سألت أكثر من محلل سياسي عن حقيقة شطب المرشحين، هل هو قرار قضائي بحت ام انه قرار سياسي؟ فكان جوابهم بأنه قرار سياسي مبني على قرار المحكمة وان هنالك قضايا مشابهة حكمت فيها المحكمة ولكن وزارة الداخلية لم تحكم بشطب من صدرت الأحكام ضدهم.
في اعتقادي ان حكومة الشيخ جابر المبارك قد استعجلت الصدام المبكر مع المعارضة حتى قبل ان تنتهي الانتخابات البرلمانية بالرغم من ان وزير الداخلية قد اوضح بأنه قد نأى بنفسه عن التدخل في قرارات لجنة شطب المرشحين ولم يتدخل في توجيه قراراتها، لكن يظل القرار النهائي في يد الحكومة، ومع ان اللجنة قد تنوعت في شطب مرشحين من اتجاهات عدة ولم تقتصر على مرشحي المعارضة، لكن قضية النائب السابق د. فيصل المسلم قد اعادت الى الاذهان تقصّد الحكومة له سابقا حيث تم تعطيل جلسات مجلس الامة نحو ثلاثة اسابيع من اجل التعجيل برفع الحصانة عنه، كما ان بعض الصحف التابعة لأصحاب القرار كانت تخصص الكاريكاتير اليومي لها والاستهزاء به، للطعن فيه، ما يدل على تقصد محاربته وانهاء الحياة السياسية له، ومع انني قد بينت سابقا مخالفتي لنهج المعارضة في التعبير عن معارضتها والاساليب الخاطئة التي تتبعها، لكن حرمان نائب من التعبير عن رأيه تحت قبة عبدالله السالم هي ظاهرة خطيرة متى سمحنا بها فإنها ستفتح الباب للمزيد من تقييد الحريات واجهاض مبدأ الرقابة الذي هو اساس عمل نواب المجلس، واذا كان للجريمة ثلاثة اضلاع فلماذا ركزنا على ضلع واحد وتركنا بقية الاضلاع وهو ما يتعلق بالبنك الذي سرب الشيك وبمن قام باصدار الشيك مع ان الأمر كله اساسه - كما نعرف - هو تصفية حسابات بين الكبار؟!
كرة الثلجتحيرنا في وضع البدون، فإذا كانت الحكومة قد حلت قضيتهم وقررت من يستحق منهم التجنيس ممن لا يستحق فلماذا المماطلة في اعطاء اصحاب الحقوق حقوقهم؟! واذا كانت الأمور تسير في الاتجاه الصحيح فلماذا خرج العشرات منهم الى الشوارع وهل يريد هؤلاء تصحيح اوضاعهم ام يريدون الجنسية لمن لا يستحقها وهل استخدام العنف مع هؤلاء المتظاهرين يجوز قانونا ام انه مخالف للقانون وتجرمه الأنظمة الدولية؟!
ان قضية البدون في الكويت قد اصبحت ككرة الثلج التي كلما دحرجناها كبرت وتوسعت، وهي صناعة حكومية بجدارة ولكننا كشعب قد انشغلنا بها عقودا عدة وقد اصبح يقينا لدينا عدم الجدية في حلها لا سيما ونحن نتكلم اليوم عن اجيال عدة من البدون نشأت تحت ارضنا الطيبة وترعرعت وساهمت في تصعيب حل المشكلة.
انا اثق في لجنة الأخ الفاضل صالح الفضالة لحل مشكلة البدون لكنني اعتقد بأن تطبيق تلك الحلول ما زال متعثرا ويوحي بعدم الجدية من الحكومة، كما ان اسالة الدماء في المظاهرات لها انعكاس سلبي قوي على البلد وامام المحافل الدولية، ولا شك ان هنالك ابعادا انسانية خطيرة تتعلق بموضوع البدون يتم استغلالها من مرشحين ونواب وغيرهم مما يساهم في التصعيد السياسي الذي نعاني منه اصلا في جميع المجالات.
قد يقول قائل ان التجنيس واعطاء البطاقات الأمنية يحتاج الى وقت ولا يمكن ان يتم بين يوم وليلة، فنقول لهذا القائل: اذا اطبعوا جدولا يبين تاريخ استحقاق كل شريحة واطلبوا منها المراجعة في ذلك التاريخ لتسلم الجنسية او البطاقة التي تحدد هويتها.
د. وائل الحساوي
[email protected]