د. محمد القزويني / عقلية كويتية

1 يناير 1970 06:58 ص
في مقابلة مع المرشحة د. معصومة المبارك تحدثت وبمرارة عن العقبات التي واجهتها عند مناقشة لجنة حقوق المرأة في احدى لجان مجلس الامة، فعلى سبيل المثال حين طالبت اللجنة بأن تقوم الأم الكويتية بكفالة ابنائها غير الكويتيين حين يتجاوزون سن الـ 21 ان لم يحصلوا على عمل جاءها الرد بعدم جواز ذلك بدعوى تجنيب تلك المواطنة تكاليف واعباء ابنائها البالغين وكأنهم أغراب او دخلاء على هذه المرأة، وانه من اجل الرحمة بهذه الام يتعين على ابنائها مغادرة البلد ان لم يحصلوا على عمل يضمن لهم كفالة واقامة.

منطق في غاية الغرابة يُضحك الثكلى يجدر بساسة العالم ان يتعلموه من العقليات الكويتية التي تتحكم بمصائر الناس ومقدراتهم. فهل تعجبون ان بقيت امور الكويت تراوح في مكانها الذي لايصلح الا للعيش في كهوف العصور الحجرية؟ من هنا نستطيع ان نفهم لماذا تتجه امورنا دوما متسارعة إلى الوراء عكس حركة الزمن للوصول الى اقصى نقطة تأخر وتخلف، والفضل في ذلك لتلك العقليات المتخلفة البائسة التي تحمل النظرة السوداوية المغلقة المنغلقة.

المصيبة ان تلك العقليات لا تزال تتربع على قمة هرم المسؤولية تفيض على مصالح الناس ومقدراتهم بما ينضح من تفكيرها العقيم وتفسيراتها ورؤاها وبالتالي قراراتها المجدبة الفارغة. المشكلة لدينا ادارية بالدرجة الاولى تجعلنا نفتقد الرؤية الصائبة عن تلمس ما يفيدنا مشاريع كانت او افرادا طبعا، هذا ان نحن اغفلنا المصالح الشخصية التي تمتطي تلك العقول او تعشعش على ظهورها. تلك العقليات لا تعتقد بان هناك افكارا افضل او ان هناك عالما متطورا يعيش خارج تلافيف مخها، وحتى الوزراء الذين يصعدون الى مناصبهم يفتقدون الى الرؤية فتجدهم يعتمدون على تلك العقليات المتخلفة المتحجرة ويكون النتاج مسيرة رتيبة خاملة بالأطر والاساليب ذاتها ومحاربة الافكار الاخرى واغلاق الباب امام المبدعين لتطوير المجتمع او تقدم الدولة.

هذه مشكلة الحكومة التي يتشكل قمة جهازها الاداري من اصحاب النظرات القاصرة المحدودة المفتقدة لأي تطلع مستقبلي. وما يحصل في الانتخابات لا يخرج عن ذلك أبدا فعمليات بيع الأصوات هي محاولة تلك العقول المتخشبة ملء الكروش دون التبصر بمدلولات ذلك وانعكاسه، وبالمقدار نفسه فإن شراء الاصوات في حقيته استجابة لنداء ضمير متحجر يعتقد ان مجلس الامة مقهى له يمارس فيه تدخين القدو ليناقش امور الأمة بنكهة الشاي المطبوخ على الفحم. اما التشاوريات والفرعيات فهي حلبات صراع أبناء الفريق الواحد الذي يريد كل منهم ان يجعل جميع الكرات «التيل» في حفرته «كانته» لا غير، فلا معنى للديمقراطية لديهم غير معنى التكسب والمظهر.

فلكم الله يا أهل الرؤى والأطروحات وانتم تواجهون قوى المجتمع المتخلفة على كثرتهم وفي مختلف المواقع التي لم ولن ولا تخلو منهم. وقى الله الكويت منهم ومن شرورهم ومن رؤاهم المعوجة.



د. محمد القزويني

[email protected]