د. وائل الحساوي / نسمات / عزاؤنا للفهدين

1 يناير 1970 11:43 م
في موكب مهيب تابعنا بالأمس تشييع جنائز ثلاثة أطفال قضوا في حريق شب في بيتهم، وهم أحفاد أخوة أفاضل هما الدكتور فهد الخنة والشيخ فهد الشويب، وتذكرت عندها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: انه قال لنسوة من الأنصار: «لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة»، فقالت امرأة منهن: «أو اثنين يارسول الله؟ قال: أو اثنين»، وجاء في رواية «وواحد».

ولا شك أن مصيبة موت الأولاد هي من أعظم المصائب التي يبتلى بها الإنسان، وعندما أتفكر في وضع الأمهات قبل الآباء فإني أتعجب كيف يستطعن الصبر وهن يرين فلذات أكبادهن يختفين من بين أيديهن فجأة ومن دون مقدمات بعد أن كانوا ملء السمع والبصر، وقد كانت الأمهات يخفن عليهم ويحمونهم حتى من نسمة الهواء البارد أن تداعب أناملهم!!

لكن سبحان الله الذي يعطي الناس الصبر والاحتساب، ومما يقلل من صدمة المصائب بفقدان الولد هو الايمان بأن قدر الله نافذ لا مرد له وأن هؤلاء الأولاد وديعة من الله تعالى أودعها عندنا ويسترجعها متى شاء سبحانه، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن لله ما أخذ وما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب»، وقال لرجل فقد ابنه: «ألا تحب ألا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك؟» وكما قال الشاعر لبيد بن ربيعة رضي الله عنه:

وما المال والأهلون إلا ودائع

ولابد يوما أن ترد الودائع

ولا شك أن الإنسان كلما زاد إيمانه بالله تعالى زاد صبره على المصيبة، كما قال تعالى: «ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله، ومن يؤمن بالله يهد قلبه» وما أجمل ما قال ابن نصر الدمشقي:

سبحان من يبتلي أناساً

أحبهم والبلاء عطاء

فاصبر لبلوى وكن راضياً

فإن هذا هو الدواء

سلم إلى الله ما قضاه

ويفعل الله ما يشاء

ما أجمل ما تقوم به بعض النساء الداعيات من زيارة الأمهات اللاتي يفقدن أولادهن لمواساتهن في مصابهن وتذكيرهن بفضل الصبر على المصيبة، فلا شك أن ذلك من أفضل القربات عند الله، وقد شاهدت بعض الرجال إذا تكلم رجل عندهم وقت العزاء وذكرهم بالله يستهزئون به ويضحكون عليه.

عسى الله تعالى أن يلهم آل الفهدين الصبر ويعوضهم خيراً مما فقدوه وعسى الله ألا يصيبنا في موت فلذات أكبادنا.



لا طبنا ولا غدا الشر

لم نتمكن بعد التقاط أنفاسنا بعد الأحداث المرعبة التي عشناها في المجلس الماضي، ولم يكتمل الأمل في نفوسنا بعد بأن تتبدل أحوالنا إلى الأفضل وأن ننعم بفترة من الهدوء والاطمئنان والتفرغ للبناء والانجاز، حتى أطلت علينا فتنة وهي استجواب عبيد الوسمي لرئيس الوزراء على خلفية «تطاول السلطة على القبائل ولست في مجال الدخول في تفاصيل ذلك الاستجواب ومبرراته لكنني موقن بأنه خطأ استراتيجي في توقيته وفي الأشخاص المستهدفين فيه وبأنه نذير شؤم على مجلسنا، وعندما شاهدت بعض من دخل على الخط لتأييد الاستجواب أيقنت بأن هنالك أيادي خفية تلعب بمقدرات هذا الشعب وتستهدف إجهاض إنجازاته.





د. وائل الحساوي

[email protected]