د. وائل الحساوي / نسمات / الماضي الجميل!!

1 يناير 1970 09:58 م
صحيح أن الماضي الجميل لا يعود وإنما يظل ذكريات جميلة في أذهاننا.

لقد كتبت قبل شهرين لأبدي شوقي في أن تتحول فترة الانتخابات الى الشتاء أسوة بالانتخابات في السابق وتذكرت جلسة الخيام وشرب الحليب الحار والجلوس حول الدوّة (مدفأة الفحم) والاستماع الى النقاشات الجميلة من مرشحين عقلاء، وقد حقق الله حلمي بأن عادت الانتخابات الى موسم الشتاء، وذهبت الى أحد المخيمات الانتخابية لأستمع المفيد من الكلام وأستعيد ذكرياتي الجميلة، ولكن هيهات أن يعود ما فات، فقد كان البرد قارساً والتدفئة صناعية، وبدلاً من الحليب الحار فقد قدموا لنا العصير الصناعي.

ولكن الأهم من كل ذلك هو أن المواضيع التي ذكرها المرشحون ما هي إلا نسخ مكررة مما سمعناه عشرات المرات ولم يتحقق منها شيء بل رأينا كل يوم يمر ننتكس زيادة ونتراجع للخلف.

رأينا وعوداً كثيرة قدمها لنا المرشحون ثم صعدوا على أكتافنا ليصلوا الى المجلس وليخلعوا بعدها لباس القداسة الذي أوهمونا به ويكشروا عن أنيابهم، الكل يردد: الكويت وبس، لكن الكثيرين يضمرون: الكويت خس.

رأينا مرشحينا بعد أن وصلوا إلى الكرسي الأخضر لا يلتفتون إلى رأي الشعب في أي قضية بل ينفذون أجندتهم الخاصة، وليتهم اكتفوا بذلك، لكنهم ملأوا جيوبهم من سبائك الذهب التي بدأت تُقذف عليهم من كل مكان، وبدلاً من الانجاز اكتفوا بالتهديد والوعيد للحكومة في كل شاردة وواردة وحققوا بطولاتهم الفارغة في حساب أيهم يستجوب أكثر ويشتم أكثر ويفترس الوزراء.

أما التنمية فهي آخر ما يهمهم، بل المهم هو إرضاء المعازيب الذين يلقون لهم الفتات لكي يتخذوا المواقف ويسلخوا الخصوم.

من أراد أن يذهب إلى مخيم الشتم واللطم فسأدله عليه، ومن أراد أن يذهب إلى مخيم الأكاذيب وبث الإشاعات فسأدله عليه، ومن أراد أن يذهب إلى مخيم النكتة الفارغة والاستهزاء بخلق الله فسأدله عليه، وكلها تفترش عباءة الكويت وتستظل بالديموقراطية المزعومة.

وداعاً للماضي الجميل، ولله در الشاعر «أبوناصر السعدي» في قصيدته «الماضي الجميل»:

في قرن ماضي كانت الناس تكدح

بتفرح بما تكسب وما قد شقيّه

بتفرح وتسعد لا قد السيل يذّلح

وترتوي لطيان ذكانه ضميّه

ويد وحدة لا قد الشر يقرح

كان بيقفز وستلب بندقية

ولو تخالفوا جاءت مشايخ بتنصح

وتسامحوا وصارت نوايا صفيّه

محد على الباطل بيسكت ويسمح

ألا إذا نار البواطل طفيّه

والشور واحد وبالمشورة بتفلح

أقوام ومن قعر المصايب نجيّه

هذا زمن ماضي ونحنا بنمدح

أهل التواريخ والوجوه الرضيّة

أما زماني شوف ذاء الناس تئوح

جاءت مكاريب تحت لظلاع لصيّه

جاءت بشر تنكر على كل ذي صح

قلوب عن الحق والعدالة عميّه

ون قلت بتعزم وعلمظالم بتشطح

جاءت قوى ويدك ما هيه قويّه

هذا زمن جارح وبالقلب يجرح

طول السنين والنفس ما هي شفيّه





د. وائل الحساوي

[email protected]