي لحرماني من الزواج وتكوين أسرة...
تقدم لخطبتي أكثر من مرة واستمر رفض اخوتي...! وفي لحظة ما شعرت برغبة في تحطيم هذا القيد الذي يكبل حياتي «قرارات اخوتي». انتفضت على وضعي وقررت أن أوكل لمحامية المهمة دعمي في الحصول على قرار مستقل للزواج بالرجل الذي أريده الزواج بعيداً عن أهلي. ذهبت بالفعل الى المحامية وطلبت مني عمل توكيل ففعلت. أرادت المحامية أن تسلك طريق اللين فاتصلت بأحد اخوتي وأبلغته بما اعتزمت القيام به، وبلهجة صارخة العنف والوعيد قال لها انني سأندم على ما فعلت، وأن بامكانه ان شاء أن يحرمني حق الحياة حتى وليس فقط الزواج، فهذا من حقوقه بحسب العادات والأعراف الاجتماعية...! في بيتنا مورست ضدي كل أنواع الترهيب والقمع... حرمت من عملي ومن الخروج من المنزل لأي سبب. عاملوني كما يعامل السادة عبيدهم، لا يسمح لي بشيء الا من خلالهم فقط... وبعد مرور وقت على هذه الحياة قررت أن اعدل عن فكرة الزواج. قررت أن أعيش «تحت أقدام» اخوتي... وكذا قلت للمحامية، وهكذا أعيش اليوم..!
بشرى الهندال: اعتقاد خاطئ
أن القانون إلى جانب المرأة
تقول المحامية بشرى الهندال ان «قضية حصول الفتاة على حق الزواج دون موافقة وليها في مسألة زواجها قضية مهمة وبحاجة الى الالتفات اليها لما لها من آثار اجتماعية كبرى في حياتنا، فكثير من الأسر تكون مهددة بتفكك أواصرها بسبب هذا الأم، وقاعات المحاكم تشهد في كل يوم قضايا تضطر فيها الفتاة أن تلجأ للقضاء لتحصل على حق الزواج، بغض النظر عن عمرها ونضجها، ومستواها التعليمي...!».
وتشرح: «من خلال متابعتي لكثير من الحالات أجد ان هناك حاجة لتعديل قانوني يأخذ في عين الاعتبار الاستقاء من المذاهب المتعددة عند التعامل مع شؤون الأحوال الشخصية وذلك بهدف تيسير الحياة على المرأة والأسرة الكويتية طالما الأمر لا يخرج عن الاطار الشرعي السليم».
وتشير الى مسألة تراها مهمة وهي أن «كثيراً من الناس يعتقدون بانحياز قانون الأحوال الشخصية الحالي الى جانب المرأة، وهو أمر خاطئ تماماً، فالحقوق التي تحصل عليها المرأة عند الطلاق وفقاً لقانون الأحوال الشخصية الحالي هي حقوق خاصة بالأولاد في المقام الأول ومنها نفقتهم، والسائق الخاص بهم وغير ذلك، وهي حقوق تكفلها الشريعة الاسلامية في مبدئها القاضي بتوفير حياة كريمة للأم والأبناء. وأرى أن سبب اطلاق هذا الحكم على قانون الأحوال الشخصية الكويتي يرجع الى سهولة منح الطلاق للمرأة. فمن المتعارف عليه أن من تطلب الطلاق تحصل عليه دائماً».
نيفين معرفي: رفض الفتاة لـ «رفض» الأهل يتم التعامل معه بعنف وقسوة
تؤكد المحامية نيفين معرفي ان «قصص زواج الفتيات دون موافقة الأولياء والتي تتخذ شكل قضايا العضل في كثير من الأحيان هي مأساة حاضرة في حياتنا ومحاكمنا كل يوم، فبناتنا يعانين في مسألة عدم قدرتهن على الزواج من شخص في حالة رفض الولي، وذلك يعود الى تعنت الأهل في مسألة تزويج بناتهن في أحيان كثيرة ما يضطر الفتاة الى اللجوء للقضاء لتزويجهن».
وترى معرفي أن «الاشكالية هنا تكمن في تعامل الأهل مع مطلب الزواج نفسه..! فكثير منهم يرى أن رفض الفتاة لقرار وليها بعدم تزويجها يدخل ضمن (مسألة الشرف)، وبالتالي يتعاملون معه بعنف وقسوة..! في حين أن قرار الزواج يفترض أن يكون مكفولا للانسان البالغ العاقل..!».
وتذكر واقعة اضطرت فيها الى «تحويل 40 شخصاً هم أسرة احدى الفتيات الى النيابة العامة بعد محاولتهم الاعتداء عليها بالضرب في مبنى المحكمة، وبعد ان حاولوا اخذ الفتاة معهم»، ما جعل معرفي تنتزع «موافقة ولي الفتاة بالزواج من خلال تهديده برفع أمر اعتدائهم على الفتاة الى القضاء.!».
منى البلوشي: لا ميزات للمرأة
سوى سهولة الحصول على الطلاق
تعتبر المحامية منى البلوشي أن قانون الأحوال الشخصية بوضعه الحالي «يضمن الكثير من الحقوق للأسرة، وليس للمرأة تحديداً، فحقوق مثل النفقة بأشكالها ومتعلقاتها مرتبطة بشكل أساسي بالأبناء. أما في ما يتعلق بالمرأة فالميزة الوحيدة التي تنالها المرأة في هذا القانون هي سهولة الطلاق».
وفي ما يتعلق بقضايا العضل فتقول أن «الحالات التي ترفع فيها قضايا العضل تمثل «وصمة في جبين المجتمع الحديث اليوم، فالرجال في الكثير من الأسر يتعنتون في مسألة تزويج الفتاة بشكل كبير، ما يحرم الفتاة من حقها في اختيار زوجها الذي ستمضي أيامها وحياتها معه...! هذه اشكالية حقيقية في حياة المرأة يجب أن تعي لها..! ويجب أن تعلم أن القانون الحالي لا يتيح لها بالفعل اختيار زوجها، لأن هذا الحق أعطي للرجل الولي عليها وليس لها، مهما بلغت من العمر، والتعليم، والنضج، والمكانة المهنية والاجتماعية...! وهو أمر عليه علامات استفهام كثيرة في زمننا اليوم...!».
وتتسائل البلوشي: لماذا لا يتم الاستعانة بالآراء الفقهية من المذاهب الأخرى، وذلك للوصول الى صيغة جديدة مناسبة لدور وواقع المرأة اليوم...! المرأة اليوم غير الأمس، أصبحت وزيرة، وسفيرة، ونائبة، واستاذة جامعية، ووصلت الى درجات من النضج ما يفترض أن يكفل لها حقوق أفضل كانسانة، وكزوجة وأم...! فلم يعد الحال كما كان فيما سبق».
وتؤكد البلوشي على «أهمية النظر بجدية في تعديل مواد القانون المتعلقة بضرورة وجود ولي عند العقد، واتباع الآراء الأكثر تسامحاً الموجودة في الفقه الاسلامي، وبذلك نحمي مجتمعنا من الشقاق الذي تحدثه قضايا العضل».< p>< p>