لبنان: هدوء حذر غداة «المعارك» بين «فتح» و«جند الشام» في «عين الحلوة» وسباق بين «التحذيرات» والاتصالات ورفْض فلسطيني لـ «نهر بارد - 2»

1 يناير 1970 12:56 م

|   بيروت - «الراي»    | لم «يخمد» وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة (صيدا - الجنوب) للاجئين الفلسطينيين بين حركة «فتح» وتنظيم «جند الشام» الأصولي (يُعتبر «توأم» تنظيم «فتح الإسلام») والذي أُعلن منتصف ليل الجمعة - السبت المخاوف من تجدُّد «المعارك»  التي كانت اندلعت غداة توقيف «جماعة لينو» الفتحاوية المدعو حُسام معروف (احد أمراء «جند الشام») داخل المخيم وسلّمته الى الجيش اللبناني.

فبالرغم من وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه عبر توسيط «عصبة الأنصار» (القريبة من «جند الشام») والذي «صمد» امس وفي موازاة سحب المسلحين وبدء انتشار عناصر «الكفاح المسلح» الفلسطيني في «عين الحلوة» الذي يُعتبر احد أكبر المخيمات في لبنان (يعدّ نحو 45 الف نسمة)،  الا ان الاستنفار بقي سيّد الموقف، وبدا طرفا المعركة كلّ «على سلاحه» على وقع سباق برز بين الاتصالات لإنهاء هذا الملف وقطع الطريق على اي تفاعلات له، وبين المعلومات عن «إنذار» وجّهه «جند الشام» بوجوب «طرد» الضابط في حركة «فتح» الملقب «لينو» من المخيم خلال 24 ساعة تحت طائلة «استئناف المعارك» التي كانت اشتعلت مساء الجمعة واستمرت حتى فجر امس وتخللها استخدام الصواريخ والـ «آر.بي.جي» وأدت الى سقوط عدد من الجرحى ونزوح عدد كبير من سكان المخيم الى بعض المساجد في صيدا.

وفي حين اشارت معلومات صحافية لم تتأكد عن سقوط قتيل من «فتح» يدعى أيمن عارف، لفتت مصادر فتحاوية الى ان معروف الذي سُلم الى الجيش خبير متفجرات متهم بتنفيذ هجمات بالقنبلة داخل «عين الحلوة» وخارجه ويشتبه بانه اقام صلات مع تنظيمات اخرى خارج لبنان، وأراد اغتيال أحد قادة «فتح».

وقد استعاد اللبنانيون مع مشهد المواجهات في «عين الحلوة» المشهد الدموي الذي وقع في 18 يونيو 2007 حين قامت مجموعة من «جند الشام» بالتزامن مع المعارك بين الجيش اللبناني و«فتح الإسلام» في مخيم «نهر البارد» (الشمال التي اندلعت في 20 مايو 2007) بمهاجمة مواقع الجيش القريبة منها في تعمير عين الحلوة بهدف تخفيف الضغط على تنظيم شاكر العبسي.

وهدد الجيش اللبناني حينها باقتحام المنطقة بعد سقوط قتلى في صفوفه، غير أن القيادات الفلسطينية تدخلت لتنهي المعارك، من خلال تشكيل قوة فصل ساهمت  فيها «عصبة الأنصار» و«الحركة الإسلامية المجاهدة» وعدد من فصائل منظمة التحرير.

وبعد ذلك خرج الناطق الرسمي باسم عصبة الأنصار «أبو شريف» ليعلن في يوليو أن «جند الشام»، التي يتهمها فريق «14 مارس» اللبناني بانها اداة في يد الاستخبارات السورية، قررت «حل نفسها» وأن 23 من عناصرها انضموا إلى عصبة الأنصار فيما وضع الباقون سلاحهم تحت إمرة الفصائل الإسلامية في المخيم.

وفي موازاة بدء العائلات النازحة بالعودة امس الى «عين الحلوة»، اكتفى بعض سكان المخيم بزيارات تفقدية لمنازلهم ومحالهم التجارية التي تضررت بشكل بالغ، بانتظار تثبيت الاستقرار لـ «العودة»، ولا سيما ان بعض المعلومات اشار الى ان عناصر «الكفاح المسلح» لم ينتشروا بالشكل المتفق عليه.

واشارت مصادر فلسطينية الى ان الانتشار الذي تم غير كاف ولا يعزز تثبيت وقف الاقتتال بشكل نهائي وان العناصر المسلحة انسحبت الى مواقعها وابقت على جهوزيتها.

