مجلس الأمة والحكومة انفصلا تماماً عن الشارع الكويتي، رغم ما يدور كله في داخله من آراء، نتيجة لما صدر عن المجلس من توصيات وتشريعات واستجوابات لم تقترب بأي حال من الأحوال إلى آمال وطموحات المواطنين الذين أُصيبوا بالإحباط بسبب أداء النواب وتعطل التنمية، بعدما عقد هؤلاء المواطنون الآمال على ممثليهم في المجلس، لكن الأحلام تبددت مع أول مناقشة دارت فيه!
المجلس رغم ضجيجه وارتفاع النبرة فيه من جانب بعض الأعضاء المعارضين، والباحثين عن البطولات، إلا أنه لم يأتِ بجديد، ولم يقدم ما انتظر منه الشعب، حتى أن أداء بعض النواب بلغ حد التهور والإسفاف والتناقض والتطاول على رموز يكن لها رجل الشارع بالولاء والاحترام، ما تسبب في العديد من المشكلات التي أمكن احتواء البعض منها والتغاضي عن البعض الآخر.
لا ننكر أن هذا المجلس تصدى للعديد من المشكلات التي كان من الصعب مناقشتها في أي مجلس آخر، وطرح رؤيته بصراحة غير مسبوقة، لكن التطاول على الرموز والوزراء بشكل فج ومستهجن وغير مبرر أصلاً، ولا سيما في الندوات، جعل السواد الأعظم من المواطنين يغيرون قناعتهم ويرحبون برحيلهم لأنهم أصبحوا وبالاً عليهم وعلى وطنهم، بعدما توقفت العجلة الاقتصادية وتأثرت سلباً المجالات الأخرى كافة.
المواطن يطالب بخدمات أساسية ضرورية ولا يستطيع أن يتخلى عنها في هذا العصر، خصوصاً أن سعر برميل النفط وصل إلى مئة دولار، وهناك وفرة مالية كبيرة، لكن يقابلها توقف تام للحراك الاقتصادي والتنمية، وعدم وجود بوادر من السلطة التنفيذية لتدارك هذا الشلل الطويل، وقد أدى هذا، أيضاً، إلى تذمر المواطنين من عدم مبالاتها، وعدم لمس أي بوادر إيجابية في ظل الشكاوى التي تتزايد والأصوات التي تتعالى، احتجاجاً على ضعف هذه الحكومة وعدم انسجامها مع محيطها!
ديموقراطية التعيين في مجلس الوزراء، والانتخابات في غالب الأحيان، لم تعد قادرة على إيصال الكفوء القادر على العطاء والراغب فيه، بل أوصلت ومازالت توصل الطامحين في الوجاهات، المستخدمين سياسة الغاية تبرر الواسطة، والتي تأتي بطرق تقليدية عفا عنها الزمن، ومحاصصة في الميادين كافة، حتى أن بعض هؤلاء الطامحين لا يملكون مقومات الشخصية القوية والإدارية. هذا بالنسبة إلى الوزراء. أما بالنسبة إلى بعض أعضاء مجلس الأمة فإن عوامل نجاحهم غير نزيهة، لأنهم يلجأون إلى طرق ملتوية ومعروفة، فوصولهم إلى كرسي البرلمان بوابة النعيم والجاة والمال لهم. وما زاد الطين بلة تواري القادرين على العطاء وذوي الكفاءات، والذين يخافون الله من الولوج في هذا المعترك، زاهدين منافسة المتنافسين على الوجاهات وحب الدنيا. وهذا التواري والابتعاد طال به الزمن، وكان إنذاراً وتحذيراً من حال التردي التي وصل إليها أداء مجلس الأمة والحكومة معاً.
إننا مع مجلس الأمة والحكومة ولا نستطيع الاستغناء عنهما، عندما يؤديان دورهما الصحيح ويؤديان ما عليهما من واجبات وحقوق ومهام، وعلى كل مناد بالديموقراطية أن يفرح لمن ينجز ويطور ويخدم مدينته ووطنه وشعبه. نحن مع الديموقراطية الحقة، كمبدأ ثابت من ثوابت الحياة، ومعها أيضاً عندما توصل الشخص المناسب إلى المكان المناسب، ولسنا معها عندما توصل من هب ودب على الأرض تحت ظل معطيات تقليدية وفزعة جاهلية.
فيصل فالح السبيعي
محامٍ ومستشار قانوني في جمعية الصحافيين