| د. سعيد فهمي* |
كان يا ما كان من أيام زمان مواطن من بر مصر عايش مخنوق ذليل تعبان... عايش في بلده مش حاسس بخيرها وباعوه حكامه في سوق النخاسة للبوم والشوم والتركمان... خنقوه وحبسوه وخلوه ذليل لقمة العيش وبقى كل همه يلاقي وظيفة أو مأوى لأولاده في العشوائيات أو في أي مكان... المواطن البسيط يا عيني حكموه وحاكموه كل يوم على ذنب ما عملوش الا انه عايش في البلد دي وسرقوه حراسه حتى في قوت يومه وسابوه ملطشة للتعابين والغربان... الأرض باعوها والمصانع خصخصوها والأرض الزراعية بوروها وبيوت الشباب في الصحراء لهفوها باختصار كان المواطن حتى من الستر محروم وعريان... الناس كانت مليانة هموم والمواطن جواه مهزوم والقلب حزين دايما يا عيني ومكلوم يعني من الآخر نسى انه كان في يوم انسان... لكن دوام الحال من المحال وما بين يوم وليلة انقلب الظلم على الظالم واتغير الحال والأحوال والمواطن المكتوم طلع له أسنان ولسان... كانت النتيجة ثورة ومواجهة عنيفة وصريحة لاعادة الحياة لـ 87 مليون انسان... كان الاسم ثورة والعمر أكثر من 7 آلاف سنة والعنوان كان هو الميدان... !!
فعلا كانت الحادثة ثورة غير مسبوقة والفاعل كان غضب شعب ولكن حسب الشهود ناس ركبوها وقالوا عليهم ثوار... وأيًا كان القصد والمغزى إلا أن الجميع كان على مبدأ واحد ضد الفساد بالذات وعلشان كده الشعب تعاطف وتضامن مع أهل الميدان وانحاز للتغيير وأخذ القرار... الشعب يريد تغيير النظام كان هو النداء وكان هو كمان الهدف والاختيار... نظام الحكم في لحظة انقلب وعصر دولة الفساد برحمة ربنا علينا انزاح وانهار... المهم قامت الثورة ومرت بسلام وسقط النظام واتنسم الوطن هوا جديد وغريب وطلع علينا النهار... لكن اللي حصل ان اللي قاوموا وواجهوا جحافل النظام من البداية حتى التنحي سلموا الميدان تسليم مفتاح للمشتاق والمتسلق ونهاز الفرص والسمسار... أتاري مش كل من ركب الحصان خيال ولا كل اللي كانوا في الميدان ثوار... أتاري ممكن بلد في لحظة يتخطف وثورة في هوجة تتسلب وأتاري ممكن كدابين الزفة يبقوا بين يوم وليلة أحرار... الثورة كانت عنوان كبير ويافطة بالنيون زغللت عيون ناس كتير لكن يا خسارة اللي لهطها بالهنا والشفا حبايبنا الشطار... الثوار الحقيقيين سابوا الميدان بعد التنحي وبحسن نية وأتاري كان راقد ليهم ديابة منتظرين الفرصة على أحر من الجمر والنار... وعلى رأي المثل تبقى ثورتك وتقسم لغيرك وأتاري يا عيني الزمن غدار... المهم الناس عاشت أول سنة بعد الثورة ما بين شد وجذب وضحايا على كل لون وشارع فوضى بدون استقرار... وعسكر وثورجية ووزير داخلية محدود الصلاحية ومجلس بيتشرط عليه بفترة ملاحظة واختبار... سنة كي جي وان مرت علينا كلنا واحنا محلك سر بعد ما افتكرنا اننا حنقب لفوق أتارينا رايحين للخلف دُر وأتاري البلد أتحاوطت بالاسمنت واصبح ما بين الشعب والسلطة ألف جدار وجدار... الثورة في عامها الثاني كان شكلها غريب من غير طعم ولون لكن يا أخي تشم ليها رائحة غريبة محوجة صناعة خارجية وداخلية يعني من كل بلد عطار... الثورة في كي جي تو بقى ليها ألف صاحب وصاحب واللي شايف اللي بيحصل وفاهم حاجة أكيد يبقى حمار... الثورة في كي جي تو بقى مالهاش كبير وكل واحد بيضرب كرسي في الكلوب علشان يحقق مصالحه ومش مهم أمن البلد ولا اقتصاده حتى لو وطن بحاله انهار... الثورة في كي جي تو رايحة في عكس الاتجاه وكل شيء بقى مُباح والفوضى بقت ملعلعة وسوقها في ازدهار... يا ترى دي ثورة وللا فوضى وعايشين فيها وللا ناس كانوا زهقانين شوية وافتكروها هزار... يا ترى طباخين الثورة نزعوا منها الدسم وللا اللي ركبوها حطوا لينا السم في العسل وزنقونا في خانة اليَك من غير اختيار... عمرك شفت ثورة نسيوها ثوارها وسابوها للي يسوى واللي مايسواش من غير سلامو عليكوا ولا حتى كلمة اعتذار... خايف على بلدي قوي من طلبة كي جي تو اللي على ايديهم شفنا وقف الحال وشلل الاقتصاد والخراب والدمار... خايف على بلدي قوي من طلبة كي جي تو اللي سرقوا ثورة ثوارنا الحقيقيين بمخطط مُنظم مدروس غدار... خايف على بلدي لا نفضل نصدق أساطير حضارتنا وتاريخنا وننسى قد ايه ضعفنا وقد ايه عدونا جبار... خايف أحسن التهاون والطبطبة تكون آخر المطاف لدولة عظيمة وأصيلة وخايف يكون هوان بلدنا علينا واهمالنا في حسم أمرها يبقى زي النعش اللي مستني آخر مسمار... خايف على بلدي من طلبة كي جي تو واللي وراهم ولو سبناهم من غير حساب حيقولوا هنا كان يوجد بلد عظيم بس يا خسارة أهله فرطوا فيه وحنبقى حاجة كده من التاريخ زي الأهرامات وأبو الهول يعني حنبقى مزار... يا ترى مين ضحك عليك وعلينا وقال ان احنا ابن بارم ديله وللا ان احنا شعب الله المختار... !!
سيبك انت من الثورة وتوابعها وطلبة الكي جي تو... والعرض حيفضل مُستمر مدام عندنا فضائيات ومتفذلكين وجمعيات كُل واشكر لحقوق الانسان بقيادة المستر جو... وتعالى واتفرج يا سلام على وطن بيحرقوه وبص وشوف من غير اعتراض أو حتى تقول نو... ايه رأيك حتيجي تتفرج معانا وللاحتشارك الست غادة في تأجيل زفافها علشان ضحايا بور سعيد ولا حتألف أغنية للمناسبة زي شعبولا وللا تيجي نلحق دينا قبل ما يجبروها على الاعتزال على نغمة توك تاك تو... يارب ترحمنا وترحم بلد الأزهر والنيل والهرم من اللي خانوه وباعوه... يا ترى فيه أمل وللا لأ لكن ان شاء الله فيه أمل بس بشرط وعلى رأي الاسكندرانية وطننا يلحقوه... يا نلحقه كلنا ودلوقت مش بكرة يا اما نلبس كلنا طرحة وجلابية ونصوت على حالنا ونقول أحيييييه وكمان أيوووووووه ... ملعون أبو الغباء على غياب الانتماء على كل خروف مطنش وبيقول ماااااء وملعون أبو اللي خلفوه... !!
[email protected]