| منى فهد عبدالرزاق الوهيب |
معرفة الخطأ من الصواب ميسّرة لمعظم الناس، ولكن المشكل الأساسي في الشعور بالمسؤولية تجاه كل من الخطأ والصواب، وعلى نحو مناسب لكل منهما، وعادة ذلك الشعور لا يتولد الا لدى المتمسكين بمبادئهم، وهذه المبادئ تحتاج الى عناية دائمة من خلال مراجعتها واسقاطها على الواقع لتصبح منظومة تنظم حياة الفرد، وبالتالي يترجمها الى سلوكيات يمارسها ما اذا تعرض للمواقف والأحداث التي تتطلب منه وقفة جادة تعينه على الثبات والرسوخ وعدم التلاعب والالتواء.
نحن في حاجة الى التفكير بعقلية الوفرة، حتى لا يكون تفسيرنا للحدث تفسيرا سطحيا، لا مبتغى منه الا الضرب بالأشخاص، وتشويه صورهم أمام الآخرين، ودائما تكون هناك مسافة تفصل بين ما نفعله، وبين ما نعتقده ونؤمن به من مبادئ، لكن من المهم جدا أن ندرك ان هذه المسافة هي من تجعلنا نفسر التفسيرات الخاطئة، ونفترض الافتراضات المبنية على أوهام باطلة، لا أصل لها الا في عقلية من فسرها.
لا يصح لنا أن نشكك في كل تصرف يصدر من الأشخاص أنه تنازل عن مبادئهم، وأنهم بدأوا بالتبارز مع مبادئهم، ما بين الالتزام بها أو التنازل عن شيء منها أو التخلي عنها، مقابل مصلحة مادية أو معنوية، فعندما نرى نائبا في مجلس الأمة يصافح نائبا آخر يختلف معه اختلافا جليا في الفكر والتوجه، لا يعني ذلك تنازلا من العضو الأول عن شيء من مبادئه، بل لاستقامته على تلك المبادئ فهو لا يرى الشخوص بعينها، بل يرى مبادئه وكيف يوظفها ويمارسها مع من يتفق أو يختلف معه بكل ما يؤمن به.
لابد أن نسلّم بأننا لا نعيش دنيا المثل، فنحن نصيب ونخطئ، وغيرنا كذلك، ولكن لطالما وثقت بهذا العضو وأعطيته صوتك بمعايير ومقاييس أنت تراها تتناسب مع منهجك الذي شكلته لحياتك للانطلاق في مسيرتك، لابد أن تثق بهذا الشخص أنه لن يباغتك أو يصدمك بتصرف يوحي اليك أنه خضوع وخنوع لمن خالفه بما يعتقده، وعندما يكتب شخص قراءة تحليلية للأسباب والدواعي التي جعلت مرشحا يحوز على المركز الأول في دائرته، بتفصيل عرقي، يأتي من يقذفه بعرضه، ويدعو لهدر دمه، ما هذه الوحشية في التطرف؟! ان كان لديك حق فالجأ للقضاء، من دون رمي الآخرين، واتهامهم، والدعوة لهدر دمائهم.
لا بأس بأن نجلس على طاولة الحوار ونتحاور مدة طويلة دون أن نصل الى اتفاق، لكن الشيء الذي ينبغي ألا نتنازل عنه هو التصحيح والتعديل والتغيير للارتقاء بالبلد، عندما يصرح بعض النواب برغبة تعديل المادة الثانية من الدستور انطلاقا من قاعدة شرعية بمنهج يتماشى مع مجريات العصر، وبأطر دستورية دون تجاوز أو قفز على الدستور، يأتي من يرفض ويحارب هذا الاقتراح قبل سماع وجهة نظر من طرح مشروع التعديل، ومن دون استناد شرعي أو عقلي ينطلق منه، كل ما في الأمر هناك مخاوف وهواجس تملّكت البعض من أن تكون الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، اجعلونا نستظل بمظلة الحيادية، من دون تعصب وتحزب، ونرتكز على قاعدة الكفاح وبذل الجهد في مرونة تقبل الآخر وان خالفني بالرأي ما لم يصادم ويعارض القواعد الأساسية التي ننطلق منها في منهاج التصحيح وأساليب التعديل ومناهج التغيير الى الأكفأ والأصوب، ولن يتم ذلك الا بشعورنا بالمسؤولية تجاه الخطأ والصواب لكل فعل وحكم يصدر ويبدر منا نقصد به الآخرين.
[email protected]twitter: @mona_alwohaib