وقد اكد مصدر فلسطيني مسؤول ان الاجتماعات الفلسطينية متواصلة لإعادة الامور الى طبيعتها وسينتشر عناصر «الكفاح المسلح» خلال 48 ساعة في مختلف ارجاء المخيم «وهذا امر تم التوافق عليه بين مختلف القوى الفلسطينية اضافة الى انه مطلب شعبي».

واعتبر المصدر ردا على اشتراط جند الشام اخراج «لينو» من المخيم «أن اي قضية تُحل داخل حركة «فتح»، لافتاً الى «ان هناك توافقا على ان قضية الامن تعود الى القوى السياسية في «عين الحلوة» التي تشترك في تقرير مصير المخيم وليس الى تنظيمات محلولة تضم مجموعات شغب، خصوصا ان تنظيم جند الشام تم اعلان حله قبل ستة أشهر من «عصبة الانصار» وحركة فتح لا تعتبر ان «جند الشام» موجود».

الى ذلك عقد اجتماع للجنة المتابعة المنبثقة عن الفصائل والقوى الفلسطينية، واكد المجتمعون ضرورة الابقاء على وقف اطلاق النار وعدم خرقه، وذلك غداة اجتماعهم ليل الجمعة وتأكيدهم انه «لن يكون هناك نهر بارد آخر في عين الحلوة».

واشارت مصادر قريبة من المجتمعين الى ان انتشار الكفاح المسلح بشكل غير كاف سببه غياب العتاد والتجهيزات فضلا عن الحاجة الى المزيد من البحث والوقت لتحديد آليته.

وكان من المتوقع ان يعقد اجتماع يضم احزاب وفاعليات مدينة صيدا مع وفد الفصائل الفلسطينية الا انه تم ارجاؤه 24 ساعة بسبب الاجتماعات الفلسطينية المتواصلة للسهر على الوضع.

وأكد ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي «ان مخيم عين الحلوة استعاد هدوءه، وان الذين افتعلوا الاحداث لهم سوابق وهم مطلوبون من الاجهزة الامنية اللبنانية»، لافتاً الى «ان احدهم وهو يدعى حسام معروف له سوابق، وهو خبير في المتفجرات اراد ان يغتال احد القادة الفتحاويين وألقي القبض عليه».

وأوضح «ان هذه المجموعات تنتمي الى «جند الشام»، وهي حالة اندحرت وانتهت وتخلت عنهم كل القوى بعد احداث البارد».

وشدد على «ان ما حصل في مخيم نهر البارد لن يتكرر من خلال مخيم عين الحلوة، لأن المواطنين اصبحوا محصنين اكثر نتيجة تجربة مرة عاشوها في مخيم البارد»، مشيرا الى «ان هناك تنسيقا كاملا مع الجيش اللبناني». وقال: «نحن نتعاطى مع الامور بطريقة جدية بيننا وبين مختلف القوى، لا سيما وان اللبنانيين جيران المخيم على اتصال معنا».

كما تابعت شقيقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري النائبة بهية الحريري الوضع الأمني في المخيم واطلعت على الأوضاع الانسانية

والاجتماعية للعائلات الفلسطينية واللبنانية التي نزحت بفعل الأحداث، وواصلت الاتصالات التي كانت بدأتها منذ اندلاع الاشتباكات وحتى انتهائها، من أجل سحب فتيل التفجير في المخيم وانهاء حالة التوتر وتوفير الأمن والأمان للسكان وتأمين عودة النازحين منهم في أسرع وقت.

وشملت الاتصالات التي أجرتها النائبة الحريري والتي امتدت ليل الجمعة حتى الثالثة فجرا ولحين انتهاء الاشتباكات: رئيس مجلس النواب نبيه بري، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، ممثل حركة «حماس» في لبنان اسامة حمدان، مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العقيد عباس ابراهيم، مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان، رئيس المكتب السياسي لـ «الجماعة الاسلامية» في لبنان الدكتور علي الشيخ عمار، المسؤول السياسي للجماعة في الجنوب بسام حمود الشيخ ماهر حمود والعميد منير المقدح.

وأكدت النائبة الحريري في تصريح لها امس «ان ما حصل لا يمكن القبول به، وهو أمر مرفوض، ولا يمكن السكوت عن اخراج مئات العائلات من بيوتهم الى الشوارع ليلا وفي العراء وسلبهم الشعور بالأمن والأمان».