| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |
هي تتحدث عن نفسها، والرجل يتحدث عنها، والآخر يتحدث عنها، نقصد بالآخر النظريات الفلسفية المعرفية التي تخص المرأة. نحن عندما نتناول قضية من قضايا المرأة، هي بعين ذاتها قضية الإنسان، وقضية المرأة لا تموت ولها خصوصيتها على مر الأزمان، لهذا عندما نتكلم عن قضية من القضايا التي تخص المرأة، فنحن لا نتحدث بالمنطق الشعبي الذي يريدنا أن نتفاعل ونتحمس مع الحدث الآني.
عندما نتحدث عن المرأة، فنحن نتحدث عن الرجل، وعن الكون، وعن كل شيء، فهي جزء من هذا الكون، فالمرأة هي الهدف من الحياة، وهي حقوق الإنسان، وهي مبدأ المساواة، والمرأة هي المجتمع، وهناك إشكالية بتوصيف المجتمع، وبناء على ذلك إن كان هناك تخلف للمرأة فهو من تخلف الرجل، فهي من تحمل بعض الصفات والشمائل التي تميزها عن الرجل، والبعض الآخر التي تتشارك فيها مع الرجل، وإن كان هناك تفضيل للمرأة على الرجل، فهو تفضيل ضمني لخصائصها التي فضلها الله بها، وليس لذاتها، وكثير منا حينما يتكلم عن المرأة ويشير إلى أي قضية من قضاياها، لا ينطلق من قناعاتنا الذاتية كاستقلال، وإنما ينطلق من الخارج الذي يعتبره الكثير أنه المركز، ونقيس أنفسنا عليه، وهنا تكمن الإشكالية.
هناك فروق فردية ما بين المرأة والرجل من أجل الدور التكاملي، والعلم البيولوجي وما يقوله من حقائق تثبت هذه الفروق، والكتب والدراسات والبحوث، كلها تتجه باتجاه التفريق وتبادل الأدوار ما بين المرأة والرجل، وللأسف الشديد أن الحداثة والعَلمانية والليبرالية تسير بعكس اتجاه العلم وعكس الطبيعة البشرية، وتدعو إلى الانفتاح الخطير الذي يؤدي إلى تذويب تلك الفوارق.
إن البعد التشريعي جاء محكما ومفصلا بتفاصيل دقيقة لخواص وقسمات المرأة التي تتبع وتتوافق مع الجانب التكويني للأنثى، لذا كانت أكبر أكذوبة كذبها الغرب وروجها وانطلت على كثير منا، عندما رموا الدين وراء ظهورهم، وانطلقوا من المشترك الإنساني أي حقوق الإنسان، وطرحوا مشتركات ووضعوا منظومة حقوق الإنسان، وعمموها على أن حقوق الإنسان فكرة عالمية مطلقة ومقدمة منهم، وجعلوا المرأة جوهر الخلاف، ومحط الصراع، ونحن نعلم علم اليقين ونؤمن الإيمان التام بأن خطبة الوداع التي خطبها سيد البشرية هي أول وثيقة حقوقية، على وجه الأرض، تقر وتفند حقوق الإنسان.
نتفق بأن ديننا عالمي، ولا مانع من التبادل الثقافي بما يتوافق مع ديننا وشريعتنا، ولكن ما هو مرفوض ذلك الغزو والإغواء الفكري، الذي يمارسه الغرب ضدنا ويحاولون اختراق خصوصياتنا الثقافية المرتكزة والمستندة على ديننا، ويزاولون الديكتاتورية علينا، من خلال فرض فكر وثقافة معينة على مجتمعاتنا، لا تنتمي إلينا بالكليات، إنما نتقاطع معها بالجزئيات.
نحن عندما نتكلم عن إخفاقات الغرب في العلاقات الاجتماعية، والقيم الأخلاقية، لا يعني الغرب كله خطأ، نجد كثيرا من الحقائق في بعض النظريات الغربية، ولكن الخلل يكمن في المنظومة النهائية، والخلاصة الفكرية، لتفسير معنى الإنسان في الحياة الذي يعتمد على التقدم العلمي، والنظام القانوني وعبقرية الإدارة، وغيرها من اعتبارات، وأخيراً نقول كما قال مصطفى الرافعي في كتابه وحي القلم... «بعض الصواب في الخطأ لا يجعل من الصواب خطأ».
[email protected]twitter: @mona_alwohaib< p>