لا أحب التشاؤم ولكني أشعر بالإحباط من استبيانات الرأي التي تنشرها المواقع المختلفة، فقد كنا نعتقد بأن الهزة التي عشناها خلال الشهرين الماضيين بل وخلال السنتين الماضيتين قد كانت كافية للتمييز بين الصالح والطالح، وان كل من تسببوا في إفساد المجلس وتأزيم الأمور من المتشنجين والقبيضة والموالين العميانيين وغيرهم سيرسل بهم الشعب الكويتي الى مزبلة التاريخ ويأتي بدماء جديدة ليبني على أكتافهم مرحلة تاريخية متميزة، ولكن خاب الأمل، فأرى بأن المؤزمين والمرتشين وأصحاب المواقف المتخاذلة هم الأعلى صوتا وهم من يتسابق الناس على دفعهم الى الأمام وإعطائهم الثقة.
بالطبع فنحن نحترم إرادة الشعب وقناعاته ونحمد الله تعالى انه لا يوجد تزوير في فرز الأصوات وإعلان النتائج، لكننا كذلك ندرك بأن الشعب الكويتي هو شعب عاطفي سريع التأثر بالكلام والوعود المعسولة، كما ندرك بأن البدائل قليلة أمامه ما بين نواب سابقين لم ينجحوا ومرشحين جدد لا يعرف عنهم شيئا ولم يختبرهم وأكثرهم شباب صغار يطفحون بالأمل ولكن فرق بين الارتياح النفسي للمرشح وبين تسليمه مفاتيح أهم منصب تشريعي ورقابي دون ان يكون له خبرة أو برنامج واضح.
ان من يتأمل في سلوكيات كثير من المرشحين يدرك بأن الكثيرين لا يدرون لماذا رشحوا أنفسهم أو انهم يعتقدون بأن الناس أغبياء بحيث ينطلي عليهم كل ما يروجونه لأنفسهم، أحدهم كتب في برنامجه الانتخابي: «حل المشاكل الاقتصادية والإعلامية» دون تفصيل، فهل هذا برنامج أم عنوان موسوعة؟؟ مرشحة كتبت سيرتها الذاتية مطبوعة في ورقة لم تستغرق منها عشر دقائق لكتابتها، ثم نست ان تكتب اسمها، فسجلته في نهاية الصفحة بخط اليد، مرشحون يصرخون ويهددون بالاستجواب للحكومة المقبلة حتى قبل ان تتشكل، ومرشح استغل فاجعة مقتل الميموني رحمه الله ليدغدغ مشاعر الناخبين وليزيد ويتوعد بعد ان صدرت أحكام القضاء وانتهى الأمر، مرشح سألوه عن برنامجه الانتخابي فقال: أنا صاحب أفعال لا أقوال.
الإعلامي المحامي خالد العبد الجليل أمتعنا بعرض سيرة بعض المرشحين الذين أضحكنا طويلا عليهم وتعجبنا كيف يرشح بعضهم نفسه وهو بهذه الحال المزرية!!
المهم هو ان الناخبين قد أمتعوا أنفسهم بحضور مخيمات المرشحين وأكلوا البوفيهات والشاورما وجمعوا «السوفينيرات» والأقلام والملصقات التي وزعها عليهم المرشحون ثم وجدوا أنفسهم مضطرين لاختيار النواب السابقين «لآخر ثلاثة مجالس» ولسان حالهم يردد أغنية محمد عبده «لو تلف الدنيا تلقاني وراك، ان تلقاني في كل شارع وسكة، أمشي في ظلك وإحساسي معاك... ماكو ماكو فكّه».
ولئن كان لنا توجيه لناخبينا فهو ان يسعوا لاختيار القوي الأمين ممن تُثبت سيرته الذاتية بأنه أهل للثقة وممن يخاف الله تعالى ولا يخشى في الحق لومة لائم، وممن لم يصدر منه ما يخل بالشرف والمروءة ولا يطعن بالآخرين ولا يزدريهم وممن لا يأخذ الناس بالصراخ والتهديد.
د. وائل الحساوي
[email protected]