د. وائل الحساوي / نسمات / نحن بحاجة إلى مثل هؤلاء النواب

1 يناير 1970 10:00 م
الدكتور علي العمير من المرشحين القلائل الذين تبنوا تقرير اللجنة الاقتصادية الاستشارية والذي قدمته لسمو ولي العهد، وسبب عزوف غالبية المرشحين عن تأييد التقرير وحث الحكومة على تبنيه هو أنه يطالب بشد الأحزمة وإيقاف تدحرج عربة الانفاق الحكومي التي فقدت جميع «بريكاتها» واتجهت بقوة إلى القاع، فليس من مصلحة المرشح أن يخاطب الناخبين بأنه سيتبنى سياسة الترشيد ووقف الهدر فالناس تريد من يعدها بالمنّ والسلوى ويقول لها: الخير وفير ولا خوف عليكم من زيادة الانفاق وشق «جربة» البنك المركزي واستخراج الكنوز التي خبأها عنكم دعاة الترشيد.
يلخص تقرير الشال تقرير الاستشارية بأن فيه حقائق صادمة منها أن ميزانية الحكومة كانت أربعة مليارات دينار قبل عشر سنوات ثم ارتفعت إلى 19.4 مليار لهذا العام، وقد تظنون بأن هذا الارتفاع قد جاء نتيجة زيادة متطلبات التنمية والتوسع في المشاريع والتوظيف وغيرها، لكن الواقع ينبئ بأن كل ذلك لا دخل له بالميزانية إنما هو تهافت الحكومات السابقة على شراء ولاء المواطنين بأي وسيلة وإغداق الأموال على كوادر وزيادات ورشاوى وغيرها، ويضيف التقرير بأن 14 مليار من تلك الميزانية يتم انفاقها على الرواتب والأجور ودعم السلع والخدمات، وأن الاستمرار بنفس نمط الانفاق السنوي سيصل بالميزانية إلى نحو 53.6 مليار عام 2029.
ويتوقع تقرير الشال أن يرتفع عدد العمالة الكويتية من 285 ألفا في الوقت الحالي إلى أكثر من مليون عامل من المدنيين فقط عام 2029، ويحمل التقرير مسؤولية الفشل إلى هيمنة الحكومة على مصالح الدولة وأن المخرج الحقيقي من المأزق هو بضبط الانفاق الحكومي وترشيده.
فإذا كان دعم الوقود قبل سنة أو سنتين قد بلغ 80 مليون دينار ثم ارتفع إلى مليار و37 مليون دينار، فهل تسمون ذلك زيادة طبيعية في الانفاق أم سرقة مقننة؟! وإذا كانت مشاريع البنية التحتية ومنها الخطة الخمسية التي مر عليها سنتان لم يتحقق من مشاريعها شيء، فلا طريق سريع واحد ولا مستشفى جابر ولا استاد جابر ولا مدينة الشدادية الجامعية ولا مدينة الحرير ولا ولا ولا... فأين ذهبت المليارات؟!
أتحدى مرشحي الصراخ والشتائم وتهديد الحكومة وأتحدى نواب الموالاة والكلام البذيء وطرد المزدوجين أن يصرحوا بأن من أهم النقاط في برنامجهم المقبل هو ترشيد الانفاق وإيقاف هدر حنفية الميزانية، لانهم يعلمون بأن هذا الطرح يفقدهم شعبيتهم ويفض الناس عنهم، ويعلمون بأن سياسة (اصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب) وسياسة (اليوم خمر وغداً أمر) هي التي تكسبهم الشعبية ولو على حساب مستقبل البلد.
كثر الله من أمثال المرشح الدكتور علي العمير وأتمنى له التوفيق والنجاح هو وكل المرشحين العقلانيين الذين لا يشترون رضا الناس بالصراخ والشتم ولكن بالطرح الواقعي الذي نحن في أشد الحاجة اليه اليوم، وصدق من قال: إن صديقك من صدقك لا من صدّقك (بتشديد الدال) ومن قال: «رحم الله امرأ أبكاني وبكى علي وساء أمرأ أضحكني وضحك عليّ».
د. وائل الحساوي
[email protected